زيادة سعر رغيف الخبز مرت من ميدان رابعة العدوية!

- ‎فيتقارير

قال قائد عصابة الانقلاب عبد الفتاح السيسي إن "خطة رفع أسعار الخبز وتغيير منظومة الدعم التمويني، سيُسأل عنها أمام الله مالك الملك والملكوت، مع إن رسول الله قال "من ولي من أمر المسلمين شيئا فرفق بهم رفق الله به".
ورغم أن حديث السيسي الذي جاء في الذكرى الثامنة لأكبر مجزرة بشرية حصلت في مصر وأراقت دماء نحو 3 آلاف مصري خارج إطار القانون، خلال افتتاح مشاريع إسكانية، إلا أن السيسي نسي أن الله سيسأله عن كل قطرة دماء سالت على أرض مصر بانفلابه العسكري، وإن الأرواح التي أُزهقت في السجون ظلما وكمدا سيُسأل عنها أيضا، بل إن ضحايا الفقر والإهمال الطبي بالمستشفيات وحوادث  الطرق والانتحار المتسبب في زيادة نسبته سياسات القهر التي يتبعها السيسي، وغيرها سيسأله عنها مالك الملك الذي يؤتي الملك لمن يشاء وينزع الملك عمن يشاء، ويمهل ولا يهمل.

والغريب أن تجبر السيسي وإقدامه على اتخاذ قرارات أكثر تشددا وقهرا للفقراء الغلابة في مصر، جاءت عبر مذابح رابعة والنهضة، حيث تغير حديث السيسي من أن المصريين نور عينيه، إلى مهاجمتهم عبر الفضائيات وفي أحاديثه بأنهم "عاوزين ياكلوا مصر"، "هتدفع هتدفع".

وقد أحدثت مجازر رابعة العدوية والنهضة وميدان التحرير ومسجد الفتح والدقي و6 أكتوبر ورمسيس 1، 2، والإسكندرية والقائد إبراهيم، وغيرها والتي عمت جميع محافظات مصركلها أحدثت حالة من الإرهاب النفسي للمصريين، وخفضت من قدرات الشعب عن التعبير عن آرائه ومطالبه، وبات جل المصريين ينؤون بأنفسهم عن أقسام الشرطة أو الدوائر الحكومية من أساسه، باستثناء الثوار ورافضضي الانقلاب العسكري وقوى المعارضة الذين لم تزدهم دماء رابعة والنهضة ومجازر السيسي إلا ثباتا على الأمر ورفضا للسيسي ونظامه العسكري.

 

اختزال القضية 

ولعل إصرار السيسي على إيهام الشعب المصري بأن فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة كان موجها ضد الإخوان المسلمين فقط، هو اختزال للقضية وكذب بواح، إذ أن المستهدف من الفض العنيف وإزهاق الأرواح وإراقة الدماء كان موجها لعموم الشعب المصري، لإرهابه وإسكاته عن الكوارث التي طالت جميع المصريين عقب رابعة والنهضة، على كافة المستويات الاققتصادية والسياسية والاجتماعية.

وهو ما مكّن السيسي لاقتراف أبرز الجرائم وأفظع القرارات ضد عموم الشعب، الذي سكت وصمت بعضه عن رفض الظلم والقهر وإراقة الدماء، منذ لحظات الانقلاب العسكري الأولى والتي كانت تستهدف عموم المصريين.

وقد أعاد السيسي، السبت، الحديث عن سعر رغيف الخبز، مكلفا وزير التموين بدراسة منظومة رغيف الخبز الجديدة. وقال، خلال افتتاح أحد المشروعات السكنية، إن "منظومة رغيف الخبز لا بد من تعديلها".

وزعم أن "الرغيف عندما كان يباع بقرشين كانت تكلفته 18 قرشا، وهو الآن يباع بـ 5 قروش، بينما تكلفته 65 قرشا، على الرغم من أن الرغيف المباع حر وبجودة أعلى من الرغيف التمويني ووزن أكبر يباع بـ 50 قرشا فقط ويحقق أصحاب تلك الأفران مكاسب كبيرة.

وقال إنه "خلال الخمسين عاما الماضية بُنيت منظومات تستند إلى موارد الدولة ومعاييرها آنذاك".

وادعى أن "الدولة حريصة على اقتحام ملفات المرافق والإسكان والطرق ومعالجة المياه، ما قد يتطلب مراجعة خطة توزيع الدعم، موضحا أنه لن يصمت عن الأزمة، حتى لو كانت مستقبلية".

