كتب رانيا قناوي:
قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي إن إغلاق وتشميع مركز النديم لعلاج ضحايا التعذيب بقرار من النظام نفذه تابعون لوزارة الداخلية، يهدف لمنع علاج ضحايا التعذيب من ناحية، وإسكات صوت المركز الذى كان يتابع مختلف الممارسات التى تنتهك كرامة البشر وتعد جرائم بحق الإنسانية، وعدم تعطيل مهام التعذيب التى تقوم بها الشرطة.
وأضاف هويدي خلال مقاله بصحيفة "الشروق" في العدد الصادر صباح اليوم الأربعاء، أن المسئولين يرددون فى مختلف المناسبات أنه لا يوجد تعذيب فى مصر، وأن إثارة الموضوع أريد به تشويه صورة النظام، وهى المهمة التى يقوم بها "أهل الشر" المصريون وأعوانهم من أشرار المنظمات الحقوقية فى العالم الخارجى. وهو ما كان يثير الشك حول صحة التقارير المحلية والدولية، مؤكدا أن قرار الإغلاق والتشميع حوّل الشك إلى يقين، وبرأ ساحة "الأشرار" فى الداخل والخارج من تهمة تشويه صورة مصر، إذ صار بوسع أى أحد أن يتساءل قائلا إذا لم يكن هناك تعذيب ولا يحزنون، وإذا كانت أيدى النظام وشرطته بريئة من دماء المصريين، فلماذا خاضت السلطة وأجهزتها الأمنية معركتها الشرسة ضد المركز، واستخدمت مختلف الحيل والألاعيب لإسكات صوته وإغلاقه، ودفعت بموظفيها فى يوم العطلة إلى تشميع بابه وحظر الدخول فيه.
وأوضح هويدي أن من المفارقات أن الذين أغلقوه خدموه من حيث لا يحتسبون. كما أن الذين تصورا أن تقارير المركز تسىء إلى سمعة البلد، هم أنفسهم الذين لوثوا تلك السمعة وفضحوها، فقد تحول إغلاق المركز إلى خبر ترددت أصداؤه فى أوساط الحقوقيين فى العالم الخارجى، من ثم ذاعت شهرته وتابع قضيته وعرف بأمره كل من لم يسمع به. ثم إن من حسنت نواياه وشك يوما فى أن مصر تمارس التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان، أصبح متأكدا الآن بأن التعذيب حاصل وأن الدولة التى تحرض على ستره واخفائه ضاقت بجهود كشفه وعلاج ضحاياه. لذلك فإنها انقضت على المركز وضمته إلى ضحايا الاختفاء القسرى، مع فارق بسيط أن مكان المركز بات معلوما.
وأكد هويدي ان قرار تشميع مركز النديم نموذج للقرارات العشوائية التى تصدر مفتقدة للذكاء فى مصر بحيث يصبح الضرر فيها أكثر من النفع. وهو ما يدعونا إلى القول بأنه فى ظل أداء من ذلك القبيل لا تكون مصر مضطرة للإشارة إلى "أهل الشر" فى الإساءة إليها.. إذ صار زيتنا فى دقيقنا.