كتب سيد توكل:
مخدرات السيسي كشفها موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي، مؤكدًا أن المسار الاقتصادي الذي تنتهجه حكومات الانقلاب لا يبشر بالخير، على الرغم من وعود إعلام العسكر بأن القادم أفضل فيما يخص أحوال مصر الاقتصادية.
مخدرات السيسي جاءت مع تحرير سعر الصرف من قبل البنك المركزي، مزيلًا كافة قيوده السابقة على الجنيه المصري ليترك قيمته حرة تحدد حسب العرض والطلب من قبل السوق، هذه الخطوة جاءت لتأمين حصول جنرالات العسكر على قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، إلا أن ما حدث بعدها هو انهيار قيمة الجنيه المصري في مواجهة الدولار.
وأشار التقرير إلي وصول قيمة الدولار إلى أسعار وهمية بسرعة كبيرة للغاية، فمن 9 جنيهات للدولار الواحد، لـ15، ثم بعدها ب4 أيام وصل إلى 18 جنيه، ثم 20 جنيهاً، وأن السيسي للحصول على النصف الثاني من القرض ذهب إلى رفع الدعم عن رغيف الخبز الذي يعتمد عليه المصريون، معتمدًا على أن أغلب الشعب خصوصًا مؤيدي الانقلاب دخل في غيبوبة إعلامية ووعود كاذبة وأصبح مسطول اقتصادياً وفاقد للوعي.
"الحرية والعدالة" رصدت الوسائل، والحيل، التي يستخدمها نظام السيسي لتسكين الاقتصاد "المتأزم"، التي يصفها خبراء الاقتصاد بالمخدرة، على المدى المتوسط والمدى الطويل.
تلميع الفناكيش
قال المركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن أبرز الأسباب التي تؤدي إلى زيادة عجز الموازنة العامة للدولة بفارق كبير عما تتوقعه الحكومة المصرية، هي التقديرات المبالغ فيها للإيرادات عند إعداد مشروع الموازنة، خاصة الإيرادات الضريبية، وذلك رغم التباطؤ الاقتصادي النسبي الذي تشهده البلاد لعوامل داخلية وخارجية.
وأظهر مسح اقتصادي أن المبالغة في التقديرات هي منهج يتبناه نظام عبد الفتاح السيسي، ففي المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في شرم الشيخ عام 2015، وتحل ذكراه الثانية في 15 مارس الجاري، بلغت تقديرات حصيلة الاستثمارات والاتفاقيات والقروض التي جاءت في تصريحات مختلفة على لسان وزراء حكومة محلب، 130 مليار دولار، وروج الإعلام المصري لهذه النتائج على أنها فتح اقتصادي كبير، ثم ما لبث أن ذهبت كل تلك المليارات أدراج الرياح، ولم يستفد منها المواطن المصري، سوى نشوة أمل، سرعان ما اصطدمت بالواقع المرير الذي يعيشه.
وكذلك في الترويج لمشروع حفر تفريعة جديدة لقناة السويس، أعلن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، في تصريح منسوب له أن دخل مصر من جراء مشروع "التفريعة" سيصل إلى 100 مليار دولار سنويا، في حين أن إيرادات قناة السويس السنوية سجلت تراجعا كبيرا بعد افتتاح "التفريعة" في 6 أغسطس 2015، وكشفت البيانات الرسمية أن الإيرادات بعد عام من افتتاح "التفريعة" كانت هي الأقل في السنوات العشر السابقة، حيث جاءت جملة الإيرادات 4.1 مليارات دولار، فيما كانت من 10 سنوات 4.61 مليارات دولار ولم تتراجع لمثل تلك المستويات من قبل.
إدمان الديون
كما يتبع نظام الانقلاب إلي جانب المبالغة في تقدير الإيرادات، سياسة التوسع في القروض، وأظهرت بيانات البنك المركزي ارتفاع الدين الخارجي لمصر خلال الربع الأول من العام المالي الحالي (2016-2017) إلى 60.153 مليار دولار مقارنة بـ46.148 مليار دولار في الربع المقابل من العام المالي الماضي (2015-2016) بنسبة زيادة 30%، وارتفع الدين المحلي خلال تلك الفترة من 2.259 تريليون جنيه إلى 2.758 تريليون جنيه، بنسبة زيادة 22%.
وقال عضو اللجنة الاقتصادية في برلمان العسكر، محمد بدراوي، إن بيانات البنك المركزي الأخيرة كشفت أن الحكومة المصرية اقترضت خلال العام الماضي فقط نحو ثلث ما اقترضته في 60 عاما، لافتا إلى أن ارتفاع حجم الدين سيؤدي إلى رفع معدل الفوائد على الديون، مما سيزيد من عجز الموازنة العامة للدولة في العام المالي المقبل.
الإدارة بالنكت!
وفي لقائه مع الإعلامي أسامة كمال، عبر فضائية "dmc"، قال عامر: "حديثي عن الدولار بأربعة جنيهات، كان نكتة، والشعب المصري بيحب النكتة، لكن المرة دي بيحبوا ياخدوا اللي على كيفهم، ويحولوه لـ.. ما يصحش"، قاصدا التوقعات التي يعلنها البعض عن سعر الصرف في الفترة المقبلة.
وبعد "نكته" محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، تساءل مراقبون ومصرفيون: "هل أصبحت السياسة النقدية في مصر تدار بالنكت؟" منتقدين استخدام "النكتة" كإحدى أدوات البنك المركزي في دعم الجنيه المصري، ومحاربة السوق السوداء لسعر الصرف.
وجدنا مغارة على بابا!
ومؤخرا انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، "شائعات أسطورية" عن اكتشاف قوات الجيش المصري ثروة خرافية تقدر بـ600 مليار دولار فى جبل الحلال بسيناء خلال مطاردته لمجموعات مسلحة، وحتى كتابة هذه السطور لم يصدر بيان أو تصريح رسمي ينفي أو يكذب تلك الشائعات المتداولة، وهو ما اعتبر مراقبون أن الهدف منها هو إعطاء أمل "ولو وهمي" لشريحة واسعة من أبناء الشعب المصري التي قد تصدق تلك "الخرافات".
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، أشرف دوابة، أن أصل المشكلة هو عسكرة الاقتصاد، حتى أصبح الجيش هو اللاعب الوحيد والمحرك له، ويديره بسياسة الأوامر العسكرية.
وأكد دوابة، أن السيسي لا يهتم بالآثار السلبية لهذه السياسات على المجتمع المصري، بل يهمه فقط الحفاظ على ما لديه من قوة بأي ثمن، لافتا إلي أن كافة سياساته الاقتصادية تضر بالحماية الاجتماعية.