أحمدي البنهاوي
يبدو أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في طريقه- إن لم يكن قد وصل بالفعل- إلى نهاية طريق مسدود مع دولة إثيوبيا، لا سيما فيما يخص سد النهضة، الذي سيؤثر فعليا على حصة مصر من مياه النيل.
وباتت دول منابع النيل تتلقف المنلقب كالكرة يلعب بها الصغار في أزقة الفيافي الإفريقية، فالسيسي المصدوم والفاقد- بإرادته- لكل ما يمكنه من التحرك في ملف سد النهضة، يزور اليوم الأحد 18 ديسمبر، أوغندا ويلتقي رئيسها يوري موسيفيني، ويتفقان على ضرورة تفعيل عمل اللجنة المشتركة المصرية الأوغندية، وتعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، ويكون النيل محورا لمباحثاتهما، وهو ما يعتبره المراقبون ردا- في الوقت الضائع- من السيسي على الصفعتين اللتين تلقاهما، أمس وأول أمس، على وجهه من السعودية من جهة، ومن إثيوبيا من جهة ثانية.
مستشار الملك
وردا على استقبال الانقلابيين في مصر لعلي عبد الله صالح، الرئيس المخلوع وأحد أذرع الانقلاب المناوئة للسعودية في اليمن، زار أمس الأول الجمعة 1712، مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب سد النهضة الإثيوبي، وذلك في إطار تواجده حاليا في العاصمة أديس أبابا للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة.
والتقى الخطيب مدير المشروع "سمنجاو بقلي"، وذلك دون وجود جدول معلن للزيارة يكون ضمنها سد النهضة، وهو أيضا ما لم ترد بشأنه أية معلومات على وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
والتقى مستشار الملك سلمان، في زيارته، رئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين، والذي دعا-الأخير- السعودية إلى "دعم المشروع (سد النهضة) ماديا والاستثمار في إثيوبيا"، وفق التلفزيون الإثيوبي.
وأكد رئيس وزراء إثيوبيا رغبة بلاده في التعاون مع السعودية في مجالات الطاقة، والطرق، والكهرباء، والزراعة، فضلا عن التعاون في مجال السياحة.
وتعد زيارة الخطيب لإثيوبيا الثانية لمسئولين سعوديين خلال أيام، حيث زارها الأسبوع الماضي وزير الزراعة عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي.
رد على الرد
وفي إطار المكايدة السياسية والاستعراض، التقى عبد الفتاح السيسي رئيس أوغندا، اليوم، وتباحثا دون مواربة ملف حوض النيل وشئون الزراعة والموارد المائية، كما أن الزيارة كانت مفاجئة وغير مرتب لها، وبحسب المتحدث عن قائد الانقلاب، قال: إن الرئيس الأوغندي أعرب عن اتفاقه مع السيسي على أهمية تفعيل عمل اللجنة المشتركة، وأشار المتحدث إلى أن السيسي أكد حرص مصر على تكثيف التنسيق والتشاور مع أوغندا إزاء مختلف القضايا الإقليمية، وأهمية تعظيم الاستفادة مما يمثله نهر النيل من شريان حياة يربط بين مصر وأوغندا، وكذلك أهمية التعاون بين دول حوض النيل لتنفيذ مشروعات لزيادة إيراد النهر بما يحقق المصالح المشتركة.
وتعتبر أوغندا الرئيس الحالي لمبادرة دول حوض النيل، ومن شأن منصبها دعم وتعزيز الحوار والتعاون بين مختلف دول حوض النيل، بحسب تصريحه للسيسي!.
إثيوبيا ماضية
من جانبها، افتتحت إثيوبيا رسميا، أمس السبت، 17/ 12 سد "جلجل جيبي 3" لتوليد الطاقة الكهرومائية، والذي يبعد 470 كلم جنوب غرب العاصمة أديس أبابا.
وحضر الافتتاح عدد من كبار المسئولين والوزراء، على رأسهم رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلي ماريام ديسالين، حسب التلفزيون الإثيوبي الرسمي.
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لهيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية، أزيب أسناق، في كلمتها خلال الافتتاح: إن مشروع السد يهدف إلى تلبية الحاجة من الطاقة في إثيوبيا، إضافة إلى تعزيز العلاقات الاستثمارية مع دول المنطقة، منبهة إلى أن "خطة بلادها لتوسيع المشروع إلى كل من تنزانيا ومصر وإلى أوروبا أيضا"، دون مزيد من التفاصيل.
وبحسب مراقبين، فإن إثيوبيا تخطت جميع التوقعات بافتتاح "سد جلجل جيبي 3"، اليوم، حيث انطلق المشروع قبل 10 سنوات، وتم بناؤه على نهر "أومو" الذي يصب في بحيرة "بركانة" الواقعة بالأراضي الكينية.
وبلغت تكلفة السد 1.620 مليار دولار، تم تغطية 60% بقرض تم الحصول عليه من بنك الاستيراد الصيني، كما يعد من أهم السدود في البلاد، بجانب جلجل جيبي"1" و"2" اللذين ينتجان حاليا (184 و420 ميغاوت من الطاقة على التوالي). ويبلغ ارتفاع السد 243 مترا وطوله 610 أمتار وسعة تخزينه 15 مليار متر مكعب، وإجمالي طاقته الإنتاجية 1870 ميغاوات من الكهرباء؛ حيث يحتوي على 10 توربينات.
ومن حصة مياه النيل تأخذ إثيوبيا لسد جلجل جيبي، وهو ما يعني نقصا مركبا لحصة مصر من مياه النيل؛ بدعوى استفادة إثيوبيا منها سواء في الطاقة ومشاريعها أو الماء وتخزينه.