أخطر تقرير امريكي عن التعامل مع الشرق الأوسط خلال فترة ترامب

- ‎فيعربي ودولي

 كتب- محمد مصباح

صدر مؤخرا، تقرير عن مجلس الأطلنطي في واشنطن، برئاسة شخصيتين من الحزبين الديمقراطي (مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية أيام كلينتون)، والجمهوري (ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي في عهد بوش)، ويرى التقرير أن الولايات المتحدة تحت الإدارة الجديدة لترامب لا تحتاج لا إلى خطة مارشال جديدة، ولا إلى غزو جديد كما حدث مع العراق.

 

يحتوي التقرير على النتائج التي توصلت لها ما يسمى "مجموعة عمل استراتيجية الشرق الأوسط"، التي بدأت عملها في فبراير 2015 لمناقشة "القضايا الكامنة وراء فشل الدولة والشرعية السياسية التي تدفع إلى التطرف العنيف، وتهدد المصالح الرئيسية المشتركة على نطاق واسع في منطقة الشرق الأوسط وبقية العالم".

 

تضمن التقرير عبارات تشير إلى أهداف عامة يتفق عليها الكثيرون كتعزيز المشاركة السياسية، وتمكين الشباب والمرأة والمجتمع المدني، ودعم الاقتصاد والأنشطة التجارية، ومساعدة ودعم اللاجئين، وإنشاء صندوق لإعادة الإعمار، وضرورة مساعدة الخارج للمنطقة بطرق تختلف عما كان يحدث في الماضي، وغير ذلك.

 

وتطرق التقرير باستحياء شديد إلى حل الدولتين لما يسميه "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، مؤكداً أهمية "بناء المؤسسات الفلسطينية"، و"تشجيع إسرائيل على تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع السلطة الفلسطينية".

 

وأكد التقرير على أمرين أساسيين من الواضح أنهما يمثلان مدخلاً جديداً للتعامل مع المنطقة بعد عقود من التدخل الغربي المباشر أو غير المباشر، هما دعم الإدارة المحلية للمدن والمحافظات داخل الدول العربية، وإقامة منظومة تعاون إقليمية شرق أوسطية تركز على التعاون الأمني والاقتصادي والسياسي، وهذا يعني عملياً فتح الباب على مصراعَيه لدولة الاحتلال الإسرائيلي بعد أن تتم تصفية المشكلة الفلسطينية.

 

الحكم الجيد

 

ودعا التقرير لتعزيز ما سمَّاه "الحكم الجيد" في دول المنطقة، مؤكداً أن الأولوية لتحقيق هذا الهدف هو لدعم "الإدارة المحلية" داخل كل دولة بغرض محاربة الإرهاب والفساد وتوفير الخدمات.

 

ويترك التقرير لحكومات المنطقة حرية تحديد "المعايير" الخاصة بهذا الأمر لإصلاح أوضاع بلدانهم، حسب ما جاء في التقرير، أي أن الحكومات القائمة الآن هي المدعوة إلى تحديد ما يناسبها وما لا يناسبها، وهذا أمر نوقش في اجتماعات منسقي المشروع مع بعض قادة المنطقة وسفرائهم في واشنطن.


إضعاف الحكومات المركزية

 

ورفض التقرير فكرة إعادة رسم الحدود في الوقت الراهن في ظل الصراعات الراهنة، إلا أنه يشدد على فكرة الإدارة المحلية للمدن، ما يعني عملياً إضعاف الحكومات المركزية والدول ذاتها كما الحال التي آلت إليه العراق منذ الاحتلال.

 

التقرير عندما يتحدث عن سوريا والعراق يرى أن تقوية وتعزيز استقلالية الإدارة المحلية للمدن أمر ضروري في ظل تأكيد التقرير أن صراعات المنطقة لن تتوقف وستستمر لوقت طويل.

 

في حالات أخرى تمت معالجة الحروب الأهلية وفساد واستبداد الحكومات بطرق مختلفة تماما. الحروب الأهلية تُعالج برفع يد الأطراف الخارجية ووقف مد الأطراف المتحاربة بالسلاح، وبوساطة دولية وباتفاقيات تقر وقف إطلاق النار والبدء في عملية مصالحة سياسية بضمانات دولية محددة وواضحة.

 

كما أن فساد واستبداد الحكومات يتم بالتركيز على هدف جوهري واحد هو بناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية على المستوى الوطني، عبر عملية تحول ديمقراطي واضحة الأهداف والمسار، وبدعم من الخارج في بعض الأحيان، أما تقوية الإدارة المحلية فهي جزء من ذلك التحول ومن عملية سياسية حقيقية وشاملة تقوم على حكم القانون، وحماية الحريات السياسية والمدنية الرئيسية، وإقرار المواطنة الشاملة والكاملة، وانتخابات حرة ونزيهة وفعّالة، وتداول سلمي على السلطة بين أحزاب مدنية، وفصل حقيقي بين السلطات.

 

أما الإرهاب أو التطرف العنيف فهو نتيجة مباشرة لغياب هذه الحلول الشاملة إن بشأن مشكلة فلسطين أو في شأن مسألة الحروب المسلحة وفشل الحكومات. وبالتالي لن تحقق الحلول الجزئية ولا الحلول الأمنية أي نتيجة في هذا الشأن، اللهم إلا تعزيز التطرف والإرهاب، وإطالة عمر الصراعات بالمنطقة واستمرار مسلسل التفتيت والتجزئة.

 

التقرير يقدم استراتيجية جديدة تعبر عن شراكة بين الخارج وبين شعوب المنطقة، وعن صوت الشعوب حول الممكن والواجب فعله لمعالجة مشكلات المنطقة، لكن الحقيقة أن الشعوب حينما خرجت إلى الميادين لم تطالب لا بحكم محلي ولا بتعاون إقليمي، وإنما بحكومات حرة وديمقراطية وعدالة اجتماعية، وهي ستستمر في نضالها حتى تصل إلى أهدافها تماماً، كما ناضلت شعوب أخرى ضد الاستبداد والاحتلال والعنصرية.