كتب محمد مصباح:
في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة عجز الموازنة في دولة الانقلاب، التي باتت الذريعة لفرض إجراءات أكثر خشونة ضد الشعب المصري، فارضًا تقشفًا كبيرًا على الشعب، بإلغاء الدعم عن السلع التموينية والخبز والطاقة، مطلقًا نيران الغلاء تأكل الشعب، الذي بات نحو 80% منه في فئة الفقراء، ومنهم نسبة كبيرة لا تستطيع توفير قوت يومها. حسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، مؤخرا. إضافة إلى الديون التي أدت إلى عجز الموازنة الجديدة بأكثر من 103% من الدخل القومي.. تلك الأرقام الكارثية التي تسبب الفشل الذي لا يعرف الانقلاب سواه.. يريد الانقلاب تحميله للشعب بخفض الرواتب ومنع العلاوات السنوية ووقف التعيينات بالوظائف، فيما يستثنى "علية القوم"!
إستراتيجية محاباة الكبار
رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجه مصر، لا يجر السيسي على مواجهة المشاكل المحورية في المنظومة الاقتصادية بمصر، من تهرب الحيش وشركاته من أية رقابة محاسبية أو برلمانية، كما تعفى الشركات التي تسيطر على 60% من الاقتصاد المصري (شركات الجيش) من دفع أي رسوم أو ضرائب أو جمارك.
دولة المستشارين
بجانب استمرار جيش المستشارين الذين مثلوا الدولة العميقة التي تسببت في الانقلاب على الشرعية، حيث يتلقى مستشارو الحكومة رواتب خيالية ودون خدمات فعلية.
وفي هذا الإطار كشف مصدر مسئول في وزارة المالية، مؤخرا، أن الجيش الكبير من المستشارين داخل الجهاز الإداري للدولة، وصل إلى نحو 400 ألف يتقاضون ما يقرب من 20 مليار جنيه سنويًا. وهذه المبالغ تتحملها ميزانية الدولة والصناديق الخاصة.. وهو ما وصفه سابقا المستشار هشام جنينة في تقريره عن فساد دولة السيسي بأنه إهدار للمال العام.. وشكل المستشارون "لوبي" داخل الجهاز الإداري للدولة ضد أي مسئول يريد الإصلاح.
ولعل أبرز نجاحات هؤلاء المستشارين إيهام النظام الحالي بكذب تقارير رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق هشام جنينة.. الذي أكد أن الفساد استشرى في عدد كبير من مفاصل الدولة المصرية، ووصل إلى أكثر من 600 مليار جنيه.
ويتكون لوبي المستشارين من ضباط سابقين وسفراء وصحفيين وخبراء قانون وقضاة ومسئولين سابقين في الجهاز الإداري للدولة، ويتمركزون في عدد كبير من الجهات الحكومية والسيادية وشركات قطاع الأعمال، فضلاً عن وجود عدد كبير من هؤلاء داخل مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء ومبنى البرلمان وداخل دواوين المحافظات.
كما أن هناك تقارير حبيسة داخل أدراج وزارة المالية، تؤكد أن ما يتقاضاه هؤلاء المستشارون سنويًا كفيل بحل العديد من المشكلات التي تعاني منها مصر حاليًا، خاصة الفقر، وإقامة العديد من المشروعات الاقتصادية، لتشغيل نسبة كبيرة من العاطلين، وإقامة كثير من مشروعات البنية التحتية.كما أن ما يتقاضاه جيش المستشارين شهرياً لا يتناسب مع ما يقدموه من أعمال، بل أصبحت "سبوبة" للكثير من الشخصيات المهمة بعد الإحالة للتقاعد، بل ان كثيرا منهم من أصحاب النفوذ داخل النظام.
وكان الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة طالب عددًا من الوزارات والهيئات والجهات السيادية بضرورة التخلص من "لوبي المستشارين" من أجل ترشيد النفقات، وتقليل عجز الموازنة العامة للدولة، وأكد الجهاز في تقرير له أن منصب المستشار صمم من باب "المجاملات" لعدد من الشخصيات المهمة، موضحًا في تقرير له أن الجهاز طالب بخطوات جادة في هذا الملف أكثر من مرة رئيس الوزراء السابق بحكومة الانقلاب إبراهيم محلب والحالي شريف إسماعيل، ولكن لم تقم أي حكومة بالتخلص من هؤلاء الذين تعج بهم المصالح الحكومية في مصر.