اعتبرت وكالة أسوشيتد برس أن تزايد الانتقادات الحادة لسياسات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي دليلاً على تآكل صورته وتعكس تراجعًا حادًا في شعبيته.
وفي تقرير للوكالة السبت 14 نوفمبر تحت عنوان "مشكلات مصر تتسبب في تآكل صورة السيسي الذي لا يقهر"ـ علقت الوكالة على انتقادات مذيعة القناة الثالثة في التلفزيون المصري عزة الحناوي بقولها: "كانت انتقاداتها حادة ومذهلة، خصوصا أنها جاءت من مقدمة برامج بالتلفزيون المصري".
انتقادات عزة الحناوي
وأشار التقرير إلى أن معظم وسائل الإعلام المصري لا يفعلون شيئا سوى امتداح السيسي، منوهًا بما قالته الحناوي في إحدى الحلقات غرة نوفمبر الجاري حيث طالبت السيسي باتخاذ موقف تجاه حالات الوفاة الناجمة عن السيول التي ضربت المناطق الشمالية، وانتقدت سياسات السيسي بقولها: "طالما لا يخضع أحد للمساءلة، ستظل فقط تتحدث وتقدم وعودا دون نتائج. ولذلك يشعر الناس بالإحباط" وهو ما أدى إلى وقف الحناوي بقرار فوري بذريعة "ارتكاب سلوك غير مهني".
واعتبرت أ.برس أن انتقادات الحناوي الصريحة تعكس تآكل هالة السيسي "الذي لا يقهر"، التي كان يتمتع بها في وسائل الإعلام ووصفه بمنقذ مصر.
ويشير التقرير إلى أن عوامل نجاح السيسي توافرت بشدة حيث لم تكن هناك معارضة تذكر خصوصا بعد انضمام غالبية الأحزاب العلمانية لقائمة المطبلين للسيسي في الوقت الذي سحق فيه جماعة الإخوان وقتل المئات وزج بالآلاف من أنصارها داخل السجون والمعتقلات بعد الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب.
ويدافع التقرير عن النشطاء العلمانيين لافتا إلى أنهم لم ينجوا من ذات المصير، إذ جرى حبس العشرات منهم، أغلبهم بتهمة خرق قانون التظاهر.
كارثة الطائرة تزيد حالة السخط
ويضيف التقرير أن هواجس القلق بشأن الاقتصاد تضاعفت بفضل تحطم طائرة الركاب الروسية في شبه جزيرة سيناء، الذي أسفر عن مقتل 224 كانوا على متنها.
حيث قررت روسيا تعليق رحلاتها الجوية لمصر، وأوقفت رحلات مصر للطيران إلى أراضيها، وهي أمور من المرجح أن تترك تأثيرًا مدمرًا على السياحة.
السخرية من تصريحات السيسي
وتهكم التقرير على قلة صبر السيسي تجاه النقد، ونقلت كلامه غاضبًا: "ما يصحش كدة، ما يصحش كدة، إحنا بنتجاوز كل حاجة، ما يصحش كدة"، تعليقا على انتقادات أحد الإعلاميين بلقاء السيسي برجل أعمال غربي بينما كانت الإسكندرية تغرق بالسيول. ومضى السيسي يقول: “انتو بتعذبوني إني جيت وقفت هنا". وأكدت الوكالة أن خطاب السيسي قوبل بسخرية لاذعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما رصد التقرير بسخرية ردود السيسي التي وصفها بالعاطفية بشأن أزمة السياحة ردا على سؤال مراسلة تلفزيونية الأربعاء حيث أجاب : «مش هناكل؟ ما ناكلش، نجوع يعني؟ نجوع، إيه المشكلة يعني؟ لكن بلادنا في سلام وأمان، وبنطلع لأدام، والنجاح واضح ولسة هانستمر إن شاء الله».
ويلفت التقرير إلى أن الغضب والتذمر لا يشكلان تهديدًا مباشرًا لحكم السيسي ولكنه شدد على أن "تبلد الحماس" قد يمثل تحولا في شعبيته.
تآكل شعبية السيسي
ويؤكد التقرير أنه لا توجد استطلاعات رأي يعتد بها لقياس شعبيته السيسي. ولكنه اعتبر ضعف الإقبال خلال المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، والتي بلغت 26.6 % بحسب تصريحات رسمية فسرها معلقون، بينهم مؤيدون، على أنها برهان عدم ثقة الشعب في العملية السياسية التي يشرف عليها السيسي، وتعكس حالة الغضب تجاه الاقتصاد.
ويبرهن التقرير على تأكل شعبية السيسي أيضا بأن العديد من الجماعات شنت احتجاجات للتعبير عن مظالم شتى، بالرغم من عدم كبر أحجام المظاهرات، وتركيزها على مطالب محددة، لا قضايا سياسية كبيرة.
وينقل التقرير تبريرات عماد الدين حسين رئيس تحرير صحيفة الشروق اليومية ودفاعه المستميت عن السيسي بقوله: "هذه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية تتجاوز نطاق سيطرة السيسي. من المستحيل أن تقول بشكل دقيق إذا ما كان الرئيس يفقد شعبيته، لكنه إحساس عام يراود الكثيرين".
حتى لميس الحديدي تلوم السيسي
ويرى التقرير أن أسباب التذمر تتضمن السيول، وضعف قيمة العملة المصرية، والتداعيات السلبية التي صاحبت القبض على مالك صحيفة خاصة، والاحتجاز العسكري لناشط حقوقي وصحفي بارز.
وتشير أ. برس إلى أن لميس الحديدي المصنفة ضمن أقوى أنصار السيسي قد ألقت اللوم بشكل غير مباشر على السيسي، بشأن واقعتي القبض على صلاح دياب ونجله والناشط الصحفي والحقوقي حسام بهجت. وهو ما انعكس بالسلب على مناخ الاستثمار وسجل الحريات الفقير أساسًا.
وينقل التقرير تحذيرات الحديدي بأن النظام سوف يدفع "ثمنا سياسيا باهظا"، وأضافت: "ينبغي أن نمتلك عقلية سياسية تدير تلك البلاد، عقلية تأخذ في اعتبارها إذا ما كان الثمن باهظًا".
سلطات مطلقة للشرطة
ويستدل التقرير كذلك على تآكل شعبية السيسي بملف حقوق الإنسان، والذي بدأ حتى بعض أنصار السيسي يشعرون بالقلق لأن الأمر تجاوز الحد بصورة مبالغ فيها.
ويتناول التقرير موجة الاختفاءات القسرية لنشطاء شباب، فيما تنكر الشرطة علاقتها بذلك في الوقت الذي يؤكد فيه البرلماني السابق وعضو جبهة الإنقاذ التي شاركت بقوة في الانقلاب على التجربة الديمقراطية الدكتور وحيد عبدالمجيد الذي أكد أن "الأجهزة الأمنية لديها السيطرة الكاملة، حيث منحهم السيسي السلطة لإنهاء الحياة السياسية في مصر لأنه يرى أنها تعترض طريقه".