كتاب سعوديون: النظام المصرى لا يصلح لقيادة المنطقة لهذه الأسباب

- ‎فيعربي ودولي

 أحمدي البنهاوي
للمرة الثانية على التوالي منذ اندلاع الخلافات بين السعودية والانقلابيين في مصر، تتكرر جملة بنفس محاورها "الكاتب السعودي"، و"صحيفة الحياة اللندنية"، وعنوان بارز "مصر لا تصلح لقيادة المنطقة"، وباعتبار أنها الرسالة الملحة، فإنها تعبر عن رؤية النظام السعودي في عبد الفتاح السيسي والعسكر، على الأقل، إن لم ينسحب هذا الرأي على قاعدته العسكرية التي دفعت به إلى سدة الحكم في مصر.

فقط أمس الأحد، كتب المحلل السعودي خالد الدخيل مقالة نشرتها صحيفة "الحياة اللندنية", تحت عنوان "وهم القيادة العربية"، أكد خلالها عدم وجود دولة عربية معينة تصلح لقيادة المنطقة، بما في ذلك مصر؛ بسبب عدم توافر الشروط التي تؤهل دولة بعينها تطمح لقيادة إقليمية، مثل القدرات السياسية والاقتصادية والعسكرية، خاصة في ظل هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم الغربي، وانتشار قواعدها العسكرية في معظم القارات، ما جعلها تسيطر على الرأي العام العالمي، وهو ما يتطلب إمكانيات معينة لمواجهة الدور الأمريكي في الشرق الأوسط.

وهو المقال الثاني من نوعه بنفس الصحيفة الذي يكتبه محلل أو كاتب سعودي بـ"الحياة اللندنية"، بنفس معدل الهجوم، ففي 11 أكتوبر الماضي، وجه الكاتب السعودي سعود الريس انتقادات شديدة للنظام في مصر؛ بسبب تصويته بالموافقة على القرارين الروسي والفرنسي في مجلس الأمن الخاصين بحلب، معتبرا أنها تخلط بين الغاية والوسيلة ومبرراتهما، على حد قول الكاتب.

وسخر الكاتب- في مقال له بعنوان "التناقض المصري.. بين الغاية والوسيلة"، نشرته صحيفة "الحياة" السعودية الصادرة من لندن- من الموقف المصري في مجلس الأمن، حيث قال: إن هذا "يعد مدرسة جديدة في السياسة".

وقال "الريس": إن "مصر تعيش أوهام قيادة العالم العربي، وأنه لا أحد يستحق هذه القيادة سواها رغم أنها لم تعد مهيأة – لا سياسيا ولا اقتصاديا – للقيادة"، مشيرا إلى أنها لم تتمكن من مواءمة متطلبات شعبها، لذلك فهي غير موجودة أصلًا في القضايا العربية، معتبرا أن "مصر لا زالت تعيش أوهام القيادة التي فقدتها منذ زمن، حيث إنه طالما كان القرار في مجلس الأمن وليس من طرفها فينبغي الوقوف ضده وعرقلته".

"الدخيل" يستبعد

وبعد استعراض خالد الدخيل- في مقاله الأخير- "عمق المأزق العربي من المشهد في المنطقة"؛ بسبب "انهيارات تتوالى في العراق وسوريا، وحرب أهلية في ليبيا واليمن، والموصل تتعرض للتدمير، وحلب دمرت".

واعتبر أن الأكثر حزنا ليس فقط "مسلسل الانتكاسات" الذي "لا جديد فيه وحسب، بل إن بعض الخلافات التي تساهم في هذه الانتكاسات تستند إلى أوهام وليس إلى حقائق ومصالح معتبرة".

وأضاف "مَن مِن الدول العربية لها حق قيادة العالم العربي؟ وهو سؤال تنشغل به النخبة الثقافية والسياسية في مصر أكثر من غيرها، يرى هؤلاء أنه لا مخرج للعالم العربي إلا بعد أن تستعيد القاهرة دورها في قيادة المنطقة كما كان عليه الأمر أيام الرئيس جمال عبد الناصر، أمنية كل عربي في هذه اللحظات الحرجة أن تتقدم مصر، أو أي دولة عربية أخرى، لتولي زمام القيادة، لكن هل هذا ممكن عمليا؟".

