اعتراف صهيوني: إضعاف «الإخوان» يمنح “إسرائيل” فرصة لضرب حماس

- ‎فيتقارير

اعترف المؤرخ الإسرائيلي دان شيفتان، رئيس برنامج الأمن الدولي بجامعة حيفا والمحاضر ببرامج الدراسات الأمنية بجامعة تل أبيب، أن الحرب التي يقودها الجنرال عبدالفتاح السيسي وبعض النظم العربية على جماعة  الإخوان المسلمين يعزز قوة "إسرائيل" ويمنحها فرصة لضرب حركة المقاومة الإسلامية حماس وإضعافها.

وفي مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم" يحذر المستشرق الإسرائيلي مما وصفه بـ"الهدوء الخادع" مع حركة حماس في قطاع غزة، مقرا بأن تل أبيب تعمل على تدمير قدرات حماس العسكرية وتصفية قادتها. لافتا إلى أن حماس معنية بهدوء مؤقت بهدف تعزيز قوتها استعدادا للمواجهة القادمة.

ويدلل على ذلك بأن "حماس بالتوازي مع تعزيز قوتها في غزة، تقوم بعمل في الضفة والقدس كي ترفع مستوى مكانتها كمسؤولة عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي إسرائيل (المناطق المحتلة عام 1948)، وتبني شبكة عسكرية في لبنان كي تخلق ساحات مواجهة إضافية، ربما بمشاركة حزب الله".

ويرى شيفتان أن "إسرائيل" أيضا معنية بمثل هذه التهدئة لأنها تخدمها على المستوى الإستراتيجي، ولأنها أدمنت الهدوء الخادع بغزة على المستوى العملي.  ويشرح المؤرخ الإسرائيلي أبعاد المشهد التي تمنح "إسرائيل" الفرصة لضرب حماس، أولها الحد بقدرات حماس العسكرية في الحرب الأخيرة "حارس الأسوار" في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي الأخير في مايو 2021م. وثانيها استكمال العائق البري الذي يقيد قدرات حماس في إشارة إلى السور الذي انتهت منه قوات الاحتلال على  الحدود مع غزة. وثالثها هو عزلة  الإخوان المسلمين في مصر وعدد من بلدان المنطقة. واعتبر أن هذه الظروف الناشئة بهذه الأبعاد الثلاثة إنما تعطي تل أبيب فرصة سانحة ومريحة لقمع تعاظم قوة حماس وتصفية زعمائها في ظل حرية العمل الممنوحة لإسرائيلي إقليميا.

ويحرض شيفتان حكومة الاحتلال على شن حرب على غزة حاليا في الوقت الذي تعاني فيه الحركة من حالة ضعف في أعقاب الحرب الأخيرة التي حدت من قدرتها، مفضلا المخاطرة بمواجهة مع حماس حاليا في ظل الضعف النسبي الذي تعاني منه في الوقت الراهن قبل تعزيز قدراتها استعدادا لمواجهة قادمة، أو دخولها مواجهة تكون فيه معززة بمواجهة شاملة مع إيران وحزب الله في ظروف يصعب فيها ـــ  إذا وقعت ــ على إسرائيل أن توجه القوة اللازمة لضرب حماس.

ولمزيد من إقناع حكومة الاحتلال على شن مواجهة مع حماس في الوقت الراهن، يشير المؤرخ الإسرائيلي إلى أن شركاء "إسرائيل" العرب كمصر والأردن لهم ــ تماما مثل إسرائيل ــ مصلحة إستراتيجية في إظهار فشل نموذج غزة؛ من أجل ردع عرب آخرين عن تبنيه، أما تعزيزه "المدني" فهو سياسة ضارة وقصيرة النظر، وبخلاف جهات معادية أخرى – السلطة الفلسطينية وسوريا – مع حماس توجد لإسرائيل "لعبة نهايتها الصفر"؛ فما هو خير لحماس شر لإسرائيل، لأنه خير للإخوان في غزة".

ويصف شيفتان التسوية بعيدة المدى بين تل أبيب وحماس بــ«الوهم الغريب»، ويرى أن الحديث عن جزيرة اصطناعية وميناء لأهالي غزة هو هذيان يعيد إلى الأذهان الفرضية  الفاشلة لشمعون بيريز في التسعينات، حيث كان يظن أن خروج "إسرائيل" من غزة سيجعل القطاع مثل "سنغافورة".

ويرى أن تحقيق تسوية كهذه من خلال التأهيل المدني للقطاع دون سحق حماس ومنع تعاظم قوتها سوف يشجع حماس  وغيرها ويضعف موقف المساومة الإسرائيلي مستقبلا، ومما يجعل سياسة حماس مجدية هو ضعف تل أبيب أمام التصعيد الذي تقوم به في الضفة والقدس والداخل ولبنان.

ويبدي  الكاتب رفضه لمثل هذه التسوية مع حماس؛ مشيرا إلى أنها تسمح لها يتوجيه الدولارات التي تتلقاها من قطر في تعزيز قدرتها العسكرية، بخلاف توظيف تصاريح العمل في إسرائيل للعمال الفلسطينيين، وتسهيلات في الاستيراد والتصدير وإدخال البنى التحتية، وإدخال "مواد ثنائية الاستخدام" وتشجيع المصريين على تسجيل القيود في معبر رفح، كلها عوامل تعزز من قدرة حماس.

ومع هذه المعطيات وفقا للكاتب ــ فإن تل أبيب تعزز موقف حماس في المساومة، وفي تعهدها للجماهير بإبرام صفقة تبادل وإعادة الجنود الإسرائيليين ويرى أن هذا ضار من الناحية الإستراتيجية بإسرائيل ومرفوض من الناحية الأخلاقية، ويذهب إلى أن صفقة تبادل  جديدة يخرج بموجبها أسرى فلسطينيون، "ستشجع" العمليات التي تقوم بها حماس مثلما حصل في صفقة الجندي "جلعاد شاليط" السابقة.

وينتهي الخبير الإسرائيلي إلى أن الكلفة التي ستدفعها تل أبيب نتيجة إدمانها على وهم الهدوء، ستنفجر في وجه "إسرائيل" المرة تلو الأخرى، من خلال العربدة   التي تشوش حياة الإسرائيليين في الجنوب، وفي تعطل الشرطة أمام الخاوة العربية في الشمال، وفي الخوف المبرر من استئناف الاضطرابات في المدن المختلطة (عرب ويهود)، وفي سيطرة الأسرى في السجون حيال ضعف مصلحