كتب محمد مصباح:
بعد مرحلة من الطناش والإهمال المتعمد لقطاع السياحة ورفض تعويمه في أزماته المتلاحقة منذ انقلاب السيسي في 2013 على الرئيس محمد مرسي، رغم شكاوى أصحاب الفنادق والمشروعات السياحية، وتسريح العمالة الماهرة وهروبها لأعمال أخرى غير السياحة والفندقة، ما اضطر أصحاب المشروعات السياحية لبيعها أو إغلاقها، وهو ما يستهدفه شياطين الجيش، بالاستيلاء على كافة مقدرات مصر، وتجلى في حركة شراء واسعة لعدد من المنتجعات السياحية بشرم الشيخ والغردقة من قبل لواءات جيش.
وتجلت السيطرة العسكرية على القطاع الذي يعاني من خسائر تصل إلى 90% من إمكاناته وعوائده، بعد تفجير طائرة الركاب الروسية، في أكتوبر 2014.
كما أعلن مؤخرا عن دخول الجيش في حلبة المنافسة في إقامة شركات تيسير الحج والعمرة، بعد سلسلة من الأزمات التي وضعتها حكومة السيسي أمام الشركات العاملة في القطاع السياحي، مؤخرا، وصلت لوقف رحلات العمرة لأكثر من 6 شهور ماضية، بدعوى توفير الدولار، فيما الهدف الحقيقي تصفية الشركات لصالح إمبراطورية الجيش التي لا تدفغ رسوما ولا ضرائب لخزينة الدولة.
وفي السياق ذاته، أقيم الأحد الماضي مؤتمر صحفي في القاهرة، للإعلان عن تدشين أضخم مشروع سياحي بالإسكندرية، تحت عنوان "الإسكندرية تستعيد مجدها"، حضره اللواء أركان حرب نبيل سلامة، مدير إدارة نوادي وفنادق القوات المسلحة المالكة للمشروع، وعدد من قيادات الجيش والشخصيات العامة.
وأثار هذا المشروع المخاوف من سعي الجيش لابتلاع قطاع السياحة بالكامل، ليضمه إلى إمبراطوريته الاقتصادية الهائلة، حسب مراقبين.
ويشتكي مستثمرون ورجال أعمال من المنافسة غير العادلة مع مشروعات الجيش، التي تتمتع بمميزات وحوافز اقتصادية لا تتوفر لسواها، من بينها الإعفاءات من الضرائب والجمارك، والعمالة شبه المجانية المعتمدة على المجندين الذين لا يتقاضون أجرا نظير عملهم في المشروعات المختلفة، فضلا عن إقامة المشروعات على أراض مجانية مملوكة للدولة.
هضبة الجلالة نموذج للسيطرة
أما مشروع "هضبة الجلالة" الذي تشرف عليه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والذي يعد أحد المشروعات الكبرى التى تشرف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على تنفيذها ضمن أكثر من (٢٥٣) مشروعًا قوميًا فى مختلف محافظات الجمهورية، حسب تصريحات المتحدث العسكري العميد تامر الرفاعي، في 24 يناير الماضي.
وخطط المشروع ليكون تجمعًا سياحيًا وترفيهيًا وفقًا لأرقى المستويات العالمية.. وخلال عامين ونصف العام تم إنجاز الطريق الرئيسى بعد شق الجبل بطول (٨٢) كم، وسوف ينتهى المنتجع السياحى الفندقى فى غضون 6 أشهر.
كما اكتملت مدينة الملاهى واليخوت بنسبة (٩٥٪) ويتم إنشاء تليفريك يربط بين المنتجع السياحى والمدينة العالمية.
وفى ٢٥ إبريل المقبل سوف تبدأ ملامح العديد من مشروعات المنتجع السياحى. وبجانب ذلك، يشمل المشروع منتجعات سياحية، عبارة عن عمارات سكنية متميزة وأخرى متوسطة لمحدودى الدخل وجامعة الملك عبدالله، التى تم الانتهاء من الدراسات الخاصة بها وسوف يبدأ التنفيذ بعد انتهاء المكاتب الاستشارية من تنفيذ الرسوم، وتضم المدينة أيضًا متنجعًا صحيًا للاستشفاء والنقاهة، كما تضم المدينة مجموعة من المدارس وعمارات للعاملين بالمشروع سواء فى قمة أو أسفل الجبل، وهناك سكن متميز ومحلات تجارية وحى للمال والأعمال وكل ما تحتاج المدينة العالمية من وسائل الترفيه والإعاشة.
كما تضم مدينة هضبة الجلالة الطريق الرئيسى والمحاور الفرعية والمدينة العالمية التى تضم المنتجع السياحى من ناحية البحر وتشمل مدينة لليخوت ومحلات تجارية وسلسلة مطاعم ومنطقة ملاهى مائية جاهزة بألعابها بنسبة (٩٥٪)، إضافة إلى الفندق الجبلى، فضلاً عن وجود تليفريك يربط بين المنتجع السياحى والمدينة العالمية فوق جبل هضبة الجلالة.
أما الفندق الساحلى فى منتجع الجلالة العالمى، وهو مبنى على أحدث طراز مثل الفنادق الـخمس نجوم وطاقته (٣٠٠) غرفة وجناح، إضافة إلى المطاعم وقاعة للمؤتمرات ومركز تجارى وكل احتياجات نزلاء الفندق.
وملحق بالفندق مجموعة من الفيلات والشاليهات لمن يرغب فى قضاء إجازة لمدة يوم أو اثنين أو أسبوع.
وبجانب هذه المشاريع يوجد العديد من المشروعات السياحية التي لا تدفع للدولة مليما واحدا مثل الضرائب أو الرسوم، ولا تحل أزمات البطالة، فيديرها مجندون بنظام (السخرة).
وحول هذا الخطر المحدق بالاقتصاد والسياحة المصرية، يقول الخبير الاقتصادي مدحت نافع، إنه "بعد انقلاب 2013 دخل الجيش في جميع المجالات، من صناعة وسياحة وغيرها، واستثمر فيها.
ولفت نافع في تصريحات صحفية، إلى أن "هذا الوضع الغريب؛ كان أحد أسباب التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه مصر في السنوات الأخيرة؛ لأن مجموعة معينة تستحوذ على مشروعات كثيرة، وتستفيد منها ماديا، دون أن يحاسبها أحد، بينما يخضع قطاع الصناعة بالدولة لقواعد صارمة تفرض على المستشمرين المنافسين".
وكشف النائب السابق محمد العمدة -عبر صفحته في موقع "فيس بوك"- عن حجم المشروعات السياحية للجيش، مشيرا إلى أنها "إمبراطورية سرية تضم المئات من الفنادق والنوادي والقرى السياحية والمطاعم والمسارح ودور السينما، تقدم خدماتها للعسكريين والمدنيين في المحافظات المختلفة، ولا يعرف أحد ميزانياتها".
وكان قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي قد أعلن في ديسمبر الماضي، أن المشروعات الاقتصادية التي يملكها الجيش لا تتعدى 1.5% من حجم الاقتصاد المصري، لكن خبراء أكدوا أن الجيش يملك إمبراطورية اقتصادية عملاقة تقدر بمئات المليارات من الجنيهات، لا تكاد تترك مجالا اقتصاديا إلا ودخلت فيه، بدءا من المشروعات العقارية والمصانع وشركات الأدوية والمستشفيات، مرورا بالمزارع والمتاجر، وانتهاء باستيراد ألبان الأطفال.