كتب: يونس حمزاوي
«خلف الزي العسكري يداري عبدالفتاح السيسي ضعفه وخوفه وتذبذب شخصيته».. هكذا فسر محللون إخلاف قائد الانقلاب لوعده بعدم ارتداء الزي العسكري عندما أعلن عن ترشحه في مسرحية الرئاسة مرتديا الزي العسكري، حيث قال: «هذه آخر مرة تشاهدونني فيها بالزي العسكري".
فالسيسي بحسب الكاتب الصحفي "أسامة الرشيدي"، مغرم بالزي العسكري، يستمد منه قوته وتقديره لنفسه.
3 مرات يرتدي الزي العسكري
في خطابه الذي أعلن فيه عن ترشّحه لمسرحية الرئاسة، قال إنها ستكون المرة الأخيرة التي يراه المصريون فيها بالزي العسكري، لكنه أخلف وعده، وظهر بالبزة العسكرية مرات، كان جديدها عندما ارتدى الزي العسكري في أثناء افتتاحه أعمال تطوير ميناء سفاجا، وافتتاح قيادة الأسطول الجنوبي للقوات البحرية في الخامس من يناير الحالي. وكانت المرة الأولى عند زيارته سيناء منتصف عام 2015، بعد هجوم مسلح أودى بحياة جنود من الجيش، والثانية في حفل افتتاح تفريعة قناة السويس عندما أراد أن يظهر كأنه أحد الزعماء العظماء، لكن مشهد وقوفه في يخت المحروسة، يرتدي نظارة شمسية ويتطلع إلى القناة، أعطى انطباعا بأنه أحد جنرالات إفريقيا الذين يثيرون السخرية، مثل الجنرال عيدي أمين "ديكتاتور أوغندا السابق"، أو معمر القذافي "مجنون ليبيا.
بلا قدرات ولا كفاءة
ويشرح الخبير النفسي محمد المهدي اختفاء السيسي وراء بدلته العسكرية بقوله: "السيسي كان يبدو أكثر انسجاما وتناغما وراحة وثقة وفخرا وتألقا وهو يرتدي البزة العسكرية المزركشة، أما حين ارتدى البزة المدنية، فقد بدا أقصر قامةً وأقل حجما وأضعف بريقا، وبدت علامات الحزن والانكسار في عينيه، ولم يعد يظهر بذات القوام المشدود والحركة العسكرية».
بمعنى آخر فإن السيسي مدين للزي العسكري بما حققه، ولولاه لما كان شيئا على الإطلاق، فالمنقلب في حقيقة الأمر لا يملك قدرات خاصة به أو كفاءة تؤهله وتميزه عن سواه. ولذلك، يريد استعادة تلك القدرات المزعومة، عندما يرتدي الزي العسكري بعد أن وعد بعدم ارتدائه مجددا.
مغرم بالسادات
وبحسب متابعين، فإن قائد الانقلاب مغرم بالرئيس الأسبق محمد أنور السادات، يتقمص شخصيته، فقد ارتدى السادات الزي العسكري أيضا عندما أعاد افتتاح قناة السويس عام 1975 بعد حرب أكتوبر.
كان السادات أيضا مغرما بالزي العسكري، ويحرص على ارتدائه في مناسبات عديدة، فيما لم
يعرف عنه تحقيق أي إنجاز عسكري، وكان مجرد ضابط لاسلكي في سلاح الإشارة لثلاث سنوات فقط، قبل فصله من الجيش في العهد الملكي، حتى عاد إلى الخدمة قبل يوليو 1952 بفترة قصيرة، ومن بعدها لم يحتك السادات بالجيش، وعمل في وظائف مدنية حتى اغتياله.
لكن السيسي يعتبر السادات أحد ملهميه، وحكى في أحد التسريبات أنه يرى أن السادات أخطأ عندما سحب قراراته الخاصة برفع الدعم عن السلع الأساسية بعد اندلاع انتفاضة 1977، كما حكى عن حلم رأى فيه السادات، وأخبره فيه أنه سيصبح رئيسا لمصر.
على خطى المشير عامر
حرص السيسي أيضا على منح نفسه رتبة "المشير"، قبل أن يترك الجيش ليترشح للرئاسة، على الرغم من أنه من المفترض أن يحصل على هذه الرتبة الضابط الذي خاض حربا وانتصر فيها، لكن السيسي لم يخض أي حربٍ منذ تخرجه من الكلية الحربية عام 1977، لكنه الحرص على بلوغ أقصى ما يمكن تحقيقه في السلك العسكري الذي لم يعرف غيره طوال حياته، وبالتالي أصبح مثل المشير عبد الحكيم عامر الذي أعطى لنفسه هذه الرتبة من دون أي استحقاق، على الرغم من انقطاع صلته بالعسكرية.
"ما أريكم إلا ما أرى"
لا يقتصر ارتباط السيسي بالعسكرية على الزي فقط، فشخصيته أيضا اكتسبت كثيرا من تلك السمات، ومن أبرزها الاعتداد بما هو عليه، والمضي على منهج فرعون "ما أريكم إلا ما أرى"، فمن صفات الشخصية العسكرية عدم تقبلها للرأي الآخر، وتعوّدها على إلقاء الأوامر من دون مناقشة، وهو ما يبدو أن السيسي لا يختلف فيه عن أي ضابط آخر، ففي أول لقاء تلفزيوني له عقب إعلانه الترشح لمسرحية الرئاسة، وأول ظهور له بالزي المدني بعيدا عن الزي العسكري، حذّر إبراهيم عيسى من أن يقول كلمة "عسكر"، وقال إنه لن يسمح له بقول تلك الكلمة مرة أخرى. وتكرّر الأمر نفسه في حوار السيسي مع ثلاث قنوات فضائية، موجها كلامه للمذيع الذي قال له إن بعضهم يرى أن "مصر تتسوّل"، في إشارة منه إلى مساعدات الدول العربية، فكان رد السيسي نهيه عن قول تلك الكلمة. وعندما حاول المذيع توضيح وجهة نظره، قاطعه مرة أخرى بقول كلمة "لا" أكثر من خمس مرات.
وفي خطابه في فبراير 2015، طالب السيسي المصريين بعدم الاستماع إلى أحدٍ غيره، وعندما كان يبرّر التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، طالب المصريين بعدم الحديث في الموضوع مرة أخرى، معتبرا أن من يتحدث عن الموضوع فإنه "يسيء لنفسه". وعندما أنهى السيسي كلمته، وطلب أحد الحضور الكلمة، قال السيسي إنه لم يأذن لأحد بالكلام. قائلا إنه لم يعط "الإذن" لأحد بالكلام.
من سمات الشخصية العسكرية أيضا الاهتمام بالشكل على حساب الجوهر، والدعاية على حساب الحقيقة، بغض النظر عن أي نتائج أخرى، وقد رأينا إصرار السيسي على افتتاح تفريعة قناة السويس خلال عام من أجل الحصول على الدعاية التي يريدها، ولو أدى ذلك إلى ارتفاع رهيب في كلفة الإنشاء، واستنزاف الاحتياطي النقدي الذي لا زالت البلاد تعاني منه، وذلك كله من أجل "هدية مصر إلى العالم"، وهي هدية لم يعد يحتاجها العالم، بعد انخفاض حركة التجارة العالمية، ما أدى إلى انخفاض دخل القناة بصورة كبيرة، وجاء خبر الإعلان عن قطار نقل البضائع من الصين إلى بريطانيا ليمثل الضربة القاضية لحركة النقل عبر القناة التي لا شك ستتأثر بشدة.