كتب: يونس حمزاوي
رغم مرور أقل من 10 أيام على بدء عام 2017، إلا أن الكوارث تتابعت في ظل حكم العسكر بصورة مخيفة، الأمر الذي يعكس حجم الخراب المتوقع في السنة الجديدة، لا سيما مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة المحلية، بعد قرارات 3 نوفمبر الأسود، بتعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود.
ورغم استمرار تصاعد قيمة الدولار وتهاوي الجنيه، ما أدى إلى حدوث أكبر موجة تضخم تشهدها مصر في التاريخ، إلا أننا رصدنا منذ بداية العام الجديد 4 كوارث كبرى خلال 10 أيام فقط.
تواصل الحرب الأهلية بسيناء
الكارثة الأولى هي استمرار الحرب الأهلية في سيناء وسقوط عدد كبير من الضحايا، سواء من جانب قوات الجيش والشرطة أو من جانب الأهالي، وكل هؤلاء يتساقطون من أجل حماية كرسي السيسي ونفوذ الجنرالات الكبار.
هي إذا معركة وقودها الصغار من ضباط وجنود الجيش والشرطة، إضافة إلى المواطنين والمسلحين الذي يواجهون إجرام السيسي بعد إجلاء أهالي رفح وقتل مواطني سيناء لأتفه الأسباب، وتدمير وحرق البيوت والمساجد.
لكل هذا، فإن الحرب مرشحة للاستمرار، واليوم الإثنين هاجم شخص بسيارة مفخخة كمينا تزامن مع هجمات أخرى لمسلحين على كمائن الجيش والشرطة، أسفر عن مقتل 9 على الأقل وإصابة 10 آخرين، واختطاف عدد من الجنود، بحسب وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية.
ولا ننسى أن سلطات الانقلاب قررت إعلان حالة الطوارئ منذ أكثر من عامين متواصلين في سيناء؛ لمنح تلك القوات مدى أكبر للسيطرة وحرية الحركة والأداء، ورغم الإعلان عن القضاء على ما يسمى "الإرهاب"، إلا أن كل ذلك ثبت أنه أكاذيب ومزاعم تستهدف الترويج الإعلامي وتضليل الجماهير.
تسريب رئيس الأركان وغياب دولة القانون
الكارثة الثانية هي التسريب الذي بثه الإعلامي الموالي للانقلاب أحمد موسى، بين رئيس الأركان الأسبق الفريق أول سامي عنان، والدكتور البرادعي أحد قيادات جبهة الإنقاذ ونائب عدلي منصور، وهي مكالمة يستحيل أن يتنصت عليها إلا أحد طرفيها أو أن هناك طرفا ثالثا يملك السيطرة والقدرة والسلطة على المراقبة، والمسألة واضحة، إضافة إلى ذلك فإن أحمد موسى ارتكب جريمة جنائية بنص القانون، فضلا عن كونها جريمة عسكرية تتعلق بنشر اتصالات تخص قائد الجيش بدون تصريح؛ لأنه بغض النظر عن مصدر التسجيل الذي سلمه إياه، إلا أن تسليمه شيء وإذاعته شيء آخر، فإذاعة الاتصال الشخصي لقائد الجيش هي جريمة يحاكم فيها من أذاعها، والمؤكد أنه إذا مرت تلك الواقعة بدون تحقيق من الجهات القانونية المدنية والعسكرية وإعلان نتائجها للرأي العام ومحاسبة المتورطين، فإن الشكوك ستتحول إلى حقائق، وستتعرض مؤسسات الدولة الرفيعة لفقدان المصداقية، كما أن الرسالة السياسية التي تصل إلى الناس داخل مصر وخارجها أن الدولة تعمل بلا قانون، بحسب الكاتب جمال سلطان.
الإعلان عن بيع شركة إنبي
الحزن الثالث أو الكارثة الثالثة هي إعلان وزيرة الاستثمار بحكومة الانقلاب، أمس الأحد، عن خطوات لبيع شركة "انبي" للبترول، وهي من أكبر الشركات الوطنية، والمدهش أنها شركة ناجحة بكل المقاييس، كما أنها تمتلك من الكوادر والخبرات ما يسمح بتطويرها وتوسيع نشاطها أيضا بدلا من الاعتماد على الشركات الأجنبية، وإعلان حكومة الانقلاب فجأة عن بيعها وطرح أسهمها في البورصة يعطي مؤشرا على "أيام سوداء" قادمة للاقتصاد الوطني، ولنا أن نتوقع أن المزيد من الشركات الوطنية الكبيرة ستكون مطروحة للبيع هي الأخرى، خلال الأشهر المقبلة، في ظل غياب أو انعدام الرؤية لدى صاحب القرار السياسي أو الاقتصادي على حد سواء.
(3.838) تريليونات جنيه حجم الديون
الكارثة الرابعة هي ما أكده خبراء اقتصاد في مصر، بارتفاع حجم الدين الداخلي والخارجي في مصر إلى 3.838 تريليونات جنيه، ما يعد كارثة اقتصادية كبيرة لمصر، منبهين إلى أن الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي أعلن عنه البنك المركزي أخيرا، والذي ارتفع إلى 24.3 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي، لا يكفي فوائد القروض التي جلبتها الحكومة من الخارج.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت تتزايد فيه شكاوى المواطنين من ضغوط الأسعار في الفترة الأخيرة، التي يرجع جزء منها إلى الديون الداخلية والخارجية، والجزء الآخر إلى اختلالات الأسواق وعدم فعالية الرقابة عليها، وجشع التجار والتلاعب في المعروض من السلع والخدمات، والممارسات الاحتكارية لبعض المتعاملين في السوق.
ربما توقع الخبراء والمحللون أن تكون 2017 سنة صعبة ومؤلمة، ولكن لم يكن يتصور أحد أن تبدأ كوارثها مبكرا بتلك الصورة المخيفة والمفزعة.