كتب- رانيا قناوي:
لم تطرب كلمات المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، عن الفساد، آذان سلطات الانقلاب التي قامت بعزله، على اعتبار أن حديثه عن الـ600 مليار جنيه فساد في مختلف قطاعات الدولة التي استولى عليها عبد الفتاح السيسي، جاء على غير هوى سلطات الانقلاب، خاصة حينما تعلق الفساد بجهات سيادية في الدولة. وبالرغم من عزل المستشار هشام جنينة من منصبه بمخالفة دستورية واضحة، واتهامه بالانضمام للإخوان، وأن ما ذكره من أرقام فساد تضمنت مبالغة لإثارة الرأي العام على الدولة، إلا أن علامات استفهام كثيرة تثيرها ما تكشفه سلطات الانقلاب ذاتها عن ملفات الفساد في دولة الانقلاب، والتي تجاوزت أرقامها أضعاف ما ذكره المستشار جنينة، في الوقت الذي أغلق فيه ملف عزله دون وجه حق، رغم اعتراف الدولة بحجم الفساد، خاصة في ظل التقارير التي كشفتها الرقابة الإدارية عن تورط 28 وزيرًا في السفاد خلال العامين الماضيين. ورغم حديث دولة الفساد بهذه الأرقام الفاضحة، والتي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك نزاهة المستشار هشام جنينة، إلا أنها تتعمد الاستمرار في لعبة عزله دون سند قانوني أو دستوري، كما قامت بالانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وكأنها تخرج لسانها للشعب المصري المنهوب، وتقوله له "احنا فاسدين ولن يتم عودة جنينة مرة أخرى" . الفساد في وزارات السيسي 28 وزيرًا يجب عزلهم من مناصبهم بسبب الفساد.. حقيقة ربما تصدم الكثيرين، ولكنها في النهاية تستند لدراسة علمية دقيقة وواقع ملموس، وما يصدم أكثر وأكثر أن الفساد تغلغل للأجهزة الرقابية ذاتها، رغم أنها الأجهزة المسئولة التى تتولى فضح الفساد ومطاردته!.. والكارثة أن الفساد وصل مؤسسة الرئاسة التي استولى عليها قائد الانقلاب ولمجلس الوزراء، حتى أن المال العام ينزف سنويًّا تريليون جنيه يبتلعها الفساد والمفسدون. وكشفت دراسة نفذتها مؤسسة "شركاء من أجل الشفافية"، ورصدت وقائع الفساد خلال 365 يومًا تبدأ من يوليو 2015 وتنتهي في يونيه 2016، وخلال هذه الفترة رصدت الدراسة 1102 واقعة فساد في مؤسسات الدولة، بواقع 3 وقائع فساد يوميًّا. وجاءت وزارة التموين الأكثر فسادا وشهدت وحدها 215 واقعة فساد بنسبة 19.77% من إجمالى وقائع الفساد.. ويليها المحليات برصيد 127 واقعة فساد بنسبة 11.5% تقريبًا، ثم الصحة بـ97 واقعة فساد بنسبة 8.8%، ووزارة الزراعة بـ 88 واقعة فساد بنسبة 7.9%، ويليها وزارة الداخلية بـ76 واقعة فساد بنسبة 6.89%، ثم وزارة التربية والتعليم بـ59 واقعة فساد بنسبة 5.35%، ووزارة المالية بـ 49 واقعة بنسبة 4.44%، ووزارة الإسكان بـ36 واقعة بنسبة 3.26%. ويأتى بعد ذلك وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات برصيد 31 واقعة بنسبة 2.8%، من إجمالى وقائع الفساد التى شهدها العام الأخير، ووزارة النقل بـ29 واقعة فساد بنسبة 2.63%، ووزارة العدل بـ24 واقعة بنسبة 2.17%، ثم وزارة الشباب والرياضة بـ23 واقعة بنسبة 2.08%، تليها وزارة الرى والموارد المائية بـ22 واقعة بنسبة 1.99%، ثم وزارة التضامن الاجتماعى برصيد 19 واقعة بنسبة 1.72%. وجاءت بعد ذلك كل من وزارات البترول والأوقاف الاستثمار برصيد 18 واقعة فساد لكل منها بنسبة 1.6%، ووزارة الآثار برصيد 17 واقعة بنسبة 1.54% ،ثم وزارة التعليم العالى بـ 16 واقعة فساد بنسبة 1،45%، ووزارة الكهرباء برصيد 14 واقعة بنسبة 1.27%، ووزارة الثقافة برصيد 9 وقائع بنسبة 0.81%، ، يليها وزارة الصناعة والتجارة برصيد 7 وقائع بنسبة 0.63%، ووزارة البيئة برصيد 5 وقائع بنسبة 0.45% ،تليها كل من وزارة قطاع الأعمال ووزارة القوى العاملة برصيد 0.36%، كما حصلت كل من وزارتى الطيران والسياحة على 3 وقائع فساد بنسبة 0.27%، وأخيرا وزارة التطوير الحضارى بواقعة فساد واحدة من 1102 واقعة بنسبة 0.09%. حتى أنه من كثرة تغلغل الفساد فقد طال الأجهزة الرقابية ذاتها.. وتقول الدراسة إن الأجهزة الرقابية شهدت 12 واقعة فساد بنسبة 1.08%، أما مؤسسة الرئاسة فكان نصيبها 7 وقائع فساد بنسبة 0.63% ورئاسة مجلس الوزراء 6 وقائع فساد بنسبة 0.54%، حتى البرلمان شهد 10 وقائع فساد بنسبة 0.90%، وهى ذات نسبة الفساد فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى شهد هو الآخر 10 وقائع فساد. لماذا الآن؟ وتكشف مصادر أن سلطات الانقلاب سمحت في الآونة الأخيرة بالإفراج عن بعض ملفات الفساد، كمحاولة لتخفيف الحمل عن السيسي الذي تسبب في الأزمة الاقتصادية وانهيار البلاد، وإلصاق تهمة هذا الفشل بالفساد الذي يزعم السيسي محاربته، ثم يتواطأ لحماية شبكاته التي يشرف عليها بنفسه، خاصة وأنه لم يتم مساءلة مسؤول واحد من الذي تحدثت عنهم الاجهزة الرقابية وكشفت فساد بدءا من فساد وزير التموين السابق خالد حنفي ومروا بفساد وزير الأوقاف مختار جمعة، وحتى المسئولين في قصر الرئاسة الذين تحدث عنهم السيسي نفسه دون الكشف عن هويتهم أو ماذا حدث لهم، باستثناء أمين عام مجلس الدولة وموظف شؤون المشتريات بالمجلس الذين تم محاسبتهم لابتزاز الإدارية العليا في قضية تيران وصنافير. ومن أبرز قضايا الفساد التي كشفتها الرقابة الإدارية قضية فساد صوامع القمح، والتي تم إهدار 5 مليارات جنيها من خلالها دون محاسبة مسؤول واحد حتى الآن عن هذا الفساد الذي أغلق ملفه بعد وصول جنرال العسكر محمد علي مصيلحي لوزارة التموين.