كتب يونس حمزاوي:
في رسالة لا تخفى دلالتها لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وعصابته، بثت قناة «mbc» السعودية خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين فيلما حول مساوئ وبشاعة الانقلاب العسكري الذي وقع في أوغندا عام 1971، على يد الجنرال عيدي أمين، الذي عزل الرئيس ميلتون أوبوتي. وحول بلاده إلى سلخانة تعذيب وقتل لمجرد الاشتباه حتى تمت الإطاحة به عام 1979، وعودة الرئيس المعزول إلى سدة الحكم من جديد من عام 1980 حتى 1985م.
وحسب مراقبين، فإن بث أشهر قناة سعودية تبث للعالم العربي كله فيلما من هذه النوعية يأتي على خلفية التوتر الحادث بين الإدارة السعودية وسلطات الانقلاب في مصر على خلفية عدد من الملفات، أهمها أزمة تيران وصنافير التي باعها قائد الانقلاب للجانب السعودي، وتقاضى عربونا للقيام بعملية البيع، عبارة عن مساعدات مالية ونفطية هائلة، ودعم كبير لانقلابه منذ منتصف 2013، إلا أنه عجز عن تسليم الجزيرتين للجانب السعودية على خلفية الرفض الشعبي الجارف، وأحكام القضاء الإداري التاريخية التي أكدت مصرية الجزيرتين.
كما تبدي المملكة استياءها الواسع من توجهات قائد الانقلاب وانحيازه للمشروع الإيراني في المنطقة عبر دعم السفاح بشار الأسد في سوريا والحوثيين في اليمن، إضافة إلى دعمه للهيمنة الروسية على المنطقة سواء في سوريا أو دعمها لبسط نفوذها على ليبيا عبر الجنرال خليفة حفتر.
تفاصيل الفيلم المثير
«آخر ملوك اسكتلندا» وبالإنجليزية «The Last King of Scotland» هو الفيلم الذي تناول انقلاب أوغندا عام 1971 ويحمل نفس اسم رواية من بطولة الممثل فوريست ويتاكر الذي فاز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل رئيسي عن دوره في هذا الفيلم عندما جسد شخصية الجنرال عيدي أمين حاكم أوغندا منذ 1971 إلى 1979. والفيلم من إخراج كيفين ماكدونالد.
قصة الفيلم
تدور قصة الفيلم عن الطبيب الاسكتلندي نيكولاي كاريجان (جيمس مكافوي)، متخرج حديثًا، ينحدر من عائلة ثرية، يسعى للابتعاد عن سيطرة والده، فيقرر السفر إلى أوغندا (أول مكان يقع عليه أصبعه عندما يدير الكرة الأرضية، لكنه لم يكن كذلك لأن أول مكان وقع عليه أصبعه كان كندا فحاول مرة أخرى).
عندما يصل إلى أوغندا يبدأ بممارسة الطب في القرى الصغيرة بمساعدة طبيب بريطاني (آدم كوتز) وزوجته (جيليان أندرسون)، وفي أحد الأيام يجدون أنفسهم في وسط انقلاب عسكري على الحكومة الشيوعية التي تحكم البلاد، ويصبح الجنرال عيدي أمين (فوريست ويتاكر) الحاكم العسكري الجديد للبلاد.
عيدي أمين كان وحشا وسفاحا، اعترف بحسب الفيلم أن بريطانيا هي من جاءت به للحكم ودعمت انقلابه حيث كان يعمل خادما للجيش البريطاني، تسبب الديكتاتور بمقتل عشرات الآلاف من الشعب الأوغندي ولا سيما معارضيه ورافضي انقلابه.
وتقود الظروف الطبيب الشاب كاريجان ليصبح صديقا للجنرال وطبيبه الشخصي. في البداية تسحره الشخصية المرحة والجذابة للجنرال. لكنه سرعان ما يبدأ باكتشاف الجرائم التي يرتكبها هذا السفاح ضد شعبه، عبر موظف في السفارة البريطانية.
