كتب رامي ربيع:
الأمير الضرير هكذا لقب الدكتور عمر عبدالرحمن أمير الجماعة الإسلامية السابق، ولد الشيخ بمدينة الجمالية بمحافظة الدقهلية عام 1938، وسرعان ما فقد البصر بعد 10 أشهر من ولادته.
تخرج من كلية أصول الدين بالقاهرة عام 1965 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى ثم حصل على الماجستير وعمل أستاذا بكلية أصول الدين قبل أن يوقف عن العمل عام 1969 بسبب صدعه بالحق وآرائه ومعارضته نظام جمال عبدالناصر.
ثم حصل العالم الجليل على الدكتوراه الفخرية من جامعة الأزهر وعلى رسالة العالمية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، اعتقل الشيخ عام 1970 عقب وفاة جمال عبدالناصر ثم اعتقل مرة أخرى في سبتمبر عام 1981 ضمن قرارات التحفظ بأواخر عهد الرئيس السادات، وتمكن من الهرب قبل أن يقبض عليه لتتم محاكمته في قضية اغتيال السادات التي برأه القضاء المصري منها وخرج من المعتقل عام 1984.
وبسبب التضييقات الأمنية في عهد مبارك سافر الشيخ الضرير إلى السودان ومنها إلى أفغانستان لمحاولة رأب الصدع بين المجاهدين الأفغان، ثم إلى انجلترا حيث مارس الدعوة إلى الله هناك فترة قصيرة، قبل أن يرحل إلى الولايات المتحدة ليقيم بولاية نيوجيرسي، وظل يهاجم نظام مبارك من خلال خطبه ولقاءاته التليفزيونية بأمريكا.
في إحدى زيارات مبارك لأمريكا في عهد "بيل كلينتون" تم تدبير القبض على الرجل واتهامه بقضية تفجيرات نيويورك عام 1993، وكان الدليل الوحيد هو معلومات مخبر من أمن الدولة حيث لعبت وقتها الحكومة المصرية دورا في إثبات التهم عليه وتم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة رغم رفضه المعلن للتفجيرات.
أثناء اعتقاله أعلن تأييده لمبادرة الجماعة الإسلامية بوقف العنف عام 1997، وسبب كبر سن الشيخ وكونه ضريرا ومصابا بعدة أمراض من بينها سرطان البنكرياس والسكر والروماتيزم والصداع المزمن وعدم القدرة على الحركة إلا على كرسي متحرك، وبسبب ظروف احتجازه اللا آدمية في حبس انفرادي بلا مرافق مقطوعة اتصالاته الخارجية. تعاطف كثير من نشطاء حقوق الإنسان معه، بينهم المحامي الناشط "إلن ستيوارت" والنائب العام الأسبق "رمزي كلارك".
وفي خطاب استلام الرئيس محمد مرسي للسلطة بميدان التحرير تعهد ببذل جهده والعمل على تحرير الشيخ عمر عبدالرحمن، كما هنأه الشيخ من داخل سجنه بفوزه بانتخابات الرئاسة.
وأخيرا ترجل الفارس ومات في غربته شهيدا تاركا مجموعة من المصنفات التي أثرت المكتبة الإسلامية أبرزها دراسة للدكتوراه بعنوان موقف القرآن من خصومه، وتسجيلات صوتية بتفسير القرآن وصحيح البخاري وآلاف الكتب والمحاضرات الدعوية.
مات الأمير الضرير على درب العلماء العظام.. صادعا بكلمة الحق حتى وإن كان ثمنها حياته.