بعد عمارة باب الشعرية.. متى ينتهي مسلسل انهيار العقارات في جمهوريات الموز العسكرية؟

- ‎فيتقارير

حذر خبراء من استمرار مسلسل انهيار العقارات في ظل إهمال جمهوريات الموز العسكرية منذ انقلاب يوليو 1952 وتفاقم بعد انقلاب السفيه السيسي عام 2013 حيث سيطر عسكر الانقلاب على المحليات وسمحوا  للمقاولين وشركات المقاولات بالبناء دون التزام بالمعايير الموضوعة في هذا المجال بالإضافة إلى الغش في حديد التسليح والأسمنت وغيرهما من مواد ومستلزمات البناء.

وقال الخبراء إن "انهيار العقارات يحصد أرواحا بريئة تتحمل مسئوليتها حكومة الانقلاب والمجالس المحلية والأحياء التي ورطت البلاد في أزمة العشوائيات والتعديات على الأراضي الزراعية والمباني المخالفة".

كانت "عطفة زرع النوى" بشارع الجيش بحي باب الشعرية شهدت انهيار عقار مكون من أرضي و ٤ طوابق لتتواصل العقارات المنهارة في محافظات الجمهورية والتي شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية العديد من حوادث انهيار العقارات، أبرزها عقار جسر السويس مكون من 10 طوابق،  وكذلك انهيار العقار رقم 3 بشارع أبو النصر بحي الوراق، والذي أسفر عن وفاة شخص وإصابة زوجته في الحادث، كما شهدت منطقة الدخيلة غرب الإسكندرية انهيار عقار من 3 طوابق، أسفر عن إصابة 4 أشخاص بجروح وكسور.

 

إهمال مستمر

حول أسباب انهيار العقارات قال الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية بكلية الإدارة بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا، إن "ملف العقارات ظل مهملا من جانب حكومات الانقلاب لفترات بل لعقود من الزمن، مؤكدا أن ما يحدث الآن هو نتاج لسنوات من الإهمال والبناء العشوائي دون تخطيط".

وأوضح عرفة في تصريحات صحفية أنه "لا يوجد شك أن البناء العشوائي له علاقة مباشرة بظاهرة انهيار العقارات وارتفاع وتيرتها في السنوات الأخيرة، لافتا إلى أن الأدوار المرتفعة المخالفة كانت سببا رئيسيا في انهيار العشرات من المباني".

وكشف أن "إجمالي المخالفات بلغت 3 ملايين و240 ألف عقار مخالف في 27 محافظة على مستوى الجمهورية، مشددا على ضرورة العمل بشكل عاجل على تطوير منظومة المحليات ، وعمل حصر شامل للعقارات الخطرة في المحافظات والتعامل معها سريعا".

وأشار عرفة إلى أن "هناك الآلاف من قرارات الهدم الصادرة بحق عقارات تسبب خطورة على حياة أصحابها دون تحرك جدي من قبل السلطات المسؤولة وعلى رأسها المحليات".

واقترح تعديل العديد من مواد القوانين وعلى رأسها قانون البناء الموحد وقانون الإدارة المحلية، والتي تتعلق بصفة خاصة بحل مشكلة العشوائيات والبناء المخالف، الأمر الذي ينعكس على انخفاض عدد المناطق العشوائية التي تتزايد يوما بعد يوم، فلا يعقل أن يتم العمل بقانون ضد منذ أكثر من 40 عاما".

 

معايير البناء

وقال الدكتور عبد الرحيم القناوي أستاذ التخطيط العمراني إن "السبب في الانهيار المستمر للكثير من العقارات في المحافظات هو أن هذه المباني لم تراعِ المعايير والمواصفات السليمة اللازمة للبناء، والتي انتشرت بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة".

وأضاف القناوي في تصريحات صحفية أن "الحل للقضاء على ظاهرة انهيار العقارات بشكل جذري هو دراسة وافية لحالة العمران المصري وتفعيل مبادئ حوكمة العمران".

