بسبب الركود وأسعار الخامات.. القطاع الخاص مهدد بالانهيار

- ‎فيتقارير

يواجه القطاع الخاص في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي تحديات تهدد بخروج عدد كبير من الشركات من السوق،  تزامنا مع التداعيات السلبية لجائحة كورونا وموجة التضخم العالمية، التي أدت إلي زيادة تكلفة الإنتاج وارتفاع أسعار الخدمات والسلع .

ويعاني القطاع الخاص من مناخ اقتصادي غير مستقر خلال سنوات الانقلاب نتيجة حالة عدم الأمان، التي يشعر بها رجال الأعمال على خلفية اعتقال عدد من رجال الأعمال دون تهم واضحة.

كانت بيانات مؤشر مديري المشتريات في مصر الصادرة عن مؤسسة "آي إتش إس ماركت" (IHS Markit) العالمية للأبحاث، قد كشفت استمرار تدهور أحوال القطاع الخاص غير المنتج للنفط بضغط انخفاض مؤشري الإنتاج والطلبات الجديدة.

وأكدت المؤسسة في تقرير لها، أن قراءة مؤشر مديري المشتريات انخفضت بواقع 0.8 نقطة خلال يوليو الماضي، مسجلا 49.1 نقطة مقارنة بـ49.9 نقطة في شهر يونيو السابق له، موضحة أن انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة يعني أن هناك انكماشا في النشاط.

ووفق المؤشر، فإن الانخفاض يرجع إلى تراجع معدلات الإنتاج والطلبات المستمر ، لافتا إلى أن الشركات المشاركة في الدراسة ربطت بين تراجع الطلب خلال الفترة الأخيرة، وبين انخفاض الإنفاق المحلي، حيث ظل بعض العملاء مترددين في الإنفاق وسط التأثير المستمر لوباء كورونا وتدابير الوباء المستمرة .

 

ركود الأسواق

 في هذا السياق كشف استطلاع رأي أجراه المركز المصري للدراسات الاقتصادية حول آداء الشركات خلال الربع الممتد من يوليو وحتى سبتمبر الماضي، أن مشكلات الركود والارتفاع الجنوني في أسعار الخامات والشحن يأتي على رأس المعوقات التي تواجه كافة القطاعات.

وأشار الاستطلاع إلى أن مجتمع الأعمال واجه خلال الربع الأخير من العام الجاري العديد من التحديات، أبرزها ركود الأسواق وزيادة أسعار مدخلات الإنتاج وتكاليف الشحن نتيجة لاضطراب سلاسل الإمداد العالمية.

وأكد أن تلك التحديات انعكست على ثبات قيمة مؤشر آداء الأعمال عند المستوى المحايد ليسجل 50 نقطة خلال الفترة محل الدراسة (يوليو – سبتمبر 2021)، ما يعكس ارتفاع مستوى عدم اليقين بوجه عام سواء بشأن التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي أو تطورات فيروس كورونا .

وأشار الاستطلاع إلى أن هناك تباينا في قدرات الشركات لمواجهة التحديات العالمية والمحلية، حيث تشتد حدة معاناة الشركات الصغيرة والمتوسطة من الركود والارتفاع الجنوني لتكاليف الإنتاج والشحن، بينما تحسن آداء الشركات الكبيرة نتيجة الانتعاش النسبي في الطلب الخارجي مع عودة النشاط الاقتصادي وبوادر تعافيه من الجائحة نسبيا، فضلا عن قدرة الشركات الكبيرة على التكيف مع الأزمة وتعديل أساليب عملها.

 

غير إنتاجي

وحذر عبد الحافظ الصاوي خبير اقتصادي من أن استمرار إظهار مؤشر مديري المشتريات أداء سلبيا، يؤكد وجود حالة من الركود داخل القطاع الخاص غير النفطي، الذي يربطه بكونه قطاعا غير إنتاجي ويغلب عليه الريع والعمل في قطاع الخدمات، مما يضعف أداء الناتج المحلي الإجمالي لمصر.

