مقال متحدث العسكر في عيد الحب.. كيف تتعلم “السهوكة”

- ‎فيأخبار

كتب رانيا قناوي:

في باكورة مقالاته الصحفية، افتتح العميد محمد سمير -المتحدث السابق باسم جنرالات العسكر- كتابته عن عيد الحب، مقتديا بقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في ضرب أروع الأمثلة في "السهوكة والنحنحة" العسكرية، ليثبت أن جنرالات العسكر وضباطه ليسوا إلا "عيال حببية" يعرفون متى يوجهون سلاحهم في مناحي العشق والغزل.

وإلى نص مقال العميد محمد سمير الذي نشر بصحيفة "المصري اليوم" مساء أمس الأربعاء:

مساء أمس الأول، فى ليلة عيد الحب، والليل البديع يرخى ستائره المخملية على أهداب الدنيا، وبينما تنساب أعذب الكلمات وأشجى الألحان من الحنجرة الذهبية لكوكب الشرق «أم كلثوم».. الليل وسماه ونجومه وقمره، والتى وردت فى مقدمة رائعتها «ألف ليلة وليلة».. كان يتأمل وجهها الملائكى وهى نائمة، وبينما كان يمسح بيده على شعرها.. استيقظت وقالت له: لماذا لم تنم حتى الآن يا حبيبى؟ فقال لها: لأننى أعشق التأمل فى وجهك الجميل حتى وأنت نائمة.. فقبلته وعانقته وقالت له: وأنا أعشق حنانك الذى يروينى.

فتذكر على الفور بداية قصة حبهما الكبير وعشقهما السامى، والذى أراد الله سبحانه وتعالى أن يولد عظيماً وناضجاً.. فقد دعاه أحد الأصدقاء المشتركين ذات يوم لحضور الاحتفال بعيد ميلادها، وهو عادة لا يحضر مثل هذه المناسبات، ولكن شاءت ترتيبات القدر أن يقبل الدعوة فى هذه المرة.. ومن حسن الطالع أن كان مكان جلوسه إلى جوارها مباشرة.. وبعد أن هنأها بذكرى ميلادها بدآ فى تجاذب أطراف الحديث، ومن فرط حلاوته وجاذبيته وتشويقه استرسلا حتى مرت ساعات طويلة وهما على هذه الحال، وكأنه لا يوجد فى الاحتفال سواهما، حتى فوجئا بأن الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.. فودعها على وعد باللقاء مرة أخرى لاستكمال حديثهما.. حيث كانت فى طريقها للمطار بعد ساعات قليلة للسفر صباحاً فى مهمة عمل خارج البلاد.. وقد شعرا عند لحظة الوداع بأن شيئاً ما كبيراً- لا يعرفان ما هو تحديداً- سيجمع بينهما فى المستقبل، ومن المدهش أنهما قالا ذلك لبعضهما البعض فى التوقيت نفسه.

وبعد عودتها تعددت لقاءاتهما، فاكتشفا بمرور الوقت تطابقاً وتماثلاً مذهلاً وبدرجة يصعب تصديقها فى طباعهما وهواياتهما ونظرتهما المشتركة لجميع جوانب الحياة، وتأكد كل منهما أن الآخر هو توأم روحه.. وفى هذه الأثناء كان أن وضع الله بقدرته «سر الحب العظيم» فى قلبيهما، والذى يشعران دائماً بأنه يتنامى ويترسخ يوماً بعد يوم.

وفى ليلة عيد الحب الجميلة هذه، والتى يستعيد فيها كل العشاق ذكريات قصة عشقهم، تذكر عندما سألته ذات يوم بماذا تصفنى حبيبى؟.. فقال لها: لقد سبقنى فى وصفك الشاعر المبدع «بشارة الخورى» فى رائعته الملهمة «الصبا والجمال» والتى يقول فيها:

الصبا والجمـال ملــك يديــك أى تــاج أعــز مـن تاجيــــك
نصب الحسن عرشـه فسألنـا مـن تراهـا لـه فــدل عليــــك
فاسكبى روحك الحنون عليـه كانسكاب السمـاء فى عينيــك
كلمـا نافــس الصبــا بجمــال عبقــرى السنــا نمـاه إليـــــك
ما تغنــى الهــزار إلا ليلقـــى زفرات الغـرام فــى أذنيــــك
الروض سكرة صرعته عند مجرى العبير من عينيــك
قتـل الـورد نفسـه حسـداً منك وألقــى دمــاه فــى وجنتيــــك
والفراشات ملت الزهــر لمـــا حدثتهــا الأنســام عــن شفتيك

كما تذكر قدرتها الفريدة على صنع ذكريات حلوة وشديدة التفرد لهما فى فترة زمنية قصيرة، وفى أماكن عديدة، مستعينة فى ذلك بعمق شخصيتها وطيبة قلبها وحلاوة كلماتها ولين طباعها وسحر نظرتها وإشراقة طلتها.

وبينما ما زالت صدى كلمات كوكب الشرق تدوى فى المكان وتضفى عليه جمالاً على جمال، قفز إلى مخيلته قصيدة الغزل الأولى التى أهداها إليها- والتى تعد من أرقى ما قرأ- وقد راقت لها كثيراً حينئذ:

شوقى إلـى عينيـك علمنـى أمشى على الأشواك والخطر
أى القوافـل عنـك تبعدنــى وهواك رغمـاً يقتفـى أثـــرى
أى العواصـم منـك تأخذنى وهـواك لـى تأشيــرة السفــــر
أنا لو أجوب الأرض قاطبة سيظل وجهـك منتهـى سفـرى
لى فى هــواك حبيبتـى قـدر فهــواك موصــول بـه قــدرى
الكون فى عينيـك مختصـر مــاذا أريــد بصحبــة البشــــر

– ثم نظر إلى وجهها الملائكى الذى يعشقه وخاطبها قائلاً: حبيبتى.. لأننى أعشق تفاصيلك فإننى أحبك حبين: حب الهوى، وحب لأنك أهل لذاكا.

وقبل أن يغفو بجوارها ناجى الله العلى القدير بأن يحفظ لهما حبهما الكبير، وأن يجعله دائماً نبراساً ومثلاً يحتذى لكل العشاق والمحبين، وأن يرد عنهما دائماً كيد الكائدين وحسد الحاسدين وحقد الحاقدين.. وأن يجعلهما دائماً سبباً لنشر قيم الخير والحب والجمال والسعادة والتسامح فى كل الدنيا.