كتب رانيا قناوي:
لا تتوقف فضائح عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري ولا يتوقف تسوله، سواء كان من الداخل أو الخارج، حتى أنه لم يستحِ يوما حينما عرض نفسه في سوق الخسة والنخاسة، قائلا: "والله لو ينفع أتباع لاتباع"، زاعما أنه من أجل الوطن، ليستدعي سيناريوهات الستينيات التي حاول من خلالها أن يسترق قلوب الغلابة، فمرة يستمرئ أقواتهم ويدعو لتبرعهم بـ"فكة أرزاقهم" التي نهبها في فواتير الكهرباء والمواصلات ورفع سعر الطعام والدواء، وأخرى ينظر لما تبقى في أيديهم، فيستدعي الكومبارس "الحاجة زينب" لحض النساء على التبرع بذهبهن وزنيتهن.
ولعل إعلام مخابرات الانقلاب يجد نفسه محرجا في كل مرة يتحدث فيها السيسي، حتى أنه لم يترك لهم فرصة في كلامه ما يغسلون به مساوئ أفعاله، إلا أنهم يفشلون مع وعده الدائم بالفقر والجوع، أن يجدوا في كلامه ما يزينون به مانشيتاتهم السوداء، حيث خرجت كعادتها صباح اليوم الجمعة تبشر المصريين بالفقر على لسان السيسي، الذي قال للغلابة الذين لا يجدون قوت يومهم: "ظروف الدولة صعبة وكل واحد يمد ايده يحط حاجة".
هكذا سأل السيسي أحد رجاله وهو اللواء أركان حرب هارون أبوسحلى، مدير المجمع الطبى للقوات المسلحة بكوبري القبة، خلال افتتاح المجمع، أمس الخميس: "هل بناخد فلوس على انتظار السيارات فى تلك الساحات؟"، فرد "أبوسحلى": "نعم يا فندم"، فعلق السيسي، قائلاً: "مهم جداً إننا ندور على مصدر دخل للمشاريع اللى بنفتتحها، عشان أحافظ على الخدمة اللى بتتقدم للناس، لازم أفكر أجيب الفلوس إزاى، وعشان نعمل إحلال وتجديد لازم فلوس، مش هنقول الـ٣ أو ٤ جنيه انتظار السيارة عبء على المواطن، لأ دى ظروف الدولة صعبة، لازم كل واحد فينا يمد إيده يحط حاجة".
الشيطان يعدكم الفقر
ومع تحليل تصريحات السيسي المستمرة تؤكد أنه تحول لـ"رجل جباية"، لا ينظر للمواطن ولكن ينظر لجيبه فقط، يبحث دائما كيف سيحصل على ما في جيبه سواء كان قليل أو كثيرا.. سواء كان المواطن في حاجة إليه أم لا، رغم إحصاءات اجهزة السيسي التي تؤكد بالأرقام المعلنة أن 40% من المصريين الذين يريد السيسي نهب جيوبهم تحت خط الفقر لا يجدون طعامهم، وأكثر من 12 مليون عاطل لا يجد عملا من الأساس، وأكثر من عشرين مليون مريض بأمراض مزمنة لا يجدون ثمن دواءهم، ومع ذلك لا تجد قائد الانقلاب إلا منتقما من فقر وعوز هؤلاء جميعا.
وبالرغم من حملات السخرية التي يشنها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على وقائع خطاب ركيك متلعثم يلقيه كل مرة قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، لا تفهم منه سوى التسول واستجداء عطف الغلابة، إلا أن السيسي يصر دائما على استخدام هذه اللغة، فلا تجد منه سوى "الفقر، الجوع، مصر محتاجة"، حتى أن المتابع لتصريحاته لا يجد سوى ما جاء في قول الحق سبحانه وتعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}.
ومن أحد مشاهد التسول السابقة التي يخرج بها السيسي دائما قوله في تصريحات سابقة": "مصر بتقولكم مكانى مش اللى أنا فيه، مكانى مش كده بقى.. أنا برضه حجمى كده بقى!.. أنا عندكم مش كده.. أنا متحوجش وانتوا هنا"!.
وأضاف: "مصر بتقولكم أنا ما تحوجش.. يعنى ما ناكلش!.. آه منكلش.. يعنى ما ننمش!.. آه ما نمش.. لأجل هيا تاخد مكانها الحقيقى.. الانتصار مش كلام.. الحكاية عمل وإخلاص فى العمل.. أوعوا تنسوا الرسالة دى".
تسول لا إرادي
وفي قمة المناخ التي عقدت في فرنسا العام الماضي، أثارت كلمة السيسي التي حولها إلى "واصلة تسول" كعادته، رغم الظرف العالمي وحضور زعماء العالم، سخرية نشطاء وسياسيين على المستوى العربي، حتى أن الإعلامية خديجة بن قنة، المذيعة بفضائية الجزيرة، سخرت من كلمة عبد الفتاح السيسي بقمة المناخ في باريس.
وقالت في تدوينة نشرتها عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وقتها: "قمة التغير المناخي في باريس تحولت الى قمة لمكافحة الارهاب، و أحيانا الى قمة للتسوّل. مصر تطالب بـ 70 مليار دولار لمواجة الكوارث.".
ولم يتوقف التسول الانقلابي على دول الرز والورقة الخضراء، بل وصل تسول السيسي "اللاإرادي" للتسول من اليونان التي أعلنت إفلاسها قبل ذلك، وتنفق عليها دول الاتحاد الأوروبي.
شرعنة التسول
ولم يجد السيسي حرجا من الضغط على مؤسساته الدينية لشرعنة تسوله، حتى أن دار افتاء السيسي في واصلة “تطبيل” فاضح وتوظيف للشرع على هوى العسكر، زعمت دار الإفتاء أن التبرع والصدقة يجوز إعطاؤهما للمبادرة التي دعا إليها عبد الفتاح السيسى، وهي مبادرة “صبح على مصر بجنيه”، مؤكدة أن “الزكاة المفروضة” يجوز أيضًا صرفها للسيسي بشرط صرفها في المصارف الثمانية الشرعية.
وجاء تصريح دار الإفتاء بمثابة تحريض منها على المشاركة في مبادرة "صبح على مصر بجنيه"، وهي المبادرة التي دعا إليها السيسي في خطبو سابقة.
وقال السيسي: "لو أن 10 ملايين مصري ممن يمتلكون موبيلات.. صبح على مصر بجنيه واحد.. يعني في الشهر 300 مليون جنيه وفي السنة 4 مليارات جنيه".
ولعل أحد الهاشتاجات التي تصدرت "تويتر" في وقت سابق في قضية التسول بعنوان #فاضلك_تكة_يا_بتاع_الفكة"، تكشف عن نفاد صبر المِصْريين من دعاوى الفقر المستمرة على لسان السيسي، فهل يتحمل المصريون كثيرا؟".