تقارير: 11 وفاة من التعذيب والإهمال و37 شهداء عربة الترحيلات و136 مفقودا
فجر عاطف صحصاح
بعد استشهاد الدكتور "محمد السيد الغزلاني" في سجون الانقلاب في الخامس من فبراير الماضي، عادت للظهور قضية الإهمال الطبي للمعتقلين في سجون الانقلاب. وهي الأحوال التي تسببت حتى الآن في الكثير من حالات الوفاة؛ البعض منها تمت معرفته، في حين لم يتم الوصول إلى الحالات الأخرى، في حين تشير بعض التقارير وفقا لتصريحات من المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إلى أن عدد حالات الوفاة نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب وصل إلى الآن عشر حالات بخلاف الحالة الأخيرة للدكتور الغزلاني، كل ذلك بخلاف المذابح والقتل المباشر كما حدث لـ37 شهيدا في مجزرة عربة الترحيلات. وبخلاف أيضا أكثر من 136 مفقودًا إلى الآن قد يكون تم تعذيبهم ودفنهم داخل السجون دون علم من أحد.
شهداء الإهمال الطبي
كان آخر شهداء هذا الإهمال الطبي حتى الآن هو الشهيد -د.محمد الغزلاني- من مدينة كرداسة بمحافظة الجيزة، وقد كانت بداية اعتقاله على يد قوات الانقلاب أثناء حصارهم لكرداسة منذ أربعة أشهر، ونتيجة لتلفيق اتهام له باقتحام سجن كرداسة، ولأنه يعاني من العديد من الأمراض التي تستوجب رعاية ومتابعة خاصة كالارتفاع في ضغط الدم والسكر والقلب والكبد، ومع التدهور الشديد لحالته الصحية، وشدة معاناته من الآلام منذ شهر تقريبا في السجن، فضلا عن إصابته بشلل في الجزء السفلي من جسده أدى إلى جلوسه على كرسي متحرك منذ ما يقرب من أسبوعين، فقد أوصى طبيب السجن بضرورة نقله إلى المستشفى لدقة حالته وضرورة ملاحظته المستمرة. إلا أن إدارة السجون رفضت ذلك ولم تنقله للمستشفى. وكل ذلك أدى به إلى الدخول في حالة غيبوبة تامة نقل على أثرها إلى مستشفى سجن طره وهناك ارتقى شهيدا عند ربه بإذن الله. ومن الجدير بالذكر أن قوات الانقلاب كانت قد أحرقت منزل الغزلاني، وأغلقت المستشفى الخاص به عقب اعتقاله، بل وتكسير محتوياتها، في حين أنها تعد أكبر المستشفىات في منطقة كرداسة، ويستفيد من خدماتها الآلاف من الأهالي هناك.
وفي 6 يناير استشهد -سامي محمود إبراهيم أبو ركبة- من رافضي الانقلاب بمنطقة المعمورة بمحافظة الإسكندرية، حيث ارتقى نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من إدارة سجن طره. وبحسب شبكة رصد، فقد جاءته أزمة صحية فجرا، وتم الطرق على باب الزنزانة دون جدوى، وذلك حتى العاشرة والنصف صباحًا، بعدها تم أخذه إلى عيادة السجن وتوفي بعد وصوله إلى هناك. في حين كتبوا في الأوراق الرسمية أنه تم تحويله إلى مستشفى سجن طره منذ الثامن والعشرين من ديسمبر مع أن هذا لم يحدث. كما أن الطبيب المعالج في استقبال طره تعامل مع الحالة ببرود وإهمال، وعند الوفاة أرسل الحالة إلى مستشفى سجن طره مزورًا في تقريره بأن الحالة توفيت في مستشفى السجن وليس في العيادة. جدير بالذكر أن –أبو ركبة- مريض بالضغط والسكر وقصور بالقلب ومصاب بورم حميد في منطقة الرقبة والصدر إلى الجانب الأيمن الأمامي. كما أنه قد تم عرضه من قبل على مستشفى سجن أبو زعبل، وأوصى الطبيب بعرضه على جراح وتم تجاهل الأمر.
وفي 29 سبتمبر 2013 ارتقي عبد الوهاب محمد عبد الوهاب 46 عاما فلاح من مؤيدي الشرعية، والمحبوس احتياطيا داخل سجن المنيا العسكري؛ حيث ارتقى نتيجة الإهمال الطبي بعد إصابته بغيبوبة بسبب بمرض السكر.