وقال الصاوي في تصريحات صحفية إن "هذا التراجع مستمر منذ مدة طويلة، مشيرا إلى أن المساحات المسموح بها للقطاع الخاص ضيقة حتى على مستوى الاستيراد والتصدير للسلع الرئيسية التي كان يتمتع بها سابقا، مشيرا إلى أنه من غير المتوقع تحسن الأداء ما لم تتبن حكومة الانقلاب سياسة اقتصادية إنتاجية، وتحررها بكل مكوناتها النقدية والمالية والاستثمارية.

واعتبر أن أزمة كورونا كان لها دور في هذا التراجع لما تسببت فيه من حالات إغلاق لبعض الأنشطة، إضافة إلى قرارات حكومة الانقلاب فيما يتعلق بقطاع الإنشاء والبناء، حيث عطلت عمل أي إنشاءات داخل مساحات كبيرة، ومعلوم أن هذا القطاع من أكثر القطاعات التي توفر فرص عمل بشكل كبير.

وشدد الصاوي على ضرورة أن يكون للجهاز المصرفي دور رئيسي في معالجة هذا التراجع عبر توجيه جزء من الودائع إلى تمويل مشروعات حقيقية في كافة القطاعات الخاصة، مع ضرورة البعد عن المشروعات الريعية والتركيز على القطاعات التي توفر فرص عمل وتحسن من أداء الناتج المحلي الإجمالي.

 

مناخ غير مستقر

وأكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي نقيب الصحفيين الأسبق أن القطاع الخاص يعاني من مناخ اقتصادي غير مستقر خلال السنوات الأخيرة، نتيجة حالة عدم الأمان التي يشعر بها رجال الأعمال على خلفية الإجراءات الفجائية بالقبض على رجال أعمال دون تهم واضحة، إذ لم يعد الأمر مقتصرا على معارضي النظام.

وأوضح الولي في تصريحات صحفية أن هذا الأمر جعل الكثير من رجال الأعمال يتوقفون عن ضخ استثمارات جديدة ترقبا لتغير الصورة، كما تأثر المستثمرون العرب والأجانب بعزوف المستثمر المحلي، وأحجموا بدورهم انتظارا لتحرك المستثمرين المصريين.

وعن استئثار المؤسسة العسكرية بمشاريع القطاع الخاص، أشار إلى أن المنافسة غير متكافئة في ظل ما هو متاح للشركات التابعة للجيش، حيث تمارس عملها بعمالة تتقاضى مبالغ زهيدة، ولا تدفع الضرائب، مع إمكانية فتح منافذ توزيع في أي مكان تراه مناسبا، وهو ما ليس متاحا للقطاع الخاص.

 

وباء كورونا

وقال الدكتور عبد النبي عبد المطلب خبير اقتصادي إن " تراجع القطاع الخاص طبيعي كونه مرتبطا بتراجع الحالة الاقتصادية عالميا، حيث تأثرت غالبية الاقتصادات بأزمة وباء كورونا، والأمر ليس مرتبطا بالوضع في مصر فقط".

وأوضح عبد المطلب في تصريحات صحفية أن الأثار السلبية لوباء كورونا نتج عنها بطبيعة الحال توقف سلاسل الإمداد والتوريد في الكثير من القطاعات عالميا، وأغلقت الكثير من الدول حدودها، مما نتج عنه تراجع أغلب المؤشرات الاقتصادية بشكل عام.

وتوقع أن يؤدي هذا الانكماش إلى ضغوط على المؤسسات والمصانع وغيرها من المؤسسات الإنتاجية، حيث يؤدي انخفاض الإنتاج إلى زيادة التكاليف الإجمالية، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة البطالة والمشاكل الناتجة عنها.

وشدد على ضرورة انتهاج سياسات مالية توسعية تضمن زيادة دخول الأفراد المتاحة للاستهلاك، وهو ما سيحقق أهدافا متعددة توفر حياة كريمة للمواطنين في ظل كورونا، وتشجع الاستثمار والاستهلاك، وتحافظ على المؤسسات العالمية العاملة في مصر.