كتب يونس حمزاوي:
لا أحد يجادل في أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو رأس الفتنة في أزمة الخليج، وحرض السعودية والإمارات على اتخاذ إجراءات عقابية ضد الشقيقة قطر، وحصارها برا وبحرا وجوا وقطع العلاقات بصورة لم تكن متوقعة.. لا سيما في شهر رمضان الكريم.
ومعلوم أيضا أن ثمة خلافات داخل مؤسسات الحكم الأمريكية حيال أزمة حصار قطر؛ فبينما جاءت تغريدات ترامب مرحبة بالإجراءات بل محرضة كما ذكرنا فإن الخارجية الأمريكية سارعت بتصريحات متزنة تدعو إلى حل الأزمة بالحوار ورفض التصعيد.
كما كان رأي البنتاجون متفقا مع الخارجية، مؤكدا دور قطر في محاربة الإرهاب، ومذكرا بأن أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة تقع بالدوحة فكيف يمكن اتهامها بدعم الإرهاب؟!
إزاء هذه الأوضاع تأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، التي استهلها بزيارة العاصمة التركية إسطنبول ثم اتجه اليوم إلى الخليج في جولة تمتد 3 أيام لحلحلة المشهد ووقف التصعيد فهل تفلح الخارجية الأمريكية في إطفاء نار الفتنة التي أشعلها ترامب لا سيما بعد انشغالها بتهديدات كوريا الشمالية التي أطلقت مؤخرا صاروخا باليستيا قادرا على إصابة المدن الأمريكية؟
حفنة الإملاءات انتهى أمرها
كما تأتي زيارة تيلرسون اليوم الاثنين في ظل مطالبة مسئولين أمريكيين لدول الحصار أن تقدم تنازلات مؤكدين أنّ قائمة المطالب الـ13، التي قدمتها دول الحصار كحزمة واحدة انتهى أمرها، كما أن قطر رفضت التسليم بها واعتبرتها مسا بسيادتها.
وأشار هؤلاء، إلى أنّ تيلرسون لا يتوقع إحراز تقدم، وحذروا من أنّ تحقيق تقدم قد يستغرق أكثر من شهر، لكنّهم لفتوا إلى أنّ وزير الخارجية الأمريكي يريد استكشاف إمكانية جمع كل الأطراف على طاولة التفاوض.
وفي هذا الإطار، قال آر سي هاموند، كبير مستشاري تيلرسون؛ وفق ما أوردت "أسوشييتد برس"، اليوم الإثنين، "أجرينا جولة من التبادلات والحوار ولم نحرّك الكرة"، مضيفاً: "سوف نعمل مع الكويت ونرى ما إذا كان بإمكاننا مناقشة استراتيجية جديدة".
وذكر هاموند الذي تحدّث إلى صحافيين في إسطنبول، حيث بدأ تيلرسون جولته، أنّ المطالب الثلاثة عشر التي قدمتها دول الحصار على قطر لم تكن قابلة للتطبيق، على الأقل كحزمة واحدة.
ملاحظات على زيارة تيلرسون
جولة تيلرسون هي الثانية له إلى المنطقة، منذ تعيينه في منصبه، مطلع العام الحالي، وبعد قمة الرياض التي عُقدت قبل يومين فقط من انطلاق الحملة الإعلامية في البداية ضد دولة قطر في 24 مايو الماضي.
لا خلاف على أن اختيار تيلرسون الكويت، التي وصلها قبل قليل آتياً من تركيا، مقراً لإقامته التي تستمر حتى يوم الخميس في المنطقة، بحسب ما أوضحه بيان وزارة الخارجية الأميركية، هو أبرز ما يمكن تسجيله حول الجولة، بغض النظر عما ستؤول إليه من نتائج في حال كان يحمل بالفعل "أفكاراً جديدة" لحل الأزمة الخليجية.
كما تأتي زيارة تيلرسون بعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، الذي أمل في وقف الحصار على قطر من جهة، وتمسك بأهمية الوساطة الكويتية من جهة ثانية، وهو كلام، في شقيه، لم ينل إعجاب مسؤولي دول الحصار ولا إعلامهم.
ثمّ إن اختيار تيلرسون للكويت، أي دولة الوساطة، مقراً ليبيت فيه ليالٍ ثلاثاً، وينطلق منها إلى الرياض ثم الدوحة، ويعود إليها، يوجه رسالة واضحة إلى أطراف الأزمة مفادها أن رئيس الدبلوماسية الأميركية حريص على إظهار حياده بين الطرفين، وأنه لا يرغب أن يُحسب عليه أنه بات ليلة واحدة في إحدى الدول المعنية مباشرة بالحملة، أي السعودية وقطر، بما أن الجولة لن تشمل دولة الإمارات، وهي ملاحظة ثانية يمكن التوقف عندها طويلاً.
وكما فعل جونسون، لن يتوجه تيلرسون إلى أبو ظبي، وهو ما يشير، مجدداً، إلى أن الإمارات تبقى المحرض الأول ولكنها ليست صاحبة القرار بالتصعيد أو التهدئة.
لقد اكتفى البيان المقتضب الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية حول جدول أعمال جولة تيلرسون "المكوكية"، بالقول إنها "تسعى لتخفيف التوترات المتأججة"، مع حرص البيان على القول إن الوزير "سيستخدم الكويت كقاعدة لإقامته".
مجرد انتقال تيلرسون من إسطنبول إلى الكويت، التي يزورها أردوغان قريباً، من ضمن جولة خليجية شاملة أيضاً، كل ذلك يجعل من ارتباط الملفات أمراً حتمياً، ويعزّز من فرضية أن الحملة ضد قطر تتجه إلى التجميد أو إلى التفاوض أو إلى التعليق، مؤقتاً على الأقل في ظل انشغال الإدارة الأمريكي بتهديدات كوريا الشمالية.
جولة مرتقبة لأردوغان
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنّه سيقوم بجولة خليجية، بعد إحياء ذكرى محاولة الانقلاب الفاشلة في بلاده، وذلك في منتصف يوليو الحالي، لبحث إنهاء الحصار على قطر، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ جولته المفترضه تأتي لدعم الوساطة الكويتية في الأزمة الخليجية.
وقال أردوغان، اليوم الإثنين، في حديث مع الصحافيين الذين رافقوه خلال مشاركته في قمة العشرين بمدينة هامبورغ الألمانية، إنّه "سيكون لدي تحركات دبلوماسية خاصة بعد 15 يوليو. أود أن أزور المنطقة (الخليج) مرة أخرى، علّنا نتمكن من المساهمة في إعادة الحوار بين دول المنطقة خلال الزيارة. نخطط لزيارة قطر والكويت والمملكة العربية السعودية بالذات".
وأكد أردوغان أنّه ناقش الأزمة الخليجية الناتجة عن الحملة على قطر، مع كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمة العشرين، مشدداً على أنّه أكد للأخيرين الحاجة لإيجاد حل للأزمة عبر الحوار.
وقال أردوغان إنّ زيارته المنطقة يجب ألا تعتبر وساطة تركية، مضيفاً: "لقد تحمّلت الكويت دور الوسيط، ونحن ندعم جهود الوساطة التي تبذلها، ما أعنيه أنّ (الزيارة) ستكون للمساهمة في إعادة تأسيس الحوار بين مختلف الأطراف".