وبصيغة النفي قال "الدخيل: "وهل كانت مصر تقود العالم العربي أيام عبد الناصر؟ إن مصر لها تاريخ عريق، وإنها الأكبر ديموغرافيا والأقوى عسكريا، وكان لها سبق الاتصال المباشر بالثقافة الأوروبية الحديثة في نهايات القرن الـ18، كل ذلك ليس مجالا للجدل والاختلاف، وإن جمال عبد الناصر كان يتمتع بشعبية كبيرة داخل مصر وفي أنحاء العالم العربي، أيضا كان حقيقة ماثلة، لكن كل ذلك شيء وقيادة منطقة بحجم العالم العربي شيء آخر".

وكشف عن رأيه، قائلا: "تبين أن النظام المصري في عهد عبد الناصر كان منقسما إلى كتل ومراكز قوى، بينها صراعات خفية، يغطيها وجود الزعيم الشعبي، وقد انكشف كل ذلك بعد هزيمة يونيو مباشرة، ثم انفجر بعد وفاة عبد الناصر وتولي أنور السادات الحكم في خريف 1970".

هجوم في العمق

وأضاف خالد الدخيل "هناك شروط أخرى لا بد من توافرها في أي دولة تطمح لقيادة إقليمية، مثل القدرات السياسية والاقتصادية والعسكرية لتحمل آليات وتكاليف مثل هذه القيادة، وليست هناك دولة عربية، بما في ذلك مصر، تملك من الموارد والمؤسسات، والإمكانات التي يتطلبها هذا الدور".

وفي توصيف النظام الحالي قال الدخيل: "منذ عبد الناصر وحتى الآن، عايش العالم العربي خطابات مصرية أقل ما يقال فيها إنها تفتقد الاستمرارية والانسجام، خطاب ناصري قومي، وخطاب مصري نشط في عهد السادات، وخطاب مصري منكفئ في عهد حسني مبارك، والآن نحن أمام خطاب مصري مضطرب لم يستقر على حال، وليست له ملامح واضحة داخليا وخارجيا، يقول بالديمقراطية والانتماء لثورة 25 يناير، لكنه يتصرف بما يتناقض مع ذلك في سياساته الداخلية، في الخارج يقول إنه مع الجيش الوطني في سوريا والعراق وليبيا، وليس مع الشعب في هذه الدول، وهو ما يتناقض قبل أي شيء آخر مع دعوى أنه ينتمي إلى ثورة 25 يناير، وإلا كيف يحاكم هذا النظام حسني مبارك الذي ثار عليه الشعب في مصر، ثم ينحاز إلى بشار الأسد ضد الشعب في سوريا؟ وكيف يمكن لهذا النظام أن يقود العالم العربي وهو يرفض الاعتراف بالواقع السياسي للدول التي يدعم الجيوش فيها، ومشغول بموضوع "الإخوان" أكثر من انشغاله بالتحديات التي تواجهها مصر والعالم العربي؟".

المطلوب سعوديا

وطرح "الدخيل" في مقاله رؤيته- أو مطالبه بالأحرى- لإعادة تموضع أولويات الانقلاب، قائلا: "المطلوب في مثل هذه الظروف واضح، وهو أن تلتقي الدول العربية التي لم تتأثر بعاصفة الربيع العربي على تفاهمات الحد الأدنى، والتأسيس لقيادة مشتركة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وملء الفراغ الذي تتسلل منه الأزمات وتستفيد منها الميليشيات، والتدخلات الأجنبية، وأولها التدخل الإيراني".

ولكنه عبر عن فقدانه الثقة في أن يتم تنفيذ تلك الرؤية قائلا: "لكن حتى هذا يبدو صعب المنال الآن، يبدو التمسك، في هذه الحال، بشرط قيادة مصر نوعا من الهروب من المسئولية والواقع معا، نحو وهم حماية النخبة السياسية لذاتها وليس لمصر، أو استعادة دور قيادي لها لم يكن موجود أصلا".

مقال الدخيل
http://www.alhayat.com/m/opinion/19131574