كتب: إسلام محمد
ليست مجرد انتخابات نقابية، بل تعتبر مؤشرا دقيقا للحركة الوطنية واتجاهات الرأي العام في مصر، وتشهد على الدوام صراعا بين الشارع والدولة على من يستطيع السيطرة، وفي الغالب يتم التوازن بين الاتجاهين الثوري والحكومي في تشكيلات النقابة، بحيث يتم تقاسم مقاعد النقيب والمجلس وفقا للحالة السياسية المسيطرة على البلاد.
ويعتبر سلم نقابة الصحفيين دفتر أحوال يعبر بشكل كبير عن واقع الشعب المصري، عن مشاكله وطموحاته واحتجاجاته. ويستطيع الراصد للوقفات التي يشهدها سلم النقابة أن يرصد بسهولة أهم الأحداث التي وقعت في مصر خلال السنوات الأخيرة.
ويخشى المتابعون للشأن النقابي في مصر من أن يتم تأميم النقابة بعد الانتخابات التي تشهدها يوم الجمعة المقبل، 3 مارس 2017، بحيث يرفع عبدالمحسن سلامة، المرشح لمنصب النقيب، راية الرفض للممارسات التي حرص النقيب الحالي يحيى قلاش على استمرارها، من حيث الوقفات الاحتجاجية، وحرق العلم الصهيوني، وعقد الندوات السياسية والثقافية التي ربما تتضمن معارضة للنظام، رغم أن الدورة الأخيرة تعتبر الأقل في مساحة الحرية المتاحة داخل النقابة؛ بسبب القمع الذي تفرضه الدولة على كافة روافد الدولة في مصر، بما فيها نقابة الحريات، بدليل أنها شهدت اقتحام النقابة للمرة الأولى في تاريخها، والقبض على اثنين من الصحفيين من داخلها "بدر وبسيوني"، بالإضافة إلى إصدار حكم بحبس النقيب والوكيل والسكرتير العام للمرة الأولى في تاريخ العمل النقابي، بما يعني أن تلك الدورة كانت الأسوأ في الحريات النقابية، إلا أنها مع ذلك ما تزال تمثل شوكة في ظهر الحكومة، وعظمة لم تتمكن من التقامها كما فعلت مع باقي النقابات التي كان من السهل تأميمها والسيطرة على أعضائها، وضبط بوصلتهم نحو التوجه الرسمي للدولة.
وتواجه الدولة- ومرشحها المفترض عبدالمحسن سلامة- أزمة في إقناع أعضاء الجمعية العمومية للصحفيين بتفضيل الخدمات على الحريات والكرامة، والتي يراهن عليها يحيى قلاش وعدد من المرشحين لمجلس النقابة، وعلى رأسهم خالد البلشي وعمرو بدر.
ويسعى المرشحان الأكثر فرصا في الفوز "سلامة وقلاش" للفوز بأكبر حصة من الأصوات، والتي يركز "قلاش" على الراغبين في الاحتفاظ بدور ما للنقابة في الدفاع عن الحريات والمشاركة في العمل الوطني، فيما يغازل "سلامة" هؤلاء الذين رأوا أن النقابة تجاوزت دورها المهني وانخرطت في العمل السياسي، والراغبين في تعديل الأجور وزيادة البدل والارتباط بعلاقة جيدة مع المؤسسات الحكومية التي يمكنها خدمتهم، وانتشالهم من حالة الفقر التي بدأت في التسرب إلى قطاع من الصحفيين، خاصة مع ارتفاع الأسعار وثبات الرواتب، وغلق عدد من الصحف، واستبعاد وفصل صحفيين لأسباب مختلفة.
ويبقى الرهان على الطرف الذي سيتمكن خلال اليومين الباقيين من تغليب وجهة نظره، واجتذاب عدد أكبر من الصحفيين إلى صفه.
وعلى صعيد آخر، أرجأت محكمة القضاء الإداري نظر دعوى الزميل حسن القباني، المرشح لعضوية مجلس النقابة والمحبوس احتياطيا على ذمة قضية ملفقة، لحين إحضاره إثباتا أنه محبوس احتياطيا.
وكان "القباني" قد تقدم بطعن على قرار استبعاده من انتخابات النقابة رغم استيفائه كافة الشروط والمستندات. واللافت أن الموعد الذي حددته المحكمة لاستكمال نظر الدعوى هو 5 مارس، أي بعد موعد إجراء الانتخابات بيومين!.
ويشير مراقبون إلى أنه ربما تعتبر هذه الانتخابات الأصعب في تاريخ العمل النقابي، بالنظر إلى التحديات التي تواجه العمل الصحفي، وتهديد 3 من أبرز قيادات النقابة الحاليين بالحبس، واستمرار اعتقال نحو 100 صحفي في أوضاع حجز سيئة. وهي الظروف التي لم تكن تحيط بأي انتخابات سابقة.
كما تعتبر تلك الانتخابات الأمل الباقي للراغبين في التعبير عن آرائهم على سلالم النقابة التي يخشى البعض من تأميمها، وتحويلها من ساحة للتعبير عن الرأي والصراخ في وجه الظلم إلى مجرد "درج"، يصعد عليه الأعضاء ويهبطون لاستخراج "الكارنيه" وتناول القهوة في الدور الثامن!.