كتب سيد توكل:
بات من حكي المحكي الحديث أن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي يستبيح سيناء، كما لو أن سكانها غزاة جاءوا من الخارج، كراهية الجيش تنمو مثل الحشائش على ضفاف نهر الدم الذي شقه الانقلاب في صدور أهل سيناء، مظالم الناس ينوء بحملها البعير بعدما قسمت ظهره بالأمس طلقات رصاص عسكرية أصابت صبي عمره 17 عامًا، غرب مدينة رفح الحدودية.
في مدينتي رفح والشيخ زويد غيب الجيش عنهما مظاهر الإنسانية، وتحدث مسن يجلس أمام بقايا منزله الذي هدته جرافات السيسي، ويقول "هنا سيناء التي لا يعرفها أحد، سيناء القهر والحظر والظلم".
من جانبه، قال الدكتور جمال عبدالستار، القيادي بجماعة الإخوان: "لا أظن أحدا أسعد بحال مصر اليوم من الصهاينة المحتلين، فقد تحققت لهم الأحلام وصارت واقعا مدهشا، فها هي سيناء تعود لهم كاملة أرضا بلا شعب، أرضا بلا مقاومة، أرضا بلا جيش، وها هي تطمئن على حدودها المؤقتة، بل تتوسع داخل مصر دون عناء أو تبعات. فقد كان الصهاينة يحلمون بجدار عازل يمنع الحياة عن المقاومة الفلسطينية، فأقام لها السيسي جدارا عازلا، ومنطقة معزولةً وشعبا مٌهجرا".
وأضاف "ها هو الجيش السيساوي يدمر أهل سيناء، ويعاقبهم على بطولاتهم وصمودهم ووطنيتهم بالقتل والتهجير. ونعم، من حق الصهاينة المحتلين أن يغنوا وينشدوا: سينا رجعت كاملة لينا.. لا.. بل أن يغنوا: مصر رجعت كاملة لينا.. نحن اليوم في عيد!".
سيناء باللون الأحمر
الحسرة ترتسم على وجوه أطفال سيناء المحاصرين برصاص الجيش والتهجير وهدم منازلهم وحرق أشجارهم وفرض حظر تجوال وحصار منذ نحو عامين.. يقول سكان في مدينة الشيخ زويد إن الجيش أبى إلا أن تتشح سيناء باللون الأحمر، بعد أن شهد الأربعاء الماضي مقتل ثلاثة أطفال برصاص عشوائي أطلق من حواجزه المنتشرة في منطقة أبو طويلة.
ويرى الناشط السياسي والحقوقي في المدينة، أحمد أبو عيطة، أنه بعد مرور ثلاثين عاما على تحرير سيناء يبدو أن الدولة تريد إرجاع سكانها إلى ما قبل التحرير، فلا شبكات اتصال ولا بنية تحتية بتاتا في مدينة الشيخ زويد، ويضيف أن الأجواء التي تعيشها المدينة هي "الحرب والقتل والدماء التي باتت تطغي على كل شيء".
ولا يختلف الحال في القرى الواقعة جنوبي الشيخ زويد، حيث نرى أطفالا بجوار منازلهم المدمرة يشكون كيف تعاملت الدولة معهم؟ وتقول طفلة إنها "لا تعلم لماذا هدموا بيتها ومدرستها والمسجد وحرقوا أشجار الزيتون؟".
وتدفع الأوضاع في سيناء السكان للتندر على أيام الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة، وتقول بحرقة سيدة مسنة من رفح المصرية "عندما كانت سيناء محتلة من إسرائيل لم تعاقب السكان بهدم المنازل أو تجريف المزارع"، وتابعت أن "إسرائيل فرحة بما تفعله الحكومة المصرية وعليها الاحتفال بأن المنطقة التي انسحبت منها، أهلها محرمون من خيرها والعيش فيها بسلام منذ ثلاثين عاما".
مستمرون حتى إسقاط الانقلاب
من جانبها، كانت جماعة الإخوان المسلمين -أعلنت في وقت سابق- دعمها بكل قوة للحقوق المشروعة لأهالي سيناء، مؤكدة أن الشعب المصري لن يترك أرض الفيروز وحيدة في مواجهة ما وصفته بإرهاب الانقلاب ومخططاته الآثمة.
وأدانت الجماعة، "إجرام نظام الانقلابيين في حق أهل سيناء من قتل وخطف وسحل وتعذيب وسلب لمقدرات الحياة وتهجير قسري لسكان رفح".
وقالت إن "هذه الأساليب والحيل لن تفلح في خداع شعبنا المصري الذي ضحى بفلذات أكباده من أجل استزاد تلك البقعة الغالية من أرض مصر العزيزة، ولن يفلت مرتكبو هذه المذابح من الانقلابيين الخونة من القصاص".
واعتبرت الجماعة أن ما يقوم به الانقلابيون في سيناء هو تنفيذ لمخطط المشروع الصهيوني الأمريكي، من تسليم مجاني لأرض سيناء للعدو الصهيوني الغاشم.
وأشارت إلى أن الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، الذي أطاح بحكمه انقلاب عسكري دموي قاده السيسي، قد فطن إلى هذا المخطط الآثم، وبدأ بقوة في تعمير سيناء لإجهاضه وتنفيذ مخطط وطني لحماية أراضيها وتعميرها".