كتب رانيا قناوي:
على غير العادة غاب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عن الصفوف الأولى، خلال الندوة الـ24 للقوات المسلحة، اليوم الخميس، بينما حضر اليمني الحبيب الجفري، ملقيًا كلمة في افتتاح الندوة، التي حضرها قائد الانقلاب العسكري وألقى خطابه من خلال عدة رسائل أراد توصيلها للهجوم على الفكر الإسلامي.
ويبدو أن قائد الانقلاب العسكري حاول إيصال الرسالة من خلال الترحيب بالجفري، فعلى غير العادة أن يتم استدعاء داعية غير مصري لمحفل رئاسي والترحيب به بهذا الشكل، بل إن السيسي تعمد أن يثني عليه بكلمات الوسطية، قائلا له: "شيخ جفري سعيد بك.. والله محتاجين السماحة والوسطية.. الدنيا كلها تعبت مننا.. الدنيا تعبت مننا".
وبدأ السيسي في شن هجومه على المسلمين كعادته، معتبرا أنهم مصدر القلق للعالم كله، على الرغم من أنه يأتي بحديثه على لسان المتكلم: "احنا تعبنا العالم معانا"، إلا أنه دائما ما يستغل لغة خطاب المتكلم في اتهام الإسلام والمسلمين بالتطرف.
واستمر السيسي في دور الحكيم الروحاني، وبدأ يشرح علاقة الإنسان بالله عز وجل، قائلا إن كل شيء أجبر على طاعة الله.. إلا الإنسان هو الوحيد الذي خير ما بين طاعته ومعصيته، وما بين أن يكون مسلما أو ملحدا أو يدين بأي دين آخر.
يأتي ذلك في الوقت الذي يعد الجفري فيه محسوبا على التمدد الشيعي، خاصة أن الجفري له زيارات سابقة لمليشيات الحشد الشعبي في العراق، إلا أن السيسي أراد التعبير من خلال استقباله عن عدم رضائه على الفكر الذي يسير عليه الأزهر، واستعان بالجفري ليلمح لشيخ الأزهر الذي غاب عن الحفل أنه غير راض عنه، وأن هناك من هو أفضل منه، ومنهم الجفري.
كما أن غياب ممثلي المؤسسة الدينية من علماء الأزهر لإلقاء كلمة الافتتاح، تساؤلات عديدة، في الوقت الذي تم فيه الاستعانة بداعية يمني ونجم لبرامج التوك شو. لكن الداعية اليمني الحبيب الجفري، بدد حالة الاندهاش، حينما بعث برسالة في كلمته للشعب المصري، قائلا خلالها "أنا من بلد مشتت، أنا من اليمن بلد دون دولة".
وتابع: "بعض دول المنطقة دمرت من خلال جيشها بسبب انقساماته وانظروا إلى اليمن"، مشيدًا بالجيش المصري ووحدته وقوته وإيمانه القوي وحفاظه على الأرواح لأنه تحكمه إرادة حكيمة، حسب قوله.
ويأتي غياب "الطيب" بعد تفاقم أزمة الطلاق الشفهي، وقرار هيئة كبار العلماء، خلال اجتماعها أمس الأول، برفض مقترح عبد الفتاح السيسي، خلال احتفالات عيد الشرطة، توثيق الطلاق الشفوي شرطًا لصحة وقوعه، ما زاد فجوة الخلاف بين السيسي والمشيخة.
وكان "السيسى" بدا معاتبًا لـ"الطيب"" خلال كلمته في عيد الشرطة، يناير الماضي، قائلا له: "تعبتني يا فضيلة الإمام"، لكن هيئة كبار العلماء قالت إن وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه هو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ، ودعت المطلِّق أن يبادر في توثيق هذا الطلاق فوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها.
وأضافت الهيئة، أن من حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه.
وحذرت الهيئة المسلمين، كافَّةً من الاستهانة بأمرِ الطلاق، ومن التسرُّع في هدم الأسرة، وتشريد الأولاد، وقائلة: "على مَن يتساهلون في فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء، أن يُؤدُّوا الأمانةَ في تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح".