كتب سيد توكل:
الأغبياء فقط هم من لا يتعلمون من دروس التاريخ وعِبر المطبلين، ذلك ما ينطبق على الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه والشريعة بجامعة الأزهر الشريف، الذي خرج في برنامج الإعلامي وائل الإبراشي يلطم الخدود ويشق الجيوب قائلاً إنه تحمل الكثير من أجل السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وكانت النتيجة استبعاده من قائمة المفتيين، متابعًا "خلاص مش هخاف على الرأي العام"!
ونعى "كريمة" حظه العاثر مع الانقلاب، خلال لقائه ببرنامج "العاشرة مساءً"، المذاع عبر فضائية "دريم"، أول أمس لسبت، ورفع حنجرته وصوته في وجه الانقلاب معاتباً بأنه لا يحتاج إلى إذن من أحد أو رخصة كي يتحدث بفتوى معينة، مغازلا السفيه بالقول :"أنا مطلوب في الخارج أكتر من مصر".
من جهته قال عمرو عبد الهادي: "أحلى صباح في الدنيا إن يجيك حقك من ظالم من الظالم حليفه ويقدم شكواه للظالم الثالث.. يمهل ولا يهمل.. بعد ما وقفت ضد الإخوان يمنعوني.. ما أخدت إلا جزاء سنمار.. ولسه السيسي هيخلص من كل من ساعدوه إذا استمر".
"كريمة.. طير أنت"!
وبنبرة باكية وشاكية تساءل "كريمة" من عدم ورود اسمه في قوائم الانقلاب الذين لهم حق الفتوى على الفضائيات: "من الذي تصدى للإخوان؟!"، فيما يبدو أنه اعتراف صريح بدوره في دعم الانقلاب على ثورة 25 يناير.
وأضاف كريمة في حوار مع وائل الإبراشي: "كان الكثيرون مختبئين في الذرة والقصب إلى أن تنجلي الأمور، ومن الآن فصاعدا أي حد يسألني عن التطرف أو الغلو أو التشدد.. هقوله اسأل القائمة!".
ولما قال له اللإبراشي ألا يعد هذا تراجعا للخلف في مواجهة قضايا تهدد المجتمع؟ أجاب كريمة: "هو أنا اللي عملت؟"، مضيفًا:"لو قال لي: ما حكم حمل السلاح لقتل كذا أو لكذا؟ هقوله ايه؟.. هقول له: اتفضل شوف الحبايب أهل الثقة اللي الأزهر بيطمأن إليهم واحنا بره اللعبة دلوقتي أو بره المسألة؟".
بعتوني ليه؟
وتابع كريمة وقد بلغ منه الغضب مبلغه: "هو انت تقصيني وفتات علي، وتطلع تلميذ تلميذي وتمنعني.. كفاية اللي تصدناه أيام مرسي وقبل مرسي وبعد مرسي، وما أخدنا من الدولة غير جزاء سنمار!" وأردف كريمة مخاطبا الإبراشي: "وأنت تعلم ذلك".
ويقف "كريمة" في صف طويل من العمائم والشيوخ الذين مسح بهم السيسي مؤخرته ثم استغنى عن خدماتهم، منهم "محمد حسان" الذي وقف ردحًا من الزمن على المنابر، يُبيّن للناس ما يجهلونه ويعظهم ويُفتيهم، فلما جاءت الفتوى تستنطقه فيما يحدث بعد انقلاب 30 يونيو على الرئيس المنتخب، سكت وانتحى جانبا ولم يخرج إلا في مناسبات دموية بكلمات هلامية!.
ورغم دوره المخزي استغنى السفيه السيسي من "حسان" وطرده من جنة الانقلاب العسكري التي دخلها بعمله الأسود، وظهر حسان في كل مرة مدافعا عن الانقلاب ليقول للإعلام "ركزوا على البناء والإنارة.. لا على التحريض والإثارة"، وهكذا تجد "حسان" دائما في منتهي البراعة في أسلوب السجع.
من جهته، حاول شقيق حسان "محمود" الدفاع عن شقيقه وتبرئته من جريمة النصب التي زج بها السيسي للإعلام، والتي تتهم فيها شركات سياحية خاصة الشيخ حسان بالنصب عليها مقابل تأشيرات حج وهمية، مؤكدًا أن شقيقه لا يملك ولا يدير ولا يسهم في أي شركات سياحية، وهو متفرغ للدعوة فقط.
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي "إبراهيم حمامي" أن "محمد حسان احتفظ به الانقلابيون حتى آخر لحظة؛ ظنا منهم أنه قد يؤثر على كثير من أتباعه، ولكنهم لم يدركوا القاعدة التى تنص على أنك إذا خبأت الأكلة الدسمة لفترة طويلة، فإنها تفسد وتصاب بالعفن".
وأضاف: "كون محمد حسان اختفى عن الأنظار ولم يشارك فى الأحداث بقول أو بعمل فهذا جعل منه منافقًا، وكونه يظهر اليوم بكلام موجه غير عابئ بالدماء المسلمة التى أراقها الانقلابيون، ويرى أن الاستسلام للذل والمهانة وتسليم البلاد للكفار أمر واجب، فلا يسعنى إلا أن أقول إن محمد حسان ليس فى فسطاطنا ولكن مع فسطاط الآخرين، والحمد لله الذى أسقط الأقنعة الزائفة لنعرف من معنا ومن علينا".
جدير بالذكر أن "سنمار" الذي قال كريمة إن السفيه السيسي أعطاه جزاءه، هو رجل رومي بنى قصر الخورنق بظهر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس كي يستضيف فيه ابن ملك الفرس، الذي أرسله أبوه إلى الحيرة، والتي اشتهرت بطيب هوائها، لينشأ بين العرب ويتعلم الفروسية، وعندما أتم بناءه، وقف سنمار والنعمان على سطح القصر، فقال النعمان له: هل هناك قصر مثل هذا القصر؟، فأجاب كلا، ثم قال: هل هناك بناء غيرك يستطيع أن يبني مثل هذا القصر؟ قال: كلا، ثم قال سنمار مفتخرا: ألا تعلم أيها الأمير أن هذا القصر يرتكز على حجر واحد، وإذا أزيل هذا الحجر فإن القصر سينهدم، فقال: وهل غيرك يعلم موضع هذا الحجر؟ قال: كلا، فألقاه النعمان عن سطح القصر، فخر ميتا، وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثله لغيره.