بذكرى ثورة يناير.. مصر تتصدر مؤشرات البؤس العالمي وسط أوضاع اقتصادية قاتلة

- ‎فيتقارير

تباعا تتكشف الأمور والحقائق في ظل استمرار حكم ديكتاتور مصر المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، كيف يمكنك أن تقرر ما إذا كان البلد هو الأسوأ للعيش فيه؟ السؤال شخصي إلى حد ما، لمساعدة الناس على اكتساب نظرة ثاقبة حول الظروف المعيشية لمختلف البلدان ، خلقت الدراسات البحثية مؤشرا للبؤس باستخدام مزيج من البيانات الحقيقية القابلة للقياس.

تلك مقدمة نشرها باحثون عن أسوأ دول العالم بؤسا، تصدرتها مصر كأكثر دول العالم في البؤس، كمؤشر بسيط يكشف ما آل إليه المصريون في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية طوال 8 سنوات من حكم العسكر، وقبل انطلاق ذكرى ثورة يناير المجيدة.

تقول الورقة البحثية، التي أصدرها معهد فريزر عن ترتيب 35 دولة في مؤشر البؤس، وهو مقياس اقتصادي يعتمد على معدلات التضخم والبطالة في العامين الماضيين إن "عوامل مثل البطالة والفساد ونقص الحرية الاقتصادية والتضخم الجامح والاستقرار السياسي، يمكن أن تسهم جميعها في جعل الحياة أكثر بؤسا لمواطني الأمة، على الرغم من أنه لا يوجد إنكار أن الذاتية تؤثر على أولئك الذين يستمدون هذه المقاييس النوعية ، إلا أن الأهمية التي تكتسبها في جميع أنحاء العالم مهمة للغاية".

وحول مصر ، قال المعهد إن "دولة الانقلاب تقترب من قمة قائمة أكثر الدول بؤسا في العالم، لا تزال هذه الدولة الواقعة في شمال إفريقيا تعاني من الأزمة التي مرت بها في أوائل عام 2010 ، والتي بدأت بالثورة المصرية في عام 2011، ومنذ ذلك الحين ، شهدت البلاد رئيسا للإطاحة بها ، وشهدت انقلابا ، تلتها انهيارا في الاقتصاد وتردي للأوضاع المعيشية للمصريين، وارتفاع نسب الفقر".

كما تشير التقديرات إلى أن 800 شخص قد لقوا حتفهم بسبب أحكام الإعدام منذ عام 2013، وقد اتُهمت الحكومة  الحالية  بحكومة الانقلاب، بإغلاق المنظمات غير الحكومية وحظر حرية التعبير، ليس من غير المألوف أن يتم حظر بعض المواقع في البلاد، في الوقت الحالي ، تعد معدلات البطالة المرتفعة ومعدلات الفقر المذهلة من المشكلات الرئيسية في المجتمع المصري.

 

عيش حرية عدالة اجتماعية

ومع انطلاق ذكرى ثورة 25 يناير المجيدة، وبعد مرور عام 2021،وقد رفعت فيه حكومة الانقلاب يدها عن الملايين من المتضررين من تلك الجائحة في ظل ما تعاني منه من عجز في الموارد وقلة في الإمكانات ، وتسببت السياسات المالية والاقتصادية المتبعة والتي أدت إلى بلوغ الدين الخارجي للبلاد لأرقام لم تشهدها في تاريخها 112 مليار دولار إلى ارتفاع معدلات الفقر خلال السنوات السبع الماضية تحديدا، حيث بلغت هذا العام قرابة 29.7% من عدد السكان.

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن أن متوسط خط الفقر للفرد في مصر خلال 2019/2020 وصل 857 جنيها شهريا ، ما يعني أن الأسرة المكونة من أربعة أفراد تحتاج إلى 3428 جنيها شهريا حتى تظل عند خط الفقر.

ورغم ضخامة هذا الرقم وما يعكسه من مؤشرات كارثية للوضعية المعيشية لدى المجتمع المصري، إلا أن الواقع يتجاوز هذا الرقم بكثير لا سيما بعد التأثيرات التي أحدثتها الجائحة في التركيبة الاقتصادية للمصريين، والتي نقلت نسبة كبيرة منهم من شريحة متوسطي الدخل إلى محدودي الدخل، والبعض ليس بالقليل انتقل إلى شريحة معدومي الدخل.

