كتب حسن الإسكندراني:
ربما يذكر التاريخ للشيخ سيد النقشبندي أنه المصري الوحيد الذي قرر أن يهاجر من القاهرة إلى طنطا، تاركا صخب العاصمة ووسائل إعلامها واحتفائها به باعتباره من أمهر المبتهلين الذين عرفتهم مصر، ليتجه إلى طنطا، حيث قرر البقاء إلى جوار مسجد السيد البدوي حتى الرحيل.
يعتبر الشيخ سيد محمد النقشبندي، صاحب مدرسة متميزة في الابتهالات، كما أنه أحد أشهر المنشدين والمبتهلين في تاريخ الإنشاد الديني، كما يتمتع بصوت رآه الموسيقيون أحد أقوى وأوسع الأصوات مساحة في تاريخ التسجيلات.
ويحل اليوم الثلاثاء 14 فبراير ذكرى وفاة "النقشبندى" الذى ولد فى 1920 وتوفى فى 14 فبراير 1976، ولقب بأستاذ المداحين، وكلمة (نقشبندي) مكونة من مقطعين هما (نقش) و(بندي) ومعناها في اللغة العربية: القلب، أي: نقش حب الله علي القلب. النقش بند بالفارسية هو الرسام أو النقاش والنقشبندي نسبة إلى فرقة من الصوفية يعرفون بالنقشبندية ونسبتهم إلى شيخهم بهاء الدين نقشبند المتوفى سنة 791 هجرية.
صوته الآخاذ والقوي والمتميز، طالما هز المشاعر، وكان أحد أهم ملامح شهر رمضان المعظم حيث يصافح آذان الملايين وقلوبهم خلال فترة الإفطار، بأحلى الابتهالات التي كانت تنبع من قلبه قبل حنجرته فتسمو معه مشاعر المسلمين، وتجعلهم يرددون بخشوع.
كما يعتبره النقاد والجمهور أحد أبرز من ابتهلوا ورتلوا وأنشدوا التواشيح الدينية بشكل عام. حيث كان ذا قدرة فائقة في أداء الابتهالات والمدائح حتى صار صاحب مدرسة، ولقب بالصوت الخاشع، والكروان.
رحلة طويلة
ولد "النقشبندى" في حارة الشقيقة بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية، عام 1920م. لم يمكث في (دميرة) طويلاً، حيث انتقلت أسرته إلى مدينة طهطا في جنوب الصعيد ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره. في طهطا حفظ القرآن الكريم علي يد الشيخ أحمد خليل قبل أن يستكمل عامه الثامن وتعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية. جده هو محمد بهاء الدين النقشبندي الذي نزح من بخارى بولاية أذربيجان إلى مصر للالتحاق بالأزهر الشريف، ووالده أحد علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية. وكان يتردد علي مولد أبو الحجاج الاقصري وعبد الرحيم القناوي ، وحفظ أشعار البوصيري وابن الفارض.
في عام 1955 استقر في مدينة طنطا وذاعت شهرته في محافظات مصر و الدول العربية، وسافر الي حلب وحماه ودمشق لإحياء الليالي الدينية بدعوة من الرئيس السوري حافظ الأسد، كما زار أبوظبي والأردن وإيران واليمن وإندونسيا والمغرب العربي ودول الخليج ومعظم الدول الأفريقية والآسيوية، وأدى فريضة الحج خمس مرات خلال زيارته للسعودية.
في عام 1966 كان الشيخ سيد النقشبندي بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة والتقي مصادفة بالإذاعي أحمد فراج فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج في رحاب الله ثم سجل العديد من الأدعية الدينية لبرنامج "دعاء" الذي كان يذاع يوميا عقب آذان المغرب، كما اشترك في حلقات البرنامج التليفزيوني في نور الأسماء الحسنى ، كما سجل برنامج الباحث عن الحقيقة والذي يحكي قصة الصحابي الجليل سلمان الفارسي، بالإضافة الي مجموعة من الإبتهالات الدينية التي لحنها محمود الشريف وسيد مكاوي وبليغ حمدي وأحمد صدقي وحلمي أمين.
النور الفريد
وصفه الدكتور مصطفى محمود في برنامج العالم والإيمان، بقول (أنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد) وأجمع خبراء الأصوات على أن صوت الشيخ الجليل من أعذب الأصوات التي قدمت الدعاء الديني؛ فصوته مكون من 8 طبقات، وكان يؤدي "الجواب وجواب الجواب وجواب جواب الجواب"، وصوته يتأرجح بين الميترو سوبرانو والسبرانو.
دخل الشيخ الإذاعة عام 1967م، وترك للإذاعة ثروة من الأناشيد والابتهالات، إلى جانب بعض التلاوات القرآنية لدى السمّيعة.
توفي إثر نوبة قلبية في 14 فبراير 1976م و كرمته محافظة الغربية التي عاش فيها ودفن بها حيث أطلقت اسمه على أكبر شوارع طنطا والممتد من ميدان المحطة حتي ميدان الساعة.
من أهم أعماله بالإنشاد الدينى:جل الإله،أقول أُمتي،أي سلوي،أنت في عين قلبي،يارب دموعنا،حشودنا تدعوك،بدر الكبرى،ربنا،ليلة القدر،أيها الساهر سبحانك يا رب ورسولك المختار ومولاي وأغيب ويارب إن عظمت ذنوبي والنفس تشكو وربّ هب لى هدى.