مرت أمس الأحد، 18 أغسطس، ذكرى مذبحة عربة الترحيلات، والتى راح ضحيتها 37 مواطنا، إبان فض اعتصام رابعة، في 14 أغسطس 2013، والتي راح ضحيته نحو 3 آلاف ضجية بين صفوف المدنيين.
وذلك حيما وضعت سلطات الانقلاب العسكري 45 معتقلاً مكبّلين بالأغلال، داخل سيارة تتّسع لـ24 شخصاً، في درجة حرارة تقارب الأربعين، في 18 أغسطس 2013، ما أدى إلى صعوبة بالغة في التنفس نتيجة تكدّس المعتقلين، الذين بدأوا بالاستغاثة بطرق أبواب العربة بعد احتجاز دام لسبع ساعات، فما كان من الضباط المسؤولين إلا أن أمروا بقذفهم بقنبلة غاز ليلقى 37 شخصاً منهم مصرعهم اختناقاً على الفور.
ووفق تقارير حقوقية، مثلت الحادثة جريمة وحشية وبشعة، في حق مجموعة من المعتقلين المقيّدين الذين لم يتمكّنوا من دفع الضرر عن أنفسهم، في وقت صنّفت النيابة المصرية الجريمة بأنها جنحة، بحجة عدم معرفة الجناة بآثار إطلاق قنابل الغاز على عدد كبير من المعتقلين داخل عربة الترحيلات، وليست جناية قتل عمد، ما سهّل إفلات المجرمين من العقاب.
تلفيق البراءات والافلات من العقاب
وبعد الكارثة بعام أذاعت قناة “الشرق” الفضائية في ديسمبر 2014، لقاء جمع بين رئيس المخابرات العامة ومسؤول مكتب السيسي سابقاً، اللواء عباس كامل، ومساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية، اللواء ممدوح شاهين، للاتفاق على تسوية خارج نطاق القضاء بحق أحد المتهمين في قضية عربة الترحيلات.
وكشف التسريب طلب كامل من شاهين التدخل لدى القضاء، من أجل مساعدة أحد الضباط المتهمين في القضية، لأنه نجل لواء في الجيش، ووعد الأخير بتسوية هذا الأمر.
وفي أغسطس 2015، قضت احدى المحاكم بتخفيف الحكم على نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة، المقدم عمرو فاروق، بالحبس مدة 5 سنوات بدلاً من 10 سنوات، ومعاقبة الضباط إبراهيم محمد المرسي، وإسلام عبد الفتاح حلمي، ومحمد يحيى عبد العزيز، بالحبس مدة سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ. وهو الحكم الذي أيّدته محكمة النقض في فبراير 2018، بعدما أسندت النيابة إلى المتهمين الأربعة تهمتي القتل والإصابة الخطأ بحق المجني عليهم.
فيما وثّقت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية هذه الجريمة في فبراير 2014، وأكدت في تقرير لها أنّ الـ45 سجيناً كانوا “محشورين” في الجزء الخلفي من عربة الترحيلات الضيقة، ولم يكن هناك مكان لوقوف المعتقلين أو أيّ مياه للشرب، ما دفع بعضهم إلى عصر قمصانهم المبلّلة بالعرق لشرب قطرات منها، بينما فقد العديد منهم الوعي.
الداخلية المصرية حاولت بعد الكارثة، توجيه اللوم إلى الضحايا، بزعم أنهم حاولوا الهروب من عربة الترحيلات، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى إلقاء قنبلة غاز مسيل للدموع عليهم ما تسبب باختناقهم. قبل أن تتراجع وتقر بوجود تعمد وإهمال من قبل عناصر الشرطة المكلفين بمراقبة عربة الترحيلات، عبر تركها لساعات طويلة دون أن يكون هناك منفذ كاف للهواء.
وهكذا ، تعيش مصر في ظلال وارفة من الظلم والقهر، الذي انعكس على عموم المصريين اثاره وانعكاساته التي يعايشها ملايين المصريين، بعدما صمتوا عن مواجهة الظالم والقاتل….فيما للضحايا وأسرهم رب كريم لا تضيع عنده المظالم، ولو بعد حين…