كتب – هيثم العابد:
لم يترك الانقلاب العسكري قيمة أو إرثًا مصريًا إلا وتاجر فيه وحدد سعره وباعه برخص التراب من أجل إنعاش الاقتصاد المصري وضخ قليلاً من الأموال في شرايين الخزانة الخاوية على عروشها، حتى بات يتاجر في أحلام البسطاء ويبحث عن وسيلة لنهب أموال المصريين بالخارج، ويفرض الجبايات والإتاوات على البسطاء في أبسط الحقوق الحياتية حتى طالت فرض ضريبة على الزواج والطلاق والإنجاب.
ولأن الأزمة الاقتصادية باتت عصية على الحل في ظل أطروحات العسكر الفاشلة لتجاوز النفق المظلم، قرر العسكر أن يتاجر في نساء مصر في سوق الزواج من الأجانب ويحدد قيمة الفتاة في مزاد النخاسة عند 50 ألف جنيه، في خطوة ليست مستغربة من جانب جنرالات قرروا تحويل الجيش المصري إلى مجموعة من المرتزقة تقاتل لصالح من يدفع "الرز".
شبكة "الجزيرة" الإخبارية، رصدت الدياثة التي سيطرة على قرارات حكومة الانقلاب، والتي صدرت على لسان من يفترض أنه يقبع على رأس منظومة العدالة، بعدما اعتبر أن قراره يحافظ على نساء مصر، وتجاهل حفلات نشطاء موقع التواصل الاجتماعي التي أقيمت على شرف هاشتاج #الزند_قواد.
وربط التقرير بين توقيت القرار الصادم والمتزامن مع الانتهاء من انتخاب برلمان مثير للجدل من المفترض أن يلعب دور الرقيب على أداء الحكومة، حيث لم يلتئم البرلمان اللقيط بعد فيما يختلف حتى من يلتفون حول السلطة على مدى قدرته على إبراز قدر من المعارضة أو تحدٍّ للمسئولين.
وتابع: "في تلك الأجواء السياسية الملبدة بالغيوم، يخرج وزير العدل في حكومة الانقلاب أحمد الزند بقرار اعتبر الهدف منه إرساء العدل بحق المرأة المصرية، فحواه أنه "على من يريد من غير المصريين الاقتران بمصرية أن يودع مبلغ قدره 50 ألف جنيه مصري- ما يعادل 6 آلاف دولار أمريكي- في صورة شهادة استثمار بأحد البنوك الحكومية".
القرار يسري- بحسب وزير عدل العسكر- على من يتقدم للزواج بمصرية تصغره بـ25 عامًا على الأقل، وتدفع حكومة الانقلاب بأن القرار يحمي الزوجة المصرية، ويصون حقوقها بل ويعزز قدرها، فالقرار السابق الصادر عام 2003 ألزم طالب الزواج الأجنبي بإيداع ما بين 15 ألفًا و40 ألف جنيه مصري وبفارق عمري يصل إلى 30 عامًا.
وعلى ذلك ومن وجهة النظر هذه، بدا وكأن وزير العدل رفع من قيمة الفتاة المصرية وقلص في المقابل الفارق العمري، إلا أنه نظريًّا لم يتحدث القرار عن مدي زمني يلزم الزوج أو زوجته بعدم رفع الحظر عن الشهادة المودعة بالبنك باسمها، ما يفتح الباب أمام إمكانية استغلال الزوج الأجنبي لزوجته أو إرغامها تحت الضغط على إعادة ما قدمه.
وأوضح التقرير "أن القرار المثير للجدل رافق ملابسات أشد إثارة، فقد سارعت بعض الصحف المصرية إلى نشر ما يوصف بالتسعير الجديدة للبنت المصرية بالعملات الأجنبية، بينما انبرت منظمات تدافع عن حقوق المرأة باتهام وزير العدل بالمتاجرة بنساء الوطن".
وزعمت جمعيات حقوق المرأة أن الزند يسير على خطى داعش، بعرض المرأة المصرية من جديد في سوق النخاسة والرقيق، معتبرين الأمر مهينًّا جدًّا للمواطنين المصرين قبل أن يكون كذلك بحق الفتيات.
واعترف رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة أن الدولة وعوضًا عن القضاء على ظاهرة العنف الجسدي ضد المرأة خصوصًا في المناطق الفقيرة، تدفع باتجاه مزيد من امتهان كرامتها تحت طائلة الحاجة، وتضع عائلات وأسر لا معين لهم تحت رحمة من يدفع أكثر.
واختتم التقرير: "في ميزان الزند، المرأة سلعة تباع وتشتري، هكذا يقول حقوقيون مصريون، والقرار يشجع على زيادة الزواج العرفي والمتعة، بل ويفتح الباب أمام أعداد من الأطفال بلا نسب أو هوية في تكرار لمشاهد سبق أن عاشها المجتمع المصري وشهدت فصوله أروقة المحاكم".