كتب- سيد توكل:
نجح "عصيان" الشعب السوداني وتراجع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه السوداني، ومصر لم تعد أم الدنيا بل أصبحت قاع الدنيا وآخر الدنيا بل خرجت من الدنيا على يد قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي.
يعرف المتخصصون العصيان المدني بأنه: "تعمد مخالفة قوانين وأوامر محددة لحكومة أو قوة احتلال بغير اللجوء إلى العنف، وهو أحد الأساليب الأساسية للمقاومة السلمية، وهذا العصيان المدني أو الإضراب العام يصيب الحياة العامة بشلل تام، إلا ما كان الناس في حاجة إليه كالمخابز والمطاعم والمستشفيات وما شابه ذلك".
والقصد من العصيان المدني هو "زعزعة ثقة أفراد الشعب في النظام الحاكم ورجالاته، أو من يقوم مقامه من غاصب محتل، أو متسلط متجبر، وقد أثبتت الأيام تحقيق نجاحات لمن قاموا بالعصيان المدني، ومن أشهر نتائج العصيان المدني إنهاء الاحتلال البريطاني للهند وإعلان الهند استقلالها".
وكذلك تحقيق المساواة أو الكثير منها بين السود والبيض في أمريكا بعد العصيان المدني الذي دعا إليه القائد الأمريكي الأسود مارتن لوثر.
وبات الشعب السوداني الشقيق يعطي دروسًا للشعب المصري الرازح تحت بيادة انقلاب 30 يونيو، في العزة والكرامة بعد قيام السودان بعصيان مدني شامل اعتراضًا على زيادات الأسعار والسياسات العقيمة، والآن يتراجع سعر الدولار أمام الجنيه السوداني في السوق الموازية ليسجل 17.8 بعد أن وصل لـ19 جنيهًا وما زال بنك السودان المركزي يحدد سعرًا رسميًا ب16.5 سودانيًّا.
يأتي ذلك في ظل التعتيم الإعلامي "السيساوي البلحاوي المخابراتي" الذكي على العصيان المدني الذي أظهر قوة الشعب السوداني ورقيه والذي قد يطيح بالبشير، الذي يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
"العصيان المدني" أمر بمعروف ونهي عن منكر
والعصيان المدني صورة من صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن دعاة العصيان المدني يريدون أن يقولوا للحاكم: "أوقف ظلمك، واعدل بين رعيتك".
وهو كذلك صورة من صور الخروج السلمي على الحاكم؛ إذ استخدام القوة غير معتبر.
يقول الباحث "محمد أبو فارس" في كتابه النظام السياسي في الإسلام: إن الحاكم إذا تجاوز حدود الشرع فأفسد في البلاد وظلم العباد؛ فالشرع أعطى الرعية عصيانه حال طغيانه وفساده.
ويضيف: "فإذا شعرت الأمة بأن هذا الحاكم فاسق مستهتر أو جائر، أو لا يصلح للإمامة، وتقدمت له بالنصيحة، ولكنه أبى واستكبر، فما عليها إلا أن تقاطعه وتقاطع من له به أية علاقة، وحينئذ يجد نفسه منبوذًا من أمته، فإما اعتدل أو اعتزل".
درس سوداني مجاني!
بعد نجاح العصيان المدني انخفض سعر الدولار بـ2 جنيه تقريبا أمام الجنيه السوداني، وأقر البنك المركزي مؤخرًا سياسة الحافز في شراء الدولار بسعر ١٥.٩ جنيهًا من السودانيين العاملين بالخارج وشركات الطيران والمصدرين؛ وذلك بهدف جذب المزيد من العملات الأجنبية للبنوك الحكومية، وتوفير العملة الصعبة اللازمة للاستيراد، فضلًا عن الحد من توغل السوق السوداء على الرسمية في تبادل العملة الأجنبية.
كما قرر البنك تحرير سعر الدولار لاستيراد الدواء لتخفيف الضغط على الموازنة العامة وتخفيض نسبة العجز، ووجه البنك المركزي البنوك السودانية، بتخصيص ٧٠٪ من موارد النقد الأجنبي لديها من مدخرات وتحويلات المغتربين، لقطاعات الاستيراد المختلفة.