كتب سيد توكل:
وصفت الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية الهمجية الروسية والعدوان على سوريا على أنها "حرب مقدسة"، قبلها في عام 2003 وصف الرئيس اﻷمريكي "بوش الصغير" عدوانه الدموي على المسلمين في العراق وأفغانستان كحرب "صليبية"، واليوم يفعلها قادة أوروبا عندما اجتمعوا في ضيافة بابا الفاتيكان تحت ظلال الصليب ليعلنوا الحرب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ومعلوم أن "أردوغان" ليس قديسًا ولا وليًا معصومًا، لكن حسب المراقبين لا ينكر عاقل الدور الذي لعبه الرئيس أردوغان في تحديث تركيا وانتشالها من براثن التخلف والتبعية، إلى مصاف الدول الكبرى على مستوي الصحة والتعليم والاقتصاد والبنية التحتية، كذلك أيضًا، توقفت مطاردة الإسلام في تركيا منذ قدوم أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وهذا ما جعل أوروبا تدق أجراس الكنائس وتعلن الحرب الصليبية مجددًا ضد الخليفة العثماني الجديد.
تلك الأجراس التي قال عنها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن اجتماع قادة دول الاتحاد الأوروبي في الفاتيكان بمناسبة الذكرى السنوية الستين لتأسيس الاتحاد "أظهر تحالفهم الصليبي"، ويوم السبت الماضي، اجتمع قادة دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة الإيطالية روما والفاتيكان، بمناسبة الذكرى الـ60 لتوقيع اتفاقية "روما"، التي تأسس بموجبها الاتحاد.
وبما لأردوغان من كاريزما وزعامة وحضور وتأثير وجماهيرية، فإن الغرب استشعر خطورة استمراره، فعمد إلى إخفائه من مسرح الجمهورية التركية، سواء عن طريق محاولات الاغتيال، أو الانقلاب، وكان آخرها الجريمة الخسيسة التي وقعت في 15 يوليو 2016م التي سميت "الانقلاب الفاشل" من قبل بعض العناصر الخائنة داخل الجيش التركي.
لماذا اجتمعتم في الفاتيكان؟
تصريحات أردوغان جاءت في كلمة ألقاها خلال مشاركته في افتتاح عدد من المشاريع التنموية بمنطقة "سنجق تبه" في إسطنبول، وتساءل أردوغان: "لماذا اجتمعتم في الفاتيكان؟! ومنذ متى كان البابا عضواً في الاتحاد الأوروبي؟!".
ولفت الرئيس التركي إلى أن "الاتحاد الأوروبي يرفض عضوية تركيا لكونها دولة مسلمة"، منتقدًا مواقف الأوروبيين تجاه تركيا، متهمًا إياهم بدعم الإرهابيين وتوفير الأسلحة للعناصر الإرهابية الناشطة في المنطقة.
وفي هذا الصدد، قال أردوغان: "عليهم ألّا ينسوا بأن من يدخل الجحر مع الأفعى لن يسلم من لدغها، فالأسلحة التي يعطونها للإرهابيين سيأتي يوم وتشهر في وجههم".
وتابع: إن "غضب الأوروبيين ليس لأننا انحرفنا عن الطريق الصحيح، وإنما لأننا لم نعد نأتمر بأمرهم ولم تعد ننصاع لمطالبهم".
وتطرق أردوغان خلال حديثه إلى الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 16 إبريل المقبل، مشيرًا إلى أن الانتقال إلى النظام الرئاسي سيزيل العديد من العقبات التي كانت تعترض تقدم تركيا وتطورها في المجالات كافة.
وأضاف: إنه "مع النظام الجديد لن نشهد تشكيل الحكومات في غرف الفنادق، وبتعليمات من مالكي وسائل الإعلام كما كان في السابق، وكل شيء سيكون شفافًا، فالشعب هو الذي سيختار الحكومة ورئيس البلاد معًا".
نيران مشتعلة
عقب الانقلاب الفاشل صارت الحاجة ملحة لتعديل الدستور التركي، وتحويل تركيا من النظام البرلماني إلي النظام الرئاسي الذي يضمن وحدة واستقرار تركيا، لا سيما في ظل النيران المشتعلة من كل جانب، هنا ثارت ثائرة الغرب الصليبي الذي أعلن حربا مفتوحة ضد تركيا شملت التحريض ونشر الأكاذيب ومنع المؤتمرات التعريفية بالدستور الجديد في الدول الأوروبية، كما صدرت التعليمات لعملاء الغرب من العلمانيين العرب، لممارسة كل أنواع الشذوذ النفسي والفكري الذي يتميز به هؤلاء العلمانيون دون غيرهم من خلق الله.
العلمانيون والعسكريون العرب أمثال رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، سفلة بلا أخلاق أو قيم، ملكيون أكثر من الملك، وصليبيون أكثر من الصليبيين، وازدواجيون أكثر من المزدوجين في الغرب، لا ينتقدون من الأديان إلا الإسلام، ولا يهاجمون من الشرائع إلا الإسلام، لا يجرؤون على انتقاد عُبّاد البقر أو عبدة الفئران أو السخرية من أي ديانة وضعية أو مختلقة، فقط انتقاداتهم للإسلام، فقط سخريتهم من القرآن الكريم، فقط تهكمهم من السنة النبوية الشريفة، فقط بذاءاتهم ضد المرأة المسلمة المحجبة.
وفي هذا الإطار نفهم أن يقوم هؤلاء العملاء بحملة شعواء ضد الرئيس أردوغان والتعديلات الدستورية في تركيا، وبث الأكاذيب حول ديكتاتورية أردوغان، ولم لا، وهم بموجب شذوذهم النفسي والفكري يرون في التصرفات النازية الفاشية للدول الأوروبية التي منعت مؤتمرات انتخابية، عملا ديمقراطيا، هذه هي حرية الرأي والتعبير من وجهة نظر العلمانيين العرب.
الحرية الأوروبية الزائفة
يقول الفيلسوف الفرنسي الشهير فولتير: "قد أختلف معك في الرأي ولكنني على استعداد أن أموت دفاعًا عن رأيك"، ها هي الدول الأوروبية "المتحضرة" تمنع مؤتمرات للرأي للتعريف بالتعديلات الدستورية الجديدة،هذه قيم الحرية الزائفة، وهي ذاتها قيم العلمانيين العرب، الذين يرون في سب الله ورسوله والقرآن الكريم وأمهات المؤمنين والصحابة، "حرية رأي" و"إبداع" و"تصدي للفاشية الدينية"، لكنهم في الوقت ذاته ينتفضون إذا ما تساءل مفكر أو كاتب عن أشياء في الأناجيل أو العهد القديم أو أي شيء يخص اليهود والنصارى أو أي ملة أو نحلة أخرى.
إن شذوذ العلمانيين العرب يدل في المقام الأول عل خستهم ووضاعتهم، وأنهم كذبة، لا يخجلون، ولا يتناهون عن منكر يفعلوه، وأنهم مجرد بوق رخيص منحط لأسيادهم في الغرب الصليبي، ستعبر تركيا هذا الامتحان بدستور جديد نظيف، وسيبقي الخزي والعار للعلمانيين العرب وأسيادهم.