وفي 26 من سبتمبر الماضي، استشهد أيضا الدكتور "صفوت خليل" أحد المعتقلين الرافضين للانقلاب العسكري بسجن المنصورة العمومي، والذي اعتقلته الأجهزة الأمنية المصرية على الرغم من أنه يعاني من مرض السرطان ويحتاج للعلاج الكيماوي مع بتر جزء من قدمه قبيل اعتقاله. وكان –خليل- قد اعتقل في 24 أغسطس الماضي، دون مراعاة لمرضه، ودون تقديم ما يناسب حالته داخل المعتقل. وبحسب -المرصد الإعلامي الإسلامي في بريطانيا- فالدكتور خليل هو الأب الروحي لصيادلة الدقهلية ومن أبرز مؤسسي نقابة ونادي الصيادلة بالدقهلية، ويشهد له الصيادلة بدوره المهني والخدمي، ويعتبره البعض بمثابة الأب الروحي للصيادلة، كما أنه عضو في لجان التحكيم لحل مشاكل الصيادلة، وكانت محكمة جنايات المنصورة قد قررت إخلاء سبيله في نفس يوم وفاته ولم تنفذ سلطات الانقلاب القرار.
قصة الشهيد عبد الرحمن الرازحي
يقول شاكر محمد شاكر –المحامي – والمسئول عن ملف قضية الشهيد بسبب الإهمال الطبي أيضا "عبد الرحمن مصطفي الرازحي" والذي كان متهما على ذمة قضية اقتحام سجون وادي النطرون تم اعتقال الرازحي في 16 أغسطس الماضي، وتم إيداعه في سجن ليمان طره في حبس انفرادي؛ ولأن التوقيت كان صيفا وحرا شديدا فقد شعر في البداية بأرق شديد من شدة الحر، ولذا فطلب "مروحة" تدخل له، فجاء بها أهله، ولكن إدارة السجن رفضت دخولها له، وفي هذه الأثناء لم يكن شعوره بالألم ناتجا فقط عن الحرارة ولكنها كانت أعراضا لم يكن أحد يعلم بما تشي به من مرض، فقد كان قبل اعتقاله يشكو من بعض الآلام البسيطة وأجرى لذلك بعض الفحوصات والتحاليل ولكن نتيجتها لم تكن ظهرت بعد حتى اعتقاله، ولذا فأثناء وجوده في محبسه بدأت الآلام تشتد عليه، ولم يعلم أحد مما يعاني، وأكد الأطباء الذين رأوه في محبسه بضرورة إجرائه لفحوصات من نوع خاص في إحدى المستشفىات الخاصة الشهيرة والمعدة لهذا الغرض، في حين رفضت إدارة السجن هذا المطلب، وهنا بدأت حالته تزداد سوءا، فسمحوا له فقط بدخول المروحة، وبعض الأدوية من الخارج التي أتينا له بها، ولكن حالته استمرت في التدهور حتى صار لا يتحرك تماما، فتم نقله إلى مستشفى السجن، في حين إنها ليست معدة بما يكفي لاستقبال مثل تلك الحالات الحرجة، أو لإجراء تحاليل وفحوصات من نوع دقيق ومتخصص، وهناك أمضى ما بين 40 إلى 45 يوما.
وفي التجديد الأخير لحبسه لم يأتوا به، وبناء على التقارير الطبية وشهادة الأطباء قام قاضي التحقيق بإصدار قراره بإخلاء سبيله ودون كفالة نظرا لظروفه الصحية، في حين أنه لم يحضر أمام النيابة نظرا لصعوبة إحضاره في حالته السيئة تلك، ومع ذلك استأنفت نيابة أمن الدولة قرار الإفراج عنه، وتم تحويله في اليوم الثاني لمحكمة الجنايات مع ستة آخرين، ولكنه أيضا لظروفه الصحية لم يأتوا به لحضور المحاكمة، والتي ألغت قرار الإفراج عنه رغم التقارير الطبية، وفي اليوم الثاني ذهب أخوه لزيارته فأخبرته إدارة السجن بأنه قد تم نقله إلى المستشفى التخصصي وأنه قد توفي منذ يومين ودون أن يعلم أحد. وبعد وفاته علمنا أنه كان مصابا بالسرطان، ولا أحد يعلم، ونظرا للإهمال الشديد في متابعة وعلاج حالته فقد لقي ربه شهيدا في معتقلات الانقلاب!
ومما يدل على الإهمال الشديد للمعتقلين أنه قد تم تحديد جلسة بتاريخ 9 فبراير في إحدى القضايا الملفقة المتهم فيها الشهيد عبد الرحمن، وذلك على الرغم من استشهاده.. مما يدل على سوء الإدارة وعدم المتابعة الدقيقة لأحوال من يختطفونهم أو يقيدون حريتهم.
