كتب رانيا قناوي:
أكد الكاتب الصحفي وائل قنديل أن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، لا يقدم لإسرائيل أكثر مما قدمه حسني مبارك، فكلاهما تخصّص في صناعة البهجة لها، موضحا أن ما يزيد في عهد السيسي هو أن إسرائيل باتت على ثقةٍ بأنه لم يعد ثمة رد فعل على ما تفعله، وضمنت أن خطة تخليق "المواطن الوغد" قد نجحت، عن طريق رجلها الذي صنعت له انقلاباً ناجحاً على السلطة في مصر، وأن ما زرعته، ولم تبخل عليه بالحماية، في يونيو 2013 قد أينع وأثمر، وها هو الحصاد يتساقط تحت أقدامها، فتسعى إلى تحقيق كل أحلامها في السيطرة والهيمنة.
وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الأربعاء، "أنجز السيسي مشروع اصطفافه مع إسرائيل، ضمن حزمة المنبطحين، بالوراثة، من عرب السلام الساخن، فيما لم تنجز الثورة المصرية، أو حتى المعارضة، مشروع اصطفافها في مواجهة أخطر لحظة تمر على الصراع العربي الإسرائيلي، ومنذ البداية حدّد السيسي، ورعاته، أهدافهم، بالدقة والوضوح اللازميْن لإنجاح مشروعهم: توسيع علاقات التصالح مع الصهاينة، وتضييق مساحات التعايش مع "الإخوان" الذين يجري إحلالهم، تبعاً لهذه الكيمياء، في خانة العدو الاستراتيجي للمشروع السيسي، في مقابل نقل إسرائيل إلى خانة الحليف، أو الصديق على الأقل".
وأوضح أننا لن نجد تفاوتاً كبيراً بين خطاب بعض النخب المصرية، بشأن الأخوان، وخطاب صهيوني عتيد، مثل آفي ديختر عضو الكنيست والرئيس السابق لجهاز الشاباك الإسرائيلي (الأمن العام) الذي أعلن، بكل فخر، أن إسرائيل أنفقت المليارات لإنهاء حكم الرئيس القادم من جماعة الإخوان المسلمين، التي يقول عنها إنها "استولت على الحكم"، و"ركبت ثورة الشبان الليبراليين"، وهو الخطاب الذي نجده ممصّراً على لسان قيادات "المصريين الأحرار"، حزب نجيب ساويرس، الذي تم شلحه منه، عندما كانوا يباهون بكفاحهم، بالمال والإعلام، من أجل إنجاح مشروع 30 يونيو الانقلابي.
ونبه على أن مقابل هذا الوضوح والحسم، لدى أصحاب مشروع العدو البديل، مضى مشروع الثورة يتخبط في دروب المماحكات، وتسوّل المصالحات، ليس بين أطراف الثورة وبينهم البعض، وإنما بين أطرافٍ منهم وبين سلطة عبد الفتاح السيسي، و بدلا من النضال من أجل مصالحات ثورية، تسمو فوق مهارشات ست سنوات مرت، تجد هرولةً نحو المصالحة مع السيسي، التي هي بالتبعية مصالحة مع إسرائيل، باعتبار أن السيسي هو مشروع إسرائيل الأوْلى بالرعاية والإنفاق والدعم.
وأكد قنديل أن "معادلة عبد الفتاح السيسي بوضوح هي: كلما أردت الاقتراب من إسرائيل، عليك الابتعاد عن "الإخوان المسلمين". وبالتالي، فإن إقصاء "الإخوان" يساوي إدماج إسرائيل. ولو رجعت لتصريحاته، بعد لقائه ترامب في نيويورك قبل الانتخابات الأمريكية، ستكتشف أن السيسي يعمل بكل تفانٍ وإخلاص من أجل هذه الفكرة، مع الأخذ في الاعتبار أن مفهوم "الإخوان" يتعدّى الدائرة المصرية الضيقة، ويمتد ليشمل كل أشكال العداء للاحتلال الإسرائيلي. هنيئا لإسرائيل بالسيسي، وهنيئاً للسيسي بمعارضةٍ يقتلها الحنين للعودة إلى اللهو في حديقة النظام الخلفية، تشاكسه أحياناً، وتداعبه في أحيان كثيرة".