بعد تحديه مصر وإصراره على احتلال “فيلادلفيا”.. هل ضحى الرهائن  بحياتهم لبقاء نتنياهو في منصبه؟

- ‎فيعربي ودولي

 

مع كل تصريح لرئس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لا نجد سوى التحريض والتصعيد الخطير بالمنطقة”، فتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، الاثنين الماضي، حول محور فيلادلفيا، لاقت انتقادات ً من الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي اتهمه بأنه «لا يفعل ما يكفي» من أجل التوصّل إلى اتفاق، كما صنفها المراقبون بأنه مزاعم لا أساس لها، تستهدف عرقلة جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية للتوصل لصفقة تبادل تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة.

 

ولأول مرة نجد موقفا شبه قوي ضد انتهاكات الإسرائيليين للحدود  المصرية،  حيث أعربت مصر عن رفضها التام لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن التمسك ببقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا بقطاع غزة.

 

وحمّلَت القاهرة الحكومة الإسرائيلية عواقب تلك التصريحات التي وصفتها بأنها تزيد من تأزيم الموقف و تؤدي الي مزيد من التصعيد في المنطقة، بحسب بيان للخارجية المصرية.

 

كما عبرت دول عربية مثل الأردن والإمارات والسعودية وقطر عن تضامنها مع مصر، بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول “ضرورة” السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر.

 

 نتنياهو يواصل عرقلة وقف النار

 

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء الماضي، أن اتفاق وقف إطلاق النار يجب أن يضمن عدم استخدام محور فيلادلفيا لاتمام هذا الاتفاق.

 

وقال نتنياهو، في مؤتمر صحفي عقده مع وسائل الإعلام الدولية، الأربعاء: “الشروط التي سنوفرها لوقف إطلاق النار الدائم يجب أن تشمل وضعا لا يمكن فيه اختراق محور فيلادلفيا، وأقول لكم أنه إذا خففنا الضغط، وإذا خرجنا من المحور، فلن نستعيد الرهائن”.

 

وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن سيطرة بلاده على المحور “تشكل أهمية مركزية لأهداف الحرب الإسرائيلية”.

 

وقال: “كان الهدف الأول للحرب تدمير القدرات العسكرية والحكومية لـ(حماس)، والهدف الثاني تحرير رهائننا، والهدف الثالث ضمان عدم عودة غزة إلى التهديد لإسرائيل، وكل هذه الأهداف الثلاثة تمر عبر سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا”.

 

وكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي العديد من النقاط التي طرحها في مؤتمره الصحفي الذي عقده الاثنين، وذكر بن “افتقار إسرائيل للسيطرة على المحور سمح لإيران بتسليح حماس”.

 

وأضاف: “من الواضح أن غزة يجب أن تكون منزوعة السلاح، ولا يمكن نزع سلاحها إلا إذا ظل محور فيلادلفيا تحت السيطرة الصارمة ولم يكن خط إمداد للأسلحة ومعدات الإرهاب”.

 

الرد المصري

 

استدعى خطاب نتنياهو، رداً من الخارجية المصرية، التي قالت إن نتنياهو «حاول الزج باسم مصر لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي، وعرقلة التوصل إلى صفقة لوقف النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، وعرقلة جهود الوساطة».

 

كما ما وصف “مصدر رفيع المستوى” أن قول “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يروج الأكاذيب للتغطية على فشله في غزة، وإن ترويجه لتهريب السلاح من مصر أكذوبة أخرى لتبرير فشل حكومته في السيطرة على تهريب السلاح من إسرائيل إلى القطاع، معلنا أن الحكومة الإسرائيلية فقدت مصداقيتها بشكل كامل داخليا وخارجيا، ولا تزال مستمرة في ترويج أكاذيبها للتغطية على فشلها”.

 

وتعليقا على هذا التصعيد الكبير بين القاهرة وتل أبيب، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في تصريحات صحفية “إن رئيس الوزراء الإسرائيلي اعتاد أن يروج الأكاذيب، في محاولة منه لتشتيت التركيز على المطالبة بوقف إطلاق النار، ومصر تتفهم ذلك جيدا، لكن ترد على أكاذيبه لكشفها وفضح ممارساته أمام الرأي العام الإسرائيلي والعالمي، وإن كل تلك الأكاذيب التي يوجها نتنياهو هدفها التغطية على فشله الكبير في غزة وعدم تمكنه من تحقيق انتصار حقيقي على حماس، أو إعادة الأسرى الفلسطينيين الذين وقعوا في الأسر خلال عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر”.

