رانيا قناوي
تناول الكاتب الصحفي فهمي هويدي قضية تحقيق أجهزة التفتيش والرقابة بوزارة الداخلية مع ٣٠ ضابطا وأمين شرطة وردت أسماؤهم فى التحقيقات التى تجريها النيابة العامة مع تاجر المخدرات الشهير (كفتة)، بعد ضبطه أثناء تسلم صفقة مخدرات بأحد أحياء القاهرة، إذ كشفت التحقيقات عن تورط لواء شرطة وعدد آخر من الضباط من مختلف الرتب معه، ونقل عن مصدر أمنى إن هدم "كافيتريا" خاصة بالمتهم ضمت حملات إزالة المقاهى المخالفة كانت وراء كشف خلاف بين التاجر وأحد الضباط، لأن الأخير لم يقم بما عليه فى حماية المقهى، الأمر الذى سبب له خسائر قدرت بنحو مليون ونصف المليون جنيه.
وأضاف هويدي خلال مقاله بصحيفة "الشروق" في عددها المنشور صباح اليوم الخميس، أن تحريات أجهزة وزارة الداخلية أفادت بأن المتهم صاحب المقهى كان يخزن المخدرات بأحد المدافن، وأنه سبق اتهامه فى عدة جرائم، الأمر الذى أدى إلى تصنيفه «مسجل خطر فئة أ»، كما أنه كان أحد أعوان قيادة بالحزب الوطنى المنحل (فى عهد مبارك). وقد اتهم فى جريمة قتل أثناء ثورة يناير، وألقى القبض عليه، وسجن ثلاث سنوات، قبل نقله إلى منطقة سجون طرة وتخصيص غرفة خاصة له مجهزة بجميع الأجهزة الكهربائية، قبل أن يخرج من السجن ويتولى حماية أحد مرشحى البرلمان بدائرة الخليفة.
ونوه إلى انه فى التحقيق مع المتهم ذكر أن له علاقات متعددة واتصالات مع عدد كبير من ضباط الشرطة، وقد تم رصد عدة مكالمات له مع آخرين من الضباط كان أحدهم برتبة لواء. وأثناء التحقيق مع ثلاثة من أولئك الضباط أنكروا الاتهامات المنسوبة إليهم، وقالوا إنهم على علاقة بالمتهم، لكن ليست لهم صلة بتجارة المخدرات، وقد أورد التاجر أسماءهم نكاية فيهم لعدم التعاون معه فى تجارته، كما أمر المحامى العام الأول لنيابات شمال الجيزة، بحبس رئيس مباحث قسم شرطة شبرا الخيمة ثان واثنين من معاونيه أربعة أيام على ذمة التحقيقات لاتهامهم بالاتجار فى الأسلحة، على خلفية القبض على شبكة للاتجار فيها، وفي شهر فبراير ضبط أحد الأشخاص وبحوزته ٢٢ سلاحا ناريا. وبلغ عدد المتهمين فى القضية تسعة أشخاص بينهم ٣ من تجار الأسلحة وأمينا شرطة وعاطل.
ونبه على تقرير نشره موقع «المصرى اليوم» بتاريخ ١٦/١١/٢٠١٦، وتضمن قائمة بالجرائم التى وقعت على مدى العام (٢٠١٦) وكان المتهمون فيها ضباطا وأمناء شرطة. وتراوحت تلك الجرائم بين القتل والاتجار فى المخدرات والتزوير والسرقة، مؤكدا أن الانحراف لم يعد مجرد حالات فردية ولكنه أصبح ظاهرة فى محيط الشرطة يتعذر التقليل من شأنها، كما أن نوعية الجرائم التى ضبطت ليست مألوفة (تجارة السلاح مثلا) فضلا عن أن نفوذ تجار المخدرات فى قطاع الشرطة مثير للانتباه (تورط أحد اللواءات وتوفير كل الأجهزة الكهربائية لأحدهم فى سجنه).
وقال إن تاجر المخدرات أدين فى قتل أحد المتظاهرين أثناء ثورة ٢٥ يناير، وكان ضمن معاونى أحد المرشحين للانتخابات البرلمانية، كما أن الكلام كله عن انحرافات رجال الشرطة فى القضايا الجنائية، فى حين أن ما يحدث فى القضايا السياسية مسكوت عليه ولا ذكر له، فضلا عن إن المقاهى المخالفة التى غزت الأحياء الهادئة وأشاعت فيها الفوضى و إزعاج السكان أقيمت إما تحت حماية الشرطة أو بالمشاركة مع ضباطها.
وأضاف هويدي إن دور الشرطة فى حماية المجتمع لا غنى عنه ولا ينبغى التقليل من شأنه، لكن ظاهرة الانحراف الاستثنائية بين عناصرها تتطلب تحقيقا نزيها يتحرى الأسباب الكامنة وراء ذلك. خصوصا صلتها بنهج إماتة السياسة وعواقب إطلاق يد الأمن فى التعامل مع المجتمع دون مراجعة أو مساءلة له. وهو ما أعطى انطباعا بأن الشرطة فوق المجتمع والقانون وليست تحتهما. وهو ما أدى إلى زيادة حجم البقعة السوداء فى الثوب الأبيض.