«من أم قوما وهم له كارهون».. فترة ثالثة للمنقلب السيسي حتى 3030!!

- ‎فيتقارير

تجزم بعض نصوص السنة النبوية بعدم قبول صلاة من أم قوما وهم له كارهون؛ شرط أن تكون الكراهة قائمة على أساس نقصان في دين الإمام وليس لسبب من أسباب الدنيا، كأن يكون متهما في دينه وتقواه وانتهاكه لمحارم الله (يقتل ـ يغدر ويخون ــ يزني ـ يكذب ــ يظلم ــ يأكل أموال الناس بالباطل ــ يشرب الخمر ـ فساد في عقيدته ـ موالاته للكافرين على حساب المؤمنين ـ عدم التسليم لأحكام الله وأوامر ونواهي القرآن والسنة ـ  الابتداع في الدين بما يخالف مبادئه وقواعده وغير ذلك). من هذه النصوص ما رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً، وذكر: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون». وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: .. وإمامُ قومٍ وهم له كارهون". أحاديث هذا الباب ــ حسب الشوكاني ــ يقوي بعضها بعضاً فينتهض للاستدلال بها على تحريم أن يكون الرجل إماماً لقوم يكرهونه، ويدل على التحريم نفي قبول الصلاة وأنها لا تجاوز آذان المصلين ولعن الفاعل لذلك.  وقد ذهب إلى التحريم قوم وإلى الكراهة آخرون). وعند المالكية أنه تكره إمامته إذا كرهه أقل القوم غير ذوي الفضل منهم، وأما إذا كرهه كل القوم أوجلهّم، أو ذوو الفضل منهم وإن قلّوا فيحرم.

لاحظ هنا أن أقوال الفقهاء تتحدث عن حكم الصلاة خلفه  متى تكون محرمة ومتى تكون مكروهة، أما  هو  (الإمام المكروه) فإن صلاته باطلة أصلا وغير مقبولة بنص الأحاديث ولا ترفع فوق رأسه شبرا!!   فإذا كان الأمر على هذا النحو في صلاة واحدة فهل يمكن القبول بالإمامة العظمى على المسلمين لمن كرهه الناس ورفضوا إمامته؟! فما بالك بمن امتدت يداه على  الأمام الذي ارتضاه الناس بإرداتهم فاختطفه وظلمه، ثم قتل المدافعين عنه وسجن بعضهم، ثم نصب نفسها إماما على الناس بأدوات البطش والإكراه؛ فهل يمكن القبول بهذا المجرم إماما على المسلمين وغير المسلمين؟!

مثل هذه النوعية من الطغاة لا تكون بينهم وبين الرعية عمار، فجل الناس تكرهه وتكره حكمه ولا يمنع ذلك من وجود منافقين مناصرين له ينتفعون بوجوده ويستفيدون من الولاء له والتزلف إليه بتولي المناصب واكتساب مغانم الدنيا الفانية، لكن ذلك لا يمنع الأصل ففرعون نفسه رغم أنه الشخصية الأكثر ذما في القرآن قد كان له من بين المصريين أنصارُ يؤيدونه وينصرونه حتى هلكوا معه غارقين في اليم غير مأسوف عليهم.

مثل هؤلاء الطغاة لا يمكن أن يبرروا جرائمهم  في ظل السياق الطبيعي لفهم الإسلام ونصوصه؛ لذلك تراهم  يكذبون على الناس ويلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون؛ فيدعي هذا البلطجي أن الإمام الذي ارتضوه  كان (إرهابيا!)، وأنه يستحق أن ينزع لأنه لم يكن يستحق أصلا أن يكون إماما، لكن كلامه لا يحظى بالقبول بين الناس الذي عاينوا جريمته التي تم بثها  بالصوت والصورة وكيف قتل الآلاف في ساعات من نهار، فيجبر  الإعلام من صحف وفضائيات على الكذب، ويجبر الأزهر نفسه على تأييد جريمته وتبريرها باعتبارها على الأقل (أخف الضررين)، بعدما مزق الأمة إلى شطرين يقول شيخ الأزهر في خطابه في 3 يوليو قائلا: «قررت أن أنحاز لإرادة الشعب المصري وأختار أخف الضررين، الذى يعد واجبا شرعيا تفرضه علينا الشريعة الإسلامية الغراء، وهذا الانحياز حماية لمقدرات هذا الشعب العظيم»، مضيفًا: «لن يستطيع أحد كسر إرادة الشعب المصري الذى أثبت للجميع أنه قادر على اختيار الطريق الصحيح وتصحيح مسار ثورته»! في هذا التوقيت الذي قال فيه الطيب هذا الكلام كان مأمورا من الله بنص قاطع في ثبوته ودلالاته بأن ينصر الإمام الشرعي الذي ارتضته الأمة باختيارها الحر، فقد كانت منطلقات الطيب ومنطلقات الذين أيدوا الانقلاب ممن درسوا العلوم الشرعية منطلقات سياسية لا شرعية، وتتنافى مع نصوص الإسلام القطعية، وتمثل انحيازا سافرا للبغاة الخارجين على ولي الأمر الشرعي الذي أمر الله تعالى بطاعته{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)}.  لكن شيخ الأزهر حاول إلباس موقفه لباسا شرعيا زائفا، وأن يكيف المشهد على هواه تكييفا فقهيا متعسفا يبرر به سلوكه المناقض للنصوص القطعية في القرآن والسنة التي تأمره بطاعة ولي الأمر الذي أجمعت عليه الأمة وفق الآليات الدستورية المتفق عليها.

اليوم وبعد عشر سنوات من هذه الجريمة سقطت مصر في لعنة لا مخرج منها إلا بلطف الله تعالى ورحمته بهذه الأمة المقهورة، سقطت مصر في التفكك والانحلال السلوكي والأخلاقي، وتمزق نسيج المجتمعي، وتفشت الجريمة بكل أشكالها، وسقطت في آبار الديون والقروض الباهظة، لدرجة أن فوائد الديون وحدها تلتهم تقريبا نصف جميع إيرادات الدولة، وبند خدمة الديون في مشروع الموازنة الجديد (23 ـ24) يصل إلى "2.4" تريليون جنيه، وهذا معناه أن جميع موارد الدولة "2.1" تريليونا  لا تكفي لسداد  خدمة الديون. تضاعفت معدلات الفقر حتى وصلت إلى ما يزيد عن 70% من الناس،  هذا بخلاف الظلم والطبقية والنهب ومؤامرات إثيوبيا وتهديدها بحرمان مصر من حصتها في مياه النيل، واحتمال إفلاس البلاد في ظل تآكل جميع مصادر الدخل وركود النشاط الاقتصادي على نحو خطير وغير مسبوق. ورغم كل هذا المصائب والبلاوي، فإن النظام العسكري يجري جلسات ما يسمى بالحوار الوطني من أجل أن يضمن بقاء المجرم الطاغية على هرم السلطة التي اغتصبها بانقلابه  لست سنوات أخرى! إنها مخططات تمزيق مصر على نحو لا تقوم لها بعدها قائمة. لكن رجاءنا في الله كبير وثقتنا فيه بلا حدود بأن ينجي بلادنا ويحمي شعبنا من كل هذا المكر وكل هذا الظلم وكل هذا النفاق والتلون.