كتب- رانيا قناوي:
مع تمديد سلطات الانقلاب لحالة الطواريء ، أصدرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" دليلًا استرشاديا بمفهوم حالة الطواريء، وصفت خلاله المنظمة قانون الطوارئ في مصر بأنه "سيئ السمعة"، في الوقت الذي بينت فيه السلطات التي يمنحها للسلطة التنفيذية والحريات التي ينتزعها من المواطن، وعن النية المبيتة للتوسع في هذه السلطات، عبر تعديل دخل على القانون مؤخراً، في محاولة للالتفاف على حكم عدم دستورية أحد نصوصه.
وطالبت الشبكة العربية خلال دليلها الاسترشادي، بإسقاط قانون الطوارئ، داعيا المصريين بالنضال من أجل هذا، مؤكدة أن "هذا القانون ليس في صالحك.. فليناضل الجميع لإسقاطه"، خاصة بعد أن سلب من المصريين حريتهم وحياتهم وكرامتهم طوال الستين عاما الماضية، حينما قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بإعلانه في مصر بالقانون رقم 162 لسنة 1958 المعروف بقانون الطوارئ، والصادر بتاريخ 28/ 9/ 1958، ولا يزال القانون سارياً حتى الآن، مع دخول بعض التعديلات عليه بتعاقب الأنظمة السياسية الحاكمة.
ويجيز القانون إعلان حالة الطوارئ في حالة تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر، سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب، أم قيام حالة تهدد بوقوعها، أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء.
أما عن سلطات رئيس الجمهورية أثناء حالة الطوارئ، فإنه بوسعه وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع، والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة، والقبض على المشتبه فيهم واعتقالهم، والترخيص بتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، والأمر بمراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها، وتعطيلها وإغلاق أماكن طبعها، وتحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها.
وتندرج إجراءات التقاضي والمحاكمات الخاضعة لقانون الطواريء تحت ما يسمى بالقضاء الاستثنائي، الذي يضم محاكم أمن الدولة طوارئ، التي تخضع في تشكيلها وإجراءات التقاضي في شأنها لإجراءات خاصة، كما أنه لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة منها بأي وجه من الوجوه، وتصبح تلك الأحكام نهائية بمجرد تصديق رئيس الجمهورية عليها.
ويخالف قانون الطوارئ العديد من النصوص الدستورية التي تضمنتها الدساتير المتعاقبة وآخرها دستور 2014، وفي مقدمتها مبدأ سيادة القانون أو ما يسمى بمبدأ الدولة القانونية والمنصوص عليه في المادة 94 من الدستور، وعلى جانب آخر يخالف حق الحرية الشخصية المنصوص عليه في المادة 54، كونه يضع قيوداً مُبالغاً فيها على حرية الأفراد وكذا في شأن القبض والتفتيش لمجرد الاشتباه.
كما يخالف القانون مبدأ حرمة المنازل المنصوص عليها في المادة، كونه يسمح لمأموري الضبط القضائي بتفتيش المنازل دون تقيد بالإجراءات الجنائية.
وينتهك قانون الطوارئ كذلك حق حرية التنقل المنصوص عليه في المادة 62 من الدستور، كون القانون يحدّ من تلك الحرية بشكل كبير ويسمح بتقييدها.
وتعد كل تلك الحقوق المذكورة من الحريات اللصيقة بشخص المواطن والتي حظرت المادة 92 من الدستور تعطيلها او انتقاصها أوتقييدها بأي شكل.
وإلى جانب تقييده لحرية الفكر والرأي (المادة 65 )، يحد القانون مما نص عليه الدستور من ضمان حرية الصحف وحظر الرقابة عليها (مادة 70و 71).
أما مبادئ المحاكمة العادلة، فالقانون يخالف مبدأ أن الأصل في الإنسان البراءة، كما ينتهك الحق في محاكمة عادلة تكفل للمتهم فيها ضمانات الدفاع، وهو ما نصت عليه المادة 96 من الدستور، ناهيك عن حق التقاضي وحق الدفاع المنصوص عليهما في المادة 97و98 من الدستور، والتي تضمنت بشكل صريح وجوب كفالتهما ووجوب محاكمة أي شخص أمام قاضيه الطبيعي وحظر المحاكم الاستثنائية صراحة.
وأصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بتاريخ 2/ 6/ في الطعن رقم (17 – لسنة 15 قضائية) على دستورية ما تضمنه البند (1) من المادة رقم (3) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162لسنة 1958 من تخويل رئيس الجمهورية الترخيص بالقبض والاعتقال، وبتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية.
ومع ذلك، فقد أبقت السلطة التشريعية على هذا النص دون إلغائه أو تعديله حتى الآن، وكذلك قرار إعلان حالة الطوارئ عقب تفجيري كنيستي طنطا والإسكندرية في أبريل/نيسان الماضي في 10/ 4 / 2017، وعقب التفجيرين اللذين استهدفا كنيستي مارجرجس في مدينة طنطا ومارمرقس في مدينة الإسكندرية،
ونص القرار بمد حالة الطوارئ، في مادتيه الثالثة والرابعة، على تفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وبمعاقبة من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام القانون.