 

أكاذيب وخداع

وشهدت الأعوام الثمانية الماضية، عشرات الوعود بتحسن الوضع الاقتصادي للبلاد، البداية كانت في عام 2015 الذي أطلق عليه المنقلب السيسي "عام الرخاء" ثم سرعان ما طالب الشعب بالصبر لمدة عامين في عام 2016، تأجل هذا الوعد إلى عام 2017 والمطالبة بـ 6 أشهر إضافية، وهكذا في عامي 2018 و2019، حتى وصل إلى عام 2020 حين قال إن "مصر ستصبح بنهاية يونيو من هذا العام حاجة تانية خالص،إلى نهاية 2021 بمزيد من القهر والضنك لغالبية المصريين برفع الأسعار".

 

على الورق فقط

وفق تقديرات مجلة "فوربس الشرق الأوسط"، حلت مصر في المركز الثالث في قائمة أكبر الاقتصادات العربية خلال عام 2021، بعد السعودية والإمارات، مع توقعات وصول ناتجها المحلي الإجمالي إلى 394.3 مليار دولار بنهاية العام، مقابل 361.8 مليار دولار عام 2020.

المؤشرات ذاتها توقعت أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي المصري إلى 2.8% في نهاية السنة المالية 2020-2021، على أن يحقق تعافيا وينمو 5.2% في السنة المالية 2021-2022، وهو المعدل الذي لم تحققه البلاد منذ سنوات طويلة، في إشارة إلى حجم الإنجازات التي حققتها السياسات الاقتصادية المتبعة، بحسب المجلة.

أما صندوق النقد الدولي، فتوقع هو الآخر تحقيق الاقتصاد المصري تعافيا قويا خلال السنة المالية 2021-2022، وفق ما ذكره بيان أُصدر منتصف شهر يوليو من العام الماضي، مرجحا أن يستمر ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.83 آلاف دولار في العام المالي 2021 الذي انتهى في 30 يونيو الماضي، وهي زيادة بنسبة 6.8% مقابل 3.58 آلاف دولار العام الماضي و3.01 آلاف دولار عام 2019.

 

الوجه الحقيقي

في الجانب الآخر، هناك صورة أخرى أكثر قتامة، يوثقها الواقع والأرقام الصادرة عن الجهات المالية المحلية، تتصدرها الطفرة الهائلة في حجم الدين الخارجي، الذي زاد بنسبة 193% خلال سنوات السيسي.

وتستحوذ مصر على 34% من إجمالي ديون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عام 2019 حسب تقرير البنك الدولي.

هذا الحجم غير المسبوق في تاريخ مصر من الديون، التهم بشكل كبير الجزء الأعظم من الموازنة السنوية المخصصة لتلبية حاجات الشعب والإنفاق عليه، حيث أظهرت بيانات وزارة المالية في حكومة الانقلاب، أن فوائد الديون والأقساط المستحقة تلتهم أكثر من 80% من الإيرادات العامة للدولة خلال العام المالي الماضي.

 ومنذ اللحظة الأولى لتوليه السلطة عام 2014، اتخذت حكومات السيسي المتعاقبة من جيب المواطن موردها الأول لسداد ضريبة سياسات الاقتراض التي اتبعتها طيلة السنوات الماضية.

 مؤشرات الفقر جاءت لتضرب ادعاءات التصريحات الرسمية، حيث بلغ معدل الفقر في مصر 29.7% في السنة المالية 2019-2020، ورغم تراجُعه عن معدل السنة المالية 2018-2019 حيث كان 32.5%.

وفي النهاية، فإن الاقتراب من نقطة 30% كمؤشر للفقر يضع 30 مليون مواطن تحت مستوى دولار في اليوم الواحد، مع العلم بأن معدلات الفقر حين تولى المنقلب السيسي الحكم عام 2014 لم تتجاوز 25%، مقارنة بما كانت عليه خلال عام 2000 حين لم تتجاوز 16.7%.