أكد قضاة وأساتذة قانون أنّه يجب إحالة كل المتهمين في قضايا التظاهر والتجمهر فورًا من القضاء العسكري إلى المدني تطبيقًا للحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا ونشرته الجريدة الرسمية قبل يومين، والذي ينص على أنّ القضاء العادي وحده المختص بنظر تلك القضايا، وعدم اختصاص القضاء العسكري بهذا النوع من القضايا في ظلّ تطبيق قانون حماية المنشآت رقم 136 لسنة 2014.
من جانبه أشار المستشار السابق بمحكمة شمال القاهرة هشام اللبان إلى أن أحكام المحكمة الدستورية واجبة النفاذ، وهذا يعني أنَّ قرارات المحكمة الدستورية نهائية وباتة ولا يحتمل الطعن عليها، لذا يجب على القضاء العسكري من تلقاء نفسه من أول جلسة إحالة المتهمين إلى القضاء العادي، وبالتالي تتم إعادة محاكمة المتهمين من أول درجة.
وأكد، في تصريحات لموقع "مصر العربية"، أنَّ كل الأحكام التي صدرت من القضاء العسكري في مثل هذه القضايا يعد والعدم سواء ولا وجود لها، لأنّه لا ولاية له على هؤلاء المتهمين، وإنما المختص في ذلك هو القضاء العادي.
ويحاكم في مصر أكثر من 12 ألف مدني بتهم تظاهر أمام القضاء العسكري، صدر بحقهم 7400 حكم عسكري، طالت 86 طفلا، ومئات الطلاب، وعددًا من النشطاء، فيما قضت المحاكم العسكرية بإعدام 60 مدنيًا، بحسب تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش في أبريل 2016.
وفي يونيو 2016، أصدرت محكمة جنايات عسكرية غرب، حكمًا بإعدام 8 مدنيين، والسجن المؤبد على 12 آخرين، فضلًا عن محاكمة 235 من أعضاء ألتراس نادي الزمالك أمام القضاء العسكري، بتهم إثارة الشغب بإستاد برج العرب، باعتبار أنه منشأة عسكرية، وذلك إثر أحداث غضب جماهيري عقب مباراة الفريق المصري ونادي أهلي طرابلس الليبي، في يونيو الماضي.
وأضاف المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أنه لابد من احترام أحكام المحكمة الدستورية. وأن "الحكم بمجرد نشره في الجريدة الرسمية أصبح واجب النفاذ، ولا حيلة فيه، إلا أن يصدر تعديل تشريعي بتوسيع صلاحيات القضاء العسكري، على أن يشمل اختصاص قضايا الإرهاب والاعتداء على القوات المسلحة من المدنيين، وقضايا التجمهر والتظاهر والاعتداء على المنشآت".
وأوضح فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري، أنه حتى إذ صدر تشريع جديد بتوسيع صلاحيات القضاء العسكري ليشمل المدنيين، فسيتم الطعن عليه لأنه سيكون مخالفًا للدستور الذي يجرم محاكمة المدنيين عسكريًا.
وأوضح عبد النبي أن المادة رقم 1 من دستور 2014 تقول إن نظام الحكم في مصر نظام جمهوري ديمقراطي، إدخال المدنيين تحت محاكمة القضاء العسكري لا يتم إلا في الدول الاستبدادية الديكتاتورية، وليس هناك أية مبرر لمحاكمة المدنيين عسكريًا.
وتابع أنه لا يجوز التذرع بمحاربة الإرهاب لاغتصاب حقوق المواطن المنصوص عليها في الدستور، الذي ينص في المادة 97 على: "التقاضي حق مصون ومكفول للكافة".
واستشهد عبدالنبي أيضًا بنص المادة 20 من دستور 2014، والتي تنص على: "القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة..
ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم".
وشدد أستاذ القانون الدستوري على أنه أية محاولة لإخضاع المدنيين تحت حكم القضاء العسكري يمثل اعتداءً صارخًا على الدستور ويخالف القانون الدولي الذي وافقت عليه مصر، والمنصوص عليه في المادة 93 من الدستور "تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا للأوضاع المقررة"