كتب رانيا قناوي:
قال الكاتب الصحفي وائل قنديل، إن نظام عبدالفتاح السيسي راض عن كارثة تهجير مسيحيي العريش، مستغلاً هذا الحزن العارم على ما لحق بهم في تنشيط مبيعاته في سوق الحرب على الإرهاب، من خلال ترك المأساة تتسع وتتفاقم، لترسم صورةً لما يدور في العراق وسوريا، وهي الصورة التي طالما استخدمها في عسكرة المجتمع، وقتل السياسة، والإجهاز على أي فرصةٍ لتطور ديمقراطي، والأهم تبرير كل الجرائم بحق الإنسان المصري.
وأكد قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الاثنين، أنه يتم الآن تدريب الأذن المصرية على استقبال مفردة التهجير من سيناء، بحيث تصبح أمراً اعتيادياً فيما بعد، في إطار "بروفة" لعملية تهجير أشمل، وأوسع نطاقاً، تمتد من الأقباط إلى بقية مكونات المجتمع السيناوي، بما يفسح المجال لكل السيناريوهات الكبرى التي تُعدّ للمنطقة، بما تتضمنه من توطين وتغيير في الطبيعة الجغرافية والتركيبة السكانية.
وأشار إلى قوله السابق بأنه يتم بناء"إسماعيلية جديدة" في الأراضي بين سيناء والإسماعيلية القديمة، من أجل استخدام سيناء حلاً لأزمات إقليمية، وإنجاز إنشاء مدينةٍ سكانيةٍ، كاملة، في وقتٍ تتعثر فيها مشاريع السيسي الأخرى التي لم تكن سوى عناوين ضخمة في وسائل إعلامه، من دون أن تتحقق على الأرض، وفي مقابل عشرات الآلاف من المواطنين الذين تدور عملية تهجيرهم، هرباً من حرب الإرهاب على الإرهاب، تقفز أعداد السائحين الصهاينة إلى سيناء قفزاتٍ غير مسبوقة، بحيث بلغت نسبة زيادتها أواخر العام الماضي 140% عن العام السابق 2015. إذ تقول الأرقام المعلنة في الكيان الصهيوني إنه، منذ عودة السياحة الإسرائيلية في أبريل 2016 وحتى أكتوبر 2016، سجل منفذ طابا دخول نحو 420 ألف سائح إسرائيلي، بزيادة قدرها 380 ألفاً عن الفترة نفسها من العام السابق، وقد استمرت الزيادة على الرغم من التحذيرات الإسرائيلية، الرسمية، من المخاطر الأمنية.
ونبه على أننا لم نسمع يوماً أن الدواعش استهدفوا الصهاينة السائحين، ولم نعرف أن سلطات عبد الفتاح السيسي نصحتهم بعدم المجيء، أو اضطرتهم إلى النزوح، بعيداً عن الخطر، كما جرى مع المواطنين المصريين المسيحيين الذين باتوا موضوعاً لعناوين مثيرة، مثل النازحين والمبعدين والمهجرين قسرياً، والعالقين في دروب الرحيل الإجباري. وبالتوازي، يشتعل الحديث عن المساعدات والأعمال التطوعية والتببرعات، تضامناً مع المهجرين من سيناء إلى الاسماعيلية الشقيقة.
وقال "قنديل" إن الإسرائيليين يعيشون أحلى الأوقات بين داعش والسيسي، فيما يواجه المصريون الجحيم، لتصبح المعادلة هكذا: لا مشكلة بين السيسي وإسرائيل، بل وئام وانسجام وتحالف.. لا مواجهة أو صراع بين "داعش" وإسرائيل، بل تعايش وتفاهم، وبذلك تكون الخلاصة أن لا مواجهة حقيقية بين السيسي و"داعش"، بل استثمار متبادل في بورصة الخوف، مذكرا بنكتة المتحدث العسكري السابق إن إزالة "داعش" أبسط كثيراً من نفض الغبار العالق على كتف الجاكيت، أو جزم السيسي أن سيناء تحت السيطرة الكاملة، ولا عبارته الكوميدية "مسافة السكة"، متسائلا: " هل تلمس إرادة حقيقية، وجدية، لدى نظام السيسي لاقتلاع الإرهاب من سيناء؟".
وأكد أنه كلما تصاعد غبار الإرهاب، وجدها السيسي فرصةً لمزيد من التوحش في القضاء على السياسة، والتغول على الحقوق والحريات، ليصبح الأمن عقيدة الدولة ودستورها الوحيد، وأقرب مثالٍ على ذلك استثمار مأساة تهجير الأقباط قسرياً في الدفع بمشاريع برلمانية تفرض مد فترة الرئاسة إلى ست سنوات، ومقترحات بتعديل الدستور، الانقلابي، بحيث لا يمنع ترشحه أكثر من فترتين، وهو ما يعرف في تراث الاستبداد المصري بـ "مشروع فايدة"، نسبة إلى النائبة، المطربة، فايدة كامل، زوجة وزير داخلية أنور السادات، الشرس النبوي إسماعيل، ناهيك عن المضي في إسقاط عضوية النائب محمد السادات، عقاباً له على التواصل مع منظمات مجتمع مدني دولية.