ويستطرد -شاكر- مؤكدا: لم تكن حالة الشهيد عبد الرحمن وحدها، بل هناك الكثير ممن ينتظرون نفس المصير، ومن هؤلاء مثلا "عبد الله الشرقاوي" وهو مسن تعدى السبعين عاما، ومعتقل في طره منذ شهرين تقريبا، في حين أنه مريض بالسكر والضغط والانزلاق الغضروفي، وكسر في بعض الفقرات، ومع ذلك رفضوا تحويله للانتقال إلى المستشفى رغم وجود تقارير طبية بحالته تلك!
وفي قسم عين شمس تم اعتقال وحبس د.محمد حامد شريد، وهو أيضا مسن يبلغ من العمر 68 عاما، ومريض بالسكر والضغط وبجلطة في عينه، في حين يتم منعه أيضا من الذهاب للمستشفى لمتابعة حالته الدقيقة.
وهذه الحالات هي بعض الملاحظات في القاهرة وحدها، في حين إن سجون ومعتقلات الصعيد تعاني أكثر من ذلك، خاصة أنها بعيدة عن تسليط الضوء عليها وعلي من فيها.
فعلي سبيل المثال في أسيوط هناك الحاج "مدثر محمد إبراهيم" وهو مسن تخطى الثمانين أو أقل قليلا، من مركز القوصية، وتم اعتقاله،من ثلاثة أشهر أو أكثر قليلا، وبعد خروجه تقريبا بأسبوعين، تم اعتقاله مرة أخرى من بيته منذ حوالي عشرة أيام، وهناك تم الاعتداء عليه حتى فقد الوعي وذهب في حالة إغماء، ومع ذلك لم يتركوه، بل اعتقلوه، وهو في حالته الصحية السيئة تلك، ورغم سنه المتقدم.
ومن جانبهم يحمل أهله سلطات الانقلاب مسئولية حياته، لأنه بالطبع في وضع خطير يهدد حياته كلها، فهو بخلاف سنه مصاب بعدد من الأمراض ويحتاج إلى بيئة مناسبة لرعايته. في حين يتم حبسه مع جنائيين، في أماكن ضيقة غير آدمية أو صحية على الإطلاق.
يردف شاكر: وكذلك في أسيوط أيضا توجد حالة المهندس"محمد صفوت" وهو مريض بالكبد ويعالج بالحقن المجهري، وتقدمنا بتقاريره الطبية للمحكمة والمحامي العام، ومع ذلك رفضوا الإفراج عنه، وهو لا يزال قيد الاعتقال حتى الآن منذ شهر ونصف تقريبا، ولا يتلقى سوى بعض الأدوية العادية التقليدية، في حين أنه يحتاج إلى حقنة مرتين شهريا في مستشفى خاص بالقاهرة، لأن حالة الكبد في طور متأخر لديه، ومع ذلك لم يسمحوا له بالمجيء، وحياته الآن في خطر نتيجة لذلك.
ويضيف -شاكر- من ملاحظاته داخل المعتقلات، أن الإهمال طبي داخل المعتقلات والسجون هو أمر منتشر وملاحظ طيلة طوال الوقت ولسنوات عديدة ماضية، ولكن منذ الانقلاب زاد هذا الإهمال بشكل كبير، ففي عصر المخلوع نفسه كانت هناك مرونة إلى حد ما خاصة مع المرضى، بحيث إذا تقدمنا بطلب لنقل أحد المعتقلين المرضى إلى المستشفى التي تحتاجها حالته كانت تتم الموافقة، أما الآن فطالما تم اعتقال أحد مؤيدي الشرعية ومهما كانت حالته الصحية، فله أن يظل يعاني ويتألم وحيدا في محبسه. وهناك المئات من الحالات التي تقدمت بطلبات للمحامي العام للإفراج الصحي، وجميعها تم رفضها، وهؤلاء جميعهم في انتظار تدهور صحتهم، أو استشهادهم داخل السجون نظرا لسوء الأوضاع.
وكل ذلك بالطبع رغم أن القانون ينص على أن المحبوسين احتياطيا حتى –المجرمين منهم- لا بد أن يكونوا في سجن عمومي وليس في أقسام الشرطة، ولهم أن يتوافر لكل منهم مكان وسرير وطعام وملابس خاصة، والأهم أن المريض له حقوق على الأقل في الانتقال للمستشفى المناسبة لحالته، وبالطبع هذه الأمور رفاهية لا يجدها المعتقلين تماما، بل يتعاملون بنظام "القوة والبلطجة" داخل السجون. وهذا التعنت للأسف لا نجده من الشرطة فقط بل من النيابة أيضا، فهما الآن يكمل كل منهما الآخر في التآمر وإلحاق الأذى بمؤيدي الشرعية.