ويبرز الفيلم فرحة الشعب الأوغندي في بداية انقلاب عيدي أمين على الرئيس أوبوتي، حيث خدر الشعب بخطبه الرنانة ووعوده المعسولة والشعارات البراقة الرنانة ولكنه بلاده رويدا رويدا تحولت إلى سجن كبير وسلخانة للتعذيب والقتل لمجرد الاشتباه حتى قيل إنه قتل ما يقرب من ربع مليون مواطن أوغندي وسط أزمة اقتصادية متفاقمة وعجزه عن حل المشكلات والأزمات وعدم وفائه بمعظم وعوده التي ذهبت أدراج الرياح؛ حتى استحالت بلاده إلى جحيم لا يسمع فيها إلا البكاء والعويل في كل مكان.
شاهد خطبة ديكتاتور أوغندا في بدايات انقلابه ووعود البراقة وهستيريا الجماهير به:
من هو ديكتاتور أوغندا؟
عيدي أمين دادا (1925-16 أغسطس 2003) ويعرف باسم عيدي أمين، هو رئيس أوغندا الثالث في الفترة بين عامي 1971 و1979. ويوصف دائما بالدكتاتور العسكري.
انضم إلى قوات الاستعمار البريطاني العسكرية، وبالتحديد في الكتائب الإفريقية (بالإنجليزية: King”s African Rifles) التي تواجدت في شرق إفريقيا ذلك الوقت. بعد ذلك وصل أمين إلى رتبة لواء وتولى قيادة الجيش الأوغندي.
قام عيدي أمين بانقلاب عسكري في يناير 1971، وعزل الرئيس ميلتون أوبوتي الذي رقاه وعينه قائدا للجيش. وكان حكم عيدي أمين معروفا بانتهاك حقوق الإنسان والقمع السياسي والتمييز العنصري، والإعدامات غير القانونية وطرد الآسيويين من أوغندا. أعداد القتلى وقت حكمه غير معروفة. لكن تقديرات المراقبين الدوليين ومنظمات حقوق الإنسان هي أن الاعداد ما بين 100.000 إلى 500.000 قتيل.
عام 1975-1976 أصبح أمين رئيس منظمة الوحدة الإفريقية، وهي مجموعة لعموم الأفريقيين تهدف إلى تعزيز التضامن بين الدول الأفريقية. في الفترة ما بين 1977-1979 ضُمت أوغندا إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
ملقب بـ"آخر ملوك اسكتلندا" وذلك لإعجابه الشديد باسكتلاندا ومحاولته الاقتداء ببروتوكولات العائلات المالكة، شابت فترة حكمه الصراعات الأهلية الشديدة بين الأعراق المختلفة بأوغندا وشهد عصره عنفاً مستمراً واغتيالاتٍ للمنافسين السياسيين، اتهم من القوى الغربية بالديكتاتورية، يقدر عدد القتلى في فترة حكمه ما بين 80 ألفاً و 500 ألف على حسب تقديرات المنظمات الغربية وتشكك منظمات أخرى بذلك في إطار التسييس "البروباجندا" ضده.
بين عامي 1977 حتى 1979، أعطي عيدي أمين نفسه ألقابا منها صاحب السعادة ورئيس إلى الأبد (بالإنجليزية: President for Life)، والمشير أو الفيلد مارشال، والحاج والدكتور. ومن الألقاب أيضا عيدي أمين دادا وصليب النصر وقاهر الإمبراطورية البريطانية. وجمع هذه الالقاب في مقدمة واحدة طويلة هي فخامة الرئيس المشير الحاج الدكتور عيدي أمين دادا.
في عام 79 تم الإطاحة بعيدي أمين واستبعاده إلى السعودية؛ حيث ظل مقيما في جدة حتى وفاته في عام 2003.