بعد تنازل السيسي عنها في 2015.. إثيوبيا: لن نقبل بما تسميه مصر “حقوقها التاريخية” في النيل!

- ‎فيتقارير

في تطور جديد يهدد حياة ملايين المصريين وينذر بالجوع والعطش والفقر، واصلت إثيوبيا التصعيد ضد مصر بأزمة سد النهضة، حيث قال وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي “سيليشي بيكيلي”: إن بلاده “لن تقبل أبدا” بما تسميه مصر “حقوقها التاريخية” في مياه نهر النيل.

جاء ذلك خلال كلمة للوزير أمام ممثلي الأحزاب السياسية ورجال الدين في أديس أبابا، الأربعاء، حول تطورات المفاوضات الثلاثية مع السودان ومصر بشأن سد النهضة.

وقال “بيكيلي”: إن “المحادثات الثلاثية شهدت ميلا مصريا لتأكيد ما يسمى حقوقها التاريخية في مياه النيل، التي لا يمكن قبولها أبدا من إثيوبيا أو من دول نهر النيل”، وفق ما نقلت عنه صفحة وزارة الخارجية الإثيوبية على فيسبوك”.

فيما قال وزير الخارجية الإثيوبي “جيدو أندارجاشيو”، خلال الفعالية ذاتها، إن موقف “بلاده ثابت من استخدام مواردها المائية، بما يتماشى مع المبادئ المتفق عليها وبعدم إلحاق الضرر بالآخرين”.

وبهذا تكتب إثيوبيا نهاية الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل التي بقيت سارية لقرون، وثابتة في كافة المحافل الدولية والإقليمية، وفق اتفاق 1959، والذي نص على أن “تضم اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل على عدد من البنود من أهمها:

احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنويا، وكذلك حق السودان المقدر بثمانية مليارات متر مكعب سنويا.

موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالى وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته.

كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالى والبالغة 22 مليار متر مكعب سنويا توزع على الدولتين، بحيث يحصل السودان على 20 مليار متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب ليصل إجمالي حصة كل دولة سنويا إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان.

قيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة في بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين.

تلك الاتفاقية التي أهدرها السيسي بتوقيعه اتفاق المبادئ مع إثيوبيا والسودان في مارس 2015، والتي وصفها إعلام السيسي بـ”السيسي حلّها”، قد أضاعت على مصر حقوقها التاريخية بمياه النيل، لأول مرة في التاريخ، حيث لم يعد لمصر حصة ثابتة كما كانت تُراعى سابقا وتُحترم.

تعاون سوداني مصري

وفي 21 مايو الجاري، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد علي” استعداد بلاده للتعاون مع مصر والسودان للوصول لاتفاق نهائي يراعي مصالح الدول الثلاث وشعوب المنطقة.

وتتبادل القاهرة وأديس أبابا اتهامات وتحركات دبلوماسية حول أزمة السد. ووقعت مصر نهاية فبراير الماضي، بالأحرف الأولى، على اتفاق لملء وتشغيل السد رعته الولايات المتحدة بمشاركة البنك الدولي، بينما رفضت إثيوبيا التوقيع عليه، وتحفظ عليه السودان.

ولاحقًا، قدمت مصر مذكرة توضيحية إلى أعضاء مجلس الأمن بشأن مستجدات المفاوضات المتوقفة منذ منتصف مارس الماضي.

وهو إجراء شكلي وليس رسميًا، وغير ملزم لإثيوبيا بشيء، ولا يلزم مجلس الأمن حتى بالرد عليه، رغم مطالبات الخبراء والقانونيين بتقديم شكوى رسمية لتضرر مصر الفعلي من السد، إلا أن السيسي المرتبك ونظامه العسكري الفاشل لا يراعي قواعد العمل السياسي والقانوني، ويعمل بعقلية الوهن التي تخشى التصعيد والانجرار للاشتباك بالخارج، حتى لا يؤثر على وضعه بالداخل، على الرغم من عدم مراعاته لذلك فيما يخص قضايا التدخل في ليبيا.

بينما تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الكهرباء بالأساس.

حشد إثيوبي 

وعلى طريقة الديمقراطية والتعاضد المجتمعي، نجح آبي أحمد في توحيد الشعب الإثيوبي حول مشروعاته القومية، على عكس السيسي الذي يقتل شعبه قمعًا وقهرًا وإفقارًا، فقد أعلن رجال دين إثيوبيون من المسلمين والمسيحيين عن دعمهم لإكمال بناء سد النهضة الكبير، كما دعا مجلس الأحزاب السياسية إلى ضرورة إنهاء المشروع الذي تأمل البلاد أن يوفر لها قدرا كبيرا من الكهرباء.

ودعا القادة الدينيون الإثيوبيون الحكومة إلى استكمال سد النهضة الكبير. وأكد مجلس أديان إثيوبيا، وهو مجلس يضم 7 مؤسسات، في مؤتمر صحفي، “حق إثيوبيا الطبيعي في تطوير نهر النيل”، وأوصى بمواصلة المفاوضات الثلاثية.

وقال بطريرك الكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية، الأنبا “أبون ماثياس”، إن الحكومة بحاجة إلى استكمال السد على أساس التفاهم المتبادل مع دول المصب ودون تدخل خارجي.

وأشار إلى أن الإثيوبيين أسهموا كثيرًا في التمويل لبناء السد على أمل تحسين سبل عيشهم وتنمية البلاد.

وأكد “ماثياس” أنه ينبغي على الحكومة أن تواصل التزامها ببناء السد وإكماله لصالح الجمهور، دون الإضرار بالدول المشاطئة لنهر النيل.

من جهته، قال أمين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الإثيوبية وممثل رئيس المجلس، الشيخ “قاسم محمد تاج الدين”: إنه “يجب على الحكومة استكمال السد إلى جانب المفاوضات العادلة مع مصر والسودان لصالح مواطنيها الذين يعيشون في ظلام ولا يحصلون على الكهرباء”.

وشدد على أنه “فيما يتعلق بالسد، نحتاج إلى الوقوف في انسجام وحتى التضحية إذا تطلب الأمر من أجل اكتمال المشروع”.

وأشار رئيس الكنيسة الكاثوليكية الإثيوبية، الكاردينال “برهانيسيس سورافيل”، إلى أن إثيوبيا “لها الحق في تطوير أنهارها من أجل توفير الكهرباء لملايين مواطنيها مثلما فعلت مصر”. وأضاف أن “المصريين يحصلون على الكهرباء بطريقة أفضل من إثيوبيا”.

من جهة أخرى، أطلقت العاصمة أديس أبابا الأربعاء منتدى تشاوريا يركز على دور الأحزاب السياسية المتنافسة للانتهاء بنجاح من سد النهضة الإثيوبي الكبير.

وقد تم تنظيم المنتدى بشكل مشترك من قبل المجلس المشترك للأحزاب السياسية الإثيوبية ومكتب المجلس الوطني لتنسيق المشاركة العامة لبناء سد النهضة.

ويشارك في المنتدى التشاوري مسئولون حكوميون رفيعو المستوى، بمن في ذلك وزير الخارجية “جيدو أندارجاتشو”، ووزير المياه والري والطاقة “سيلشي بيقلي”.