 

وأوضح  السفير جمال بيومي أن “مصر تتفهم جيدا الموقف الضعيف الذي يقع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، فهو مطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك مطلوب أمام القضاء الإسرائيلي، لذا فهو يتشبث بإطالة أمد الحرب، و عرقلة أي جهود للتوصل لصفقة ووقف الحرب، خاصة في ظل الهجوم الكبير داخل إسرائيل عليه لعدم قدرته على استعادة الأسرى، وفي ظل عمليات الهجرة العكسية المتزايدة من إسرائيل منذ بداية الحرب”.

 

وأشار بيومي إلى أنه “رغم تفهم مصر لكل تلك الظروف، إلا أنها لن تترك ما يصرح به نتنياهو بدون رد.

 

 حماس تنتقد نتنياهو

 

أصدرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الأربعاء، بيانا انتقدت فيه تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قائلة إن المقترحات الجديدة “غير ضرورية”، وأضافت أن “الضغط ضروري للحفاظ على الاتفاق القائم”.

 

 وفي منشور على تيليجرام، أدانت الحركة “تمسك” نتنياهو بعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، الذي يربط غزة بمصر، ووصفته بأنه “محاولة لإحباط التوصل إلى اتفاق”.

 

 هل ضحى الرهائن  بحياتهم لبقاء نتنياهو في منصبه؟

 

وفي مقال كتبه دوغلاس بلومفيلد في صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، والذي بدأه بنقل تساؤل يطرحه العديد من الإسرائيليين، كما يقول، حول إن كان بالإمكان تلافي حادثة مقتل ست رهائن إسرائيليين، مشيراً إلى أنه كان من المحتمل أن يكون بعض أو جميع الرهائن المقتولين من أولئك الذين سيُطلق سراحهم في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يجري التفاوض عليه.

 

ويسأل الكاتب إن كانت الحادثة تعني أن حركة حماس تنوي إعدام كل رهائنها، أم أنها كانت بمثابة إشارة إلى إسرائيل لتخفيف مطالبها؟

 

ويقول الكاتب في مقاله إن كثيرين في إسرائيل مستمرون بطرح الأسئلة، حول إذا كان هؤلاء الرهائن قد ضحوا بحياتهم من أجل أن يتمكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من الحفاظ على منصبه، وفق وصف الكاتب، وهل يضع نتنياهو مصالحه السياسية فوق مصالح الشعب الإسرائيلي؟

 

ويشير الكاتب إلى أن نتنياهو أصبح محاصراً بين قوتين: الشارع الإسرائيلي والائتلاف الحاكم؛ فهناك مئات الآلاف الذين نزلوا إلى الشوارع مطالبين إياه بالتوقف عن المماطلة في التوصل إلى وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، ومن جهة أخرى، هناك شركاؤه في الائتلاف الحاكم الذين يهددون بإسقاط الحكومة إذا ما فعل ذلك.

 

ويضيف الكاتب أن سقوط الحكومة لن يعني خروج رئيسها من السلطة فحسب، بل أنه سيذهب إلى المحكمة بتهمة الرشوة والاحتيال.

 

ومحور فيلادلفيا هو عبارة عن شريط يبلغ طوله 14 كيلومترا (8.7 ميلا) على طول حدود غزة مع مصر ويسيطر عليه الجيش الإسرائيلي حاليا، وكان وجود القوات الإسرائيلية على طول المحور نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات بشأن  وقف إطلاق النار إطلاق سراح الرهائن مع “حماس”.

 

ويعتبر محور فيلادلفيا أحد أبرز نقاط الخلاف الراهنة، حيث يتمسك نتنياهو ببقاء الجيش الإسرائيلي فيه، بينما تصر حماس على انسحابه بشكل كامل من قطاع غزة.

 

وزعم نتنياهو أن تحقيق أهداف الحرب في غزة “يمر عبر محور فيلادلفيا”، وشدد على أن الجيش لن ينسحب منه “على الإطلاق”.

 

ومنذ أشهر يتهم مسؤولون أمنيون والمعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى نتنياهو بعرقلة إبرام اتفاق مع حماس خشية انهيار ائتلافه الحاكم وفقدانه منصبه.

 

ويهدد وزراء اليمين المتطرف، بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها إذا قبلت باتفاق ينهي الحرب.

 

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل بدعم أمريكي مطلق حربا على غزة، خلّفت أكثر من 135 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال.