كتب- سيد توكل:
دار الإفتاء المصرية مثلها مثل باقي أذرع الانقلاب، ليس لها من الأمر شئ حتى ان الجالس فوق منصة الإفتاء يعلم يقينا أنه يتعين عليه أن يضع ضميره – إن كان له ضمير- في اقرب درج ثلاجة ويغلق عليه حتى يتجمد ويتبلد، وألا يناقش رغبات وطلبات الجنرالات في منح إعدام الأبرياء الموافقة الشرعية، حتى يأتي القمع بما لا يخالف شرع الله.
في مكتبه يجلس الدكتور "شوقي علام" سعيدًا بما وصل إليه من رضا الانقلاب عليه، يؤدي دوره المنوط به على أكمل وجه، بل وأحيانا يجود ولو لم يطلب منه ذلك، كأن يمنح إحدى محاكم الانقلاب الموافقة الشرعية على إعدام 30 برئ في قضية اغتيال نائب عام الانقلاب هشام بركات، أو إعدام 8 من شباب المنصورة في قضية "الحارس".
وبعيدًا عن المصادقة على إعدام الأبرياء بغير ذنب، لا يفوت "علام" مناسبة إلا ويثبت ولائه للسفيه عبد الفتاح السيسي، صاحب المقولة المشهورة "مفيييش" و"إحنا فقرا أوي"، ومع انتهاء شهر رمضان واستعداد الناس لإخراج زكاة الفطر، هرع "علام" باستصدار فتوى تحدد نصاب الزكاة للفقير بـ12 جنيهًا، علمًا بأن قطعة جيلاتي تباع عند أقرب سوبر ماركت من دار الإفتاء تساوي هذا المبلغ وربما تزيد عليه ببضعة جنيهات!.
إعدام الأبرياء
من جانبه قال الكاتب الصحفي محمد القدوسي، في تصريحات سابقة أن :"مفتي الانقلاب شوقي علام خان الله ورسوله، في التصديق على الحكم بإعدام العلماء الأجلاء الذي يبلغ اغلبهم أكثر من 70 عامًا".
ووصلت قضية اغتيال نائب عام الانقلاب هشام بركات إلى محطتها قبل النهائية بعد إحالة 30 لمفتى الانقلاب الدكتور "شوقي علام" لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم، وغالبا لم يسمع أحد عن رفض المفتي طلبا بإعدام أي برئ لم تثبت إدانته، رغم أن رأي المفتي استشاري وليس إلزاميًا، لكن في حال وقف الشرع أمام قتل الأبرياء ربما فرمل ذلك آلة القتل الجهنمية الثلاثية التي ركبها السيسي من أمن الدولة ثم القضاء الشامخ ثم تصديق دار الإفتاء.
وقبل إحالة الـ30 بريئًا للمرحلة الأخيرة قبل التنفيذ، أطلق ناشطون مصريون حملة توقيعات على موقع أفاز لوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق 6 من شباب محافظة المنصورة، بعد اتهامهم من قبل الداخلية بقتل رقيب شرطة من القوة المكلفة بتأمين منزل أحد القضاة.
وكتب الناشطون على موقع أفاز: "ستة شباب مظاليم مُثبَت عليهم حُكم الإعدام، يقبعون الآن في زنازينهم الانفرادية في رُبع الإعدام، ينتظرون التنفيذ، لم يرتكبوا جُرماً ولم تُثبت عليهم تهمة، ولكن كان للقضاء رأيٌ آخر. ساعد الشباب وانضم لحملة التوقيع لوقف عقوبة الإعدام ضد شباب بريء".
وكانت محكمة النقض المصرية قد أيدت الحكم بإعدام بحق المتهمين الستة الذين تمت محاكمته بتهمة قتل رقيب شرطة من القوة المُكلفة بتأمين منزل القاضي حسين قنديل، عضو هيئة محاكمة الرئيس المنتخب محمد مرسي في قضية الاتحادية.
وقُوبل حكم المحكمة باستهجان شديد من قبل المتابعين للقضية، ودشن عدد من مستخدمي "تويتر" هاشتاج «لا_لإعدام_الشباب»، للمطالبة بوقف حكم الإعدام بحق شباب المنصورة.
سحل الفقراء
ومن إعدام الأبرياء إلى سحل الفقراء، تواصل دار الإفتاء دعم انقلاب عبد الفتاح السيسي، حيث حددت قيمة زكاة الفطر للعام 1438هجريًا بما لا يقل عن 12 جنيها عن كل فرد، وقال "علام" إن :"قيمة زكاة الفطر تعادل كيلوجرامين ونصف الكيلو جرام من الحبوب عن كل فرد، إذ يقدر مجمع البحوث الإسلامية القيمة وفقاً لأقل أنواع الحبوب سعرا، وهو القمح".
وبحسب الأسعار التي أقرتها الغرفة التجارية للحبوب في مصر، فإن متوسط ما تم حسابه من قبل دار الإفتاء (12 جنيها) لا يكفي لإطعام فقراء مصر، اللذين أنهكهم الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية، منذ انقلاب العسكر على أول رئيس مدني منتخب، وذلك بعد سرقة البسطاء والفقراء من الشعب بتخفيض الدعم، والزيادات الكبيرة التي أقرها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في المرتبات والمكافآت لأعمدة الانقلاب من الجيش والشرطة والقضاء.
كما دعم مفتي الانقلاب فتوى السيسي التي زعم أنه لا يجوز الطلاق إلا على يد مأذون، وأن الطلاق الشفوي لا يقع، ودعم مفتي الانقلاب فتوى السيسي مطالباً بتشريعها… وذلك في إطار الحرب على الإسلام التي يقودها “السيسي” بتطبيق الدين الوسطي الجديد بتعديل الخطاب الديني وعقائد المسلمين القديمة!
وقام مفتي الانقلاب مع بداية انقلاب 30 يونيو ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، بنزع لقب شهداء عن قتلى ثورة يناير وشهداء مذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة وما بعدهما، وشدد على أن "من ذهب للتظاهر أو الاعتصام المشروعين، فحصلت حوادثُ تؤدي لمقتله، فيجوز وصفُه بالشهادة دعاءً أو احتساباً، ما لم يكن معتدياً أو كان سبب هلاكه معصية؛ كمخالفة القانون، أو الخروج للدعوة إلى فتنة، أو العمل على إذكاء نار فتنة، أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة، ونحو ذلك، فمن كان كذلك فليس بشهيد، ولا يجوز إطلاق هذا الوصف الشريف عليه".
مفتي الدم والإعدام
ونشر "علام" في وقت سابق مقالا في صحيفة محلية عن "التقوى" في الصيام وعنونه بـ"نجحت لعلكم تتقون"، لكن تبين أن المقال منقول ومقتبس عن صفحتين من كتاب "في ظلال القرآن" لأحد أبرز منظري جماعة الإخوان المسلمين سيد قطب، وقام علام فقط بتغيير ترتيب الفقرات.
وبعد انتشار الخبر وصف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ما أقدم عليه مفتي مصر بـ"السرقة" وصبوا جام غضبهم عليه ووصفوه بأنه "مفتي الدم والإعدام".
وفي منشور له على فيسبوك يكتب النائب المصري السابق محمد الفقي "ليس عجيبًا أن يقوم مفتي الإعدام شوقي علام بسرقة مقال قديم للمفسر الشهيد سيد قطب ونسبته إلى نفسه فمن صدّق على الإعدامات الجماعية للأبرياء والعلماء والثوار طبيعي أن يرتكب ما دون ذلك من جرائم وفضائح".
ويغرد حساب (TheBraveAnt) "يعني شوقي علام مفتي الجمهورية مش لاقي غير سيد قطب الإخوان اللي موافق على إعدام مئات منهم ويسرق من كتابه، ما عنده مليون كاتب يسرق منه براحته".
ويعلق الأكاديمي بشير نافع على القضية "المفتي شوقي علام -الذي يصف سيد قطب بالخارجي- يسرق صفحتين من تفسير قطب في ظلال القرآن ويضعها في مقالة منسوبة له، هؤلاء هم معممو نظام 3 يوليو".
ويوجه الأكاديمي السعودي علي الغامدي سؤالاً لعلام "هل بقي له شيء من المصداقية بعد أن صادق على إعدامات بالجملة بعد محاكمات لم تتوفر لها أدنى المعايير القانونية".
الغامدي: هل بقي لعلام شيء من المصداقية بعدما صادق على إعدامات بالجملة (ناشطون).