وشدد على ضرورة إزالة العقارات المخالفة والتعديات على أراضي الدولة والأراضي الزراعية، والتحرك بقوة للقضاء على فوضى العشوائيات والفساد.

وأشار القناوي إلى ضرورة التصدي للبناء العشوائي وتوفير سكن بديل لسكان المناطق العشوائية غير الآمنة، وإنهاء التجمعات العمرانية والعقارات الآيلة للسقوط، بحيث يكون لكل عقار كود خاص ومواصفات وبيانات يتم تسجيلها ومتابعتها ، وهو أمر مطبق في جميع دول العالم، يمنع انهيار العقارات.

 

 العمر الافتراضي

وقال فتح الله فوزي رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال إن "العمر الإفتراضي لأي عقار يتم إنشاؤه 50 عاما وفقا للقانون".

وأضاف فوزي في تصريحات صحفية أن "العنصر الأساسي لجودة العقار وتحمله لسنوات طويلة قد تصل لأكثر من 50 عاما هو جودة الصيانة المستمرة للعقار، لأنه طالما تتم الصيانة سيبقى العقار لمدة أطول".

وأشار إلى أن "أسباب انهيار العقارات مؤخرا تعود إلى الإهمال في صيانتها باستمرار أو لسوء صيانتها وعدم الاهتمام بها، لافتا إلى أن التنفيذ الجيد للعقار والصيانة الجيدة ينتج عنهما عقار أطول عمرا".

وشدد فوزي على ضرورة أن "تكون المشروعات التي ينفذها المطورون العقاريون سواء في المدن الجديدة أو بمناطق أخرى قد تم تصميمها وتنفيذها بعد عدة دراسات سواء من الخبراء أو الاستشاريين الهندسيين للمشروع بالإضافة إلى وضع بند للصيانة في العقود لضمان استمرارية العقار لأطول مدة على الأقل وفقا لما حدده القانون بـ 50 عاما كعمر للعقارات".

 

مخالفات

وقال حسن علام، رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء السابق إن "زيادة العقارات المنهارة خلال الفترة الماضية يرجع إلى إهمال أصحاب العقارات في الإبلاغ عن العقارات التي تتعرض إلى تصدع، إضافة إلى زيادة عدد البناء بمخالفات خلال الفترة الماضية خاصة بعد الثورة".

وأكد علام، في تصريحات صحفية، أن آخر حصر لجهاز التفتيش الفني على المباني التابع لوزارة إسكان الانقلاب، فإن عدد العقارات التي بُنيت من دون ترخيص يصل إلى 317.788 عقارا محررا لها 356.507 قرارات إزالة معتمدة من المحافظين، في حين وصل عدد العقارات المبنية برخصة، لكنها مخالفة إلى 24738 عقارا محررا لها 90031 قرار إزالة معتمد من المحافظين".

 

 الإيجار القديم

وقال المهندس عمرو حجازي نائب رئيس جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم إن "السبب الأول والرئيسي في مسلسل انهيار العقارات هو أزمة مرتبطة بقانون الإيجارات القديم لعدم الصيانة".

وأوضح حجازي في تصريحات صحفية أنه "مع بقاء قانون الإيجار القديم لن يكون هناك عائد مادي للمُلاك، فبالتالي لا يوجد صيانة، ولذلك هناك كم عقارات مغلق أو في حالة سيئة ومالكها لا يعلم عنها شيئا.

 وأضاف أن "السبب الآخر في مسلسل انهيار العقارات هو كم البناء الهائل بدون ترخيص وبأدوار مخالفة دون وجود رقابة عليها، مؤكدا أن الحل يكمن في حل أزمة الإيجار القديم وسرعة إصدار القانون لأنه سيحل 70% من الأزمة بالإضافة إلى ضرورة تصحيح الأوضاع وتفعيل وتقوية دور المهندس المشرف على الإنشاء ليكون دوره إلزاميا، ويكون له قوة في الدور الرقابي على البناء".