مريض مهدد بالشلل
ويقول أحمد عبد العزيز خلف: أصيب والدي في مجزرة فض رابعة بطلق ناري أحدهما في الذراع الأيمن، والأخرى في البطن، ومع ذلك تم اعتقاله وهو رهن العلاج ورغم جرحه الظاهر، وهو لا يزال معتقلا إلى الآن في سجن أسيوط العمومي، وعقب اعتقاله لم تسعفه إدارة السجن بالمتابعة الصحية لحالته الدقيقة، ولكن أكرمه الله بوجود طبيب أطفال من بين المعتقلين معه، وهو الذي تولي التغيير والإشراف على الجرح بصفة يومية تقريبا، وعندما احتاج إلى الذهاب للعيادات والمراكز المتخصصة بالخارج فمنذ خمسة أشهر، لم يسمحوا له بذلك؛ رغم أنه ونتيجة للإصابة في يده حدث له ضمور في العضلات، وكان الأمر في حاجة إلى جلسات كهرباء حتى تعود العضلات لشكلها ووضعها الصحيح، وفي كل مرة يتم فيها تقديم طلبات للسماح بتلك الجلسات، لكن إدارة السجن تتعنت ولم توافق على ذلك حتى الآن، وهو ما جعل ذراعه الأيمن غير مستخدم تقريبا وهو ما يعني أنه قد لا يستطيع تحريكها فيها بعد. كل ذلك بخلاف أن أجواء الاحتجاز غير صحية للإنسان العادي، فضلا عن أن تكون مناسبة لمريض تحت العلاج، فالأعداد كبيرة جدا في مساحة ضيقة.
ورديات للنوم
ويلفت عماد الدين نجيب -محامي معتقلين- الانتباه إلى أن سجن العقرب مغلق الآن ولا يعرف أحد ماذا يحدث داخله، فالأهالي لا تستطيع الدخول أو الزيارة أو إدخال طعام أو أدوية أو أي شيء من هذا القبيل. يضيف: وقد استغاثت الأهالي بنا كمحامين وبالفعل حصلنا على تصاريح زيارة من نيابة أمن الدولة، وذهبنا إلى هناك في حين منعتنا إدارة السجن من الدخول، وهو ما يعني أن المصابين ليس فقط بالأمراض الخطيرة هم من يتعرضون للخطر، ولكن حتى أبسط الأمراض لا يستطيع ذوي المعتقل إدخال ما يحتاجه من أدوية إليهم.
ويشير -نجيب- إلى أن كافة السجون والزنازين وعنابر الاحتجاز، ليس بها أي لون من ألوان الوقاية، ويتم فيها احتجاز ما يقرب من 45 فردا مثلا في غرفة لا تتعد 12 مترا، حتى أن هناك زنازين في سجن "أبو زعبل"، لكي ينام المحتجزون يقوموا بعمل ورديات للنوم بالتوالي؛ البعض يقف، والبعض الآخر ينام. كذلك فحدوث العدوى هناك من أسهل ما يمكن، خاصة مع الحرمان من التريّض أو الخروج في الشمس، وفي أفضل الأحوال يسمحون للبعض مرة في الأسبوع بالخروج والسير في طرقة قصيرة عرضها متر ونصف في حين لا تصل إليها الشمس. حتى إننا نرى معتقلين يقولون لنا إنهم لا يرون الشمس إلا في يوم عرض النيابة. وهو ما يحدث في السجون جميعها تقريبا، خاصة مع زيادة الأعداد وتكدس المعتقلين.
وعندما يمرض البعض نتيجة تلك الأجواء ويطالب بالذهاب إلى المستشفى، يتهمونه بالتمارض والكذب، ويظل على ذلك حتى ترتفع مثلا حرارة الشخص إلى أربعين ولا يستطيع الحركة، فحينها قد يحضرون له بعض المضادات الحيوية وانتهى الأمر.
ومن بين الحالات مثلا فقد أصيب المهندس أحمد هلال والذي تم اعتقال الدكتور عصام العريان من منزله، أصيب في محبسه بمرض العصب السابع، وحتى علمنا بالأمر وتقدمنا بطلب للنيابة استغرق الأمر مثلا أسبوعين كل ذلك فقط حتى يتم نقله إلى مستشفى السجن، ولم يوافقوا على نقله لمستشفى آخر جيد رغم احتياج حالته لذلك، ورغم أن مستشفى السجن قليل الإمكانيات، ولا يزال حتى الآن يمثل للشفاء ببطء شديد، خاصة أن عمره يتعدى الـ 65 عاما. والمرض ليس ببسيط. كذلك فالتأخير في الاستجابة قد أدى إلى تدهور الحالة من البداية.
ويردف -نجيب- مشيرا إلى أن إشراك الجنائيين مع السياسيين مع المرضى مع المسنين كل هؤلاء في مكان واحد مما يجعل الأوضاع غير صحية للجميع بالمرة. وقد رأيت بنفسي كيف أنهم أتوا من بني سويف بشيخ كبير له من العمر 76 عاما، وهو رجل مريض يسير على عكازين، ولم يشفع له كل ذلك، بل اقتادوه واعتقلوه!
وكذلك المهندس فتحي شهاب -القيادي بجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة- وهو مريض بالقلب وله من العمر ما يقرب من 67 عاما، ويحتاج إلى نوع خاص من الأدوية، وتنتابه لذلك غيبوبة بين الحين والآخر، وينتظر يوم عرضه على النيابة بفارغ الصبر حتى نعطي له شريط الدواء، وتقدمنا له أكثر من طلب ليتم نقله من زنزانته إلى المستشفى ولكن حتى الآن لا توجد استجابة. في حين يتركونه يتعرض للموت من جراء الأعداد الكبيرة في الزنزانة المغلقة والتي بها كذلك عدد من الجنائيين من المدخنين، والذين لا يكتفون فقط بالتدخين العادي، ولكنهم يتعاطون أشياء أخرى.. مما يؤثر بالطبع على صحة كل من حولهم خاصة المرضى. وهو أمر موجود في أغلب السجون.
لا قانون ولا حقوق
ومن جانبه يذكر حسين فاروق -المحامي وعضو اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة- أن القانون قد حدد بعض الاشتراطات لمن يقضي فترة حبس أو اعتقال، من أهمها توفير البيئة المناسبة للإقامة، كذلك الحق في توفير العلاج والدواء والانتقال للمستشفى المناسب لمتابعة الحالة، بل إن القانون ينص على أن الشخص ولو كان محكوما عليه بالإعدام لا بد من علاجه أولا قبل تنفيذ العقوبة، ولكن في ظل الأنظمة القمعية يتم التغاضي عن تلك الحقوق، بل يتم تعذيب المعتقلين نفسيا وصحيا، بل إن الأمراض تنتشر داخل السجون والمعتقلات، فالاعتقال لدينا الهدف منه الإيذاء وتعريض حياة المعتقلين للخطر، حتى إن من يتوفي داخل لسجن نتيجة عارض أو مرض من سوء الأحوال هناك، فيتم التغاضي وغض الطرف ولا تتم محاسبة من تسبب في ذلك.
ومن بين هؤلاء المرضي والذين الآن في حالة خطرة النائب علي فتح الباب عضو مجلس الشورى الشرعي، والمستشار محمود الخضيري، فكلاهما الآن في حالة خطرة. في حين يتم منع العلاج عنهما أو الذهاب بهما إلى المستشفىات. وهناك حالات أخرى تستوجب علاجا تخصصيا مثل مرضي فيروس "سي"، ومرضي الفشل الكلوي. ومع ذلك لا يتلقون العلاج المناسب. بل إن هناك حالة حديثة لديه اشتباه بأنفلونزا الخنازير وهو ما يهدد كل من حوله بالعدوى، ومع ذلك جددوا له الحبس ولم ينقلوه إلى المستشفى.
ويضيف -فاروق- أن القانون قد أوكل للنيابة العامة سلطة الإشراف على السجون ومتابعة ما بها من انتهاكات وتقديم المستحقين للمحاكمات، في حين إن النيابة العامة الآن لا تقوم بهذا الدور بل هي متفرغة للقضايا السياسية وحبس أصحاب الرأي. حتى صارت السجون إما مجازر وإما مدافن.
ويستحسن -فاروق- فكرة إبلاغ المنظمات الحقوقية الدولية بتلك الأوضاع الغاية في السوء، خاصة بعد وجود العديد من حالات الوفاة، وهناك حالات أخرى على وشك الوفاة أيضا نتيجة سوء الأحوال والإهمال وتعمد الإضرار الصحي. وهذا الإبلاغ من الأمور الجائزة قانونا ودستورا، خاصة لأن مصر من الموقعين على مواثيق حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب؛ في حين أنهم لا يتذكروا تلك المواثيق إلا لما يريدونه هم فقط.