ولعل الكذب البواح في كلام السيسي الذي تعود الضحك على المصريين به، يبرز في حال معرفة أسعار الوحدات السكنية التي يبنيها النظام ويبيعها بنظام التقسيط لمحدودي الدخل ومتوسطي الدخل ويصل سعرها الفوري نحو 600 ألف جنيه، بينما بنظام التقسيط تصل لأكثر من 1.1 مليون جنيه، ما يفوق قدرات متوسطي الدخل، ورغم ذلك يتباهى السيسي بتلك المشاريع، في حين تباع نفس المساحات وفي أماكن قريبة بأقل من نصف الأسعار الحكومية، ما يكشف بزنس السيسي والجيش والعسكر المتحكمين في رغيف المصريين.

 

ماذا أقول لله؟

وقال السيسي "ربنا جابني في الكرسي، وهيمشيني منه، وهيسألني سكت ليه؟، الله مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، هيقول لي عملت كده ليه؟ هقوله إيه ساعتها؟ بحسب تعبيره".

وزعم أن الأمانة تقتضي منه حل الأزمات التي تطرأ على الساحة، وأن المشروعات السكنية المخطط لها بتكلفة 607 مليارات جنيه، أقل من المبالغ المخصصة للدعم التي وصلت إلى 3 تريليونات جنيه خلال 10 سنوات. 

وتناسى السيسي أن "الأموال المخصصة للإسكان لا تتعدى العام الواحد، وإذا ضربت في 10، سيصل سعرها لأكثر من 6 تريليون جنيه".

وتعمل وزارة تموين الانقلاب على دراسة لتحديد زيادة سعر رغيف الخبز، لترفع نتائجها إلى مجلس الوزراء لمناقشتها، بعد أن ظل سعر رغيف الخبز بعيدا عن المساس به، على الرغم من إقدام الحكومة المصرية على رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وتحرير سعر صرف الدولار وزيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق.

ووفقا لبيانات الموازنة العامة للدولة، كانت قيمة الدعم لرغيف الخبز في العام المالي 2018-2019 نحو 42.3 مليارات جنيه، وبلغ عدد المستفيدين 74 مليون فرد.

تطور الدعم
وتطورت قيمة الدعم المخصص لرغيف الخبز خلال السنوات المالية التالية، حتى وصلت في العام المالي الجاري إلى 44.9 مليارات جنيه. وقبل أيام أعلن السيسي أن "الدولة بصدد زيادة ثمن رغيف الخبز، قائلا "آن الأوان لزيادة ثمن رغيف الخبز، ولا يجوز أن يكون ثمن 20 رغيفا يساوي ثمن سيجارة".

ويصرف الخبز المدعوم لأصحاب البطاقات التموينية في مصر، بحصة مقدارها 5 أرغفة للفرد في اليوم.

وبحسب خبراء الاقتصاد والاجتماع ، فإن "زيادة أسعار الخبز في ظل حكم القهر العسكري خطوة يمكن تمريرها، كما ارتفاعات للأسعار، شملت سلعا وخدمات، لكن الإجراء، في حد ذاته الذي يطول الشرائح الأشد فقرا، تعبير عن قسوة ظاهرة. وبحسابات الاقتصاد وتكاليفه، لا يشكل قدر الدعم (40 مليار جنيه) مبلغا ضخما، إذا ما قورن في حفظ كرامة قطاع من المواطنين وحمايتهم من الجوع، غير أن هذا الدعم، في النهاية، مقتطع من ضرائب المصريين، الذي يقارب تريليون جنيه، وهو مقارنة بالدعم الموجه إلى رؤوس الأموال أو بنود أخرى، ليس مبلغا ضخما، لكن إلغاءه يعبر عن انفصام بين عملية اتخاذ القرار وواقع الفقراء الذي تتغنى به جمهورية السيسي الجديدة، ودالٌّ، في الوقت ذاته، على مسار تراجع أدوار الدولة الاجتماعية".

مع هذا القرار وغيره من سلسلة قرارات مشابهة، تترك أعباءها الاجتماعية، ولا تحسّن أحوال الناس، تصبح تصورات بعضهم أو تصديقهم أن المسار الاقتصادي سيأتي بحياة كريمة مجرد أمنيات، لا تستند إلى مؤشرات تدعمها. أما سؤال الحفاظ على الدولة ودورها، فهو يحتاج إلى إعادة طرح من أصحابه، أي دولة يسعى إليها هؤلاء، وبأي حال يمكن أن يصدق الناس الوعود بتحسين أوضاعهم عاما بعد آخر، في ظل تراكم للأعباء، وصل إلى محطة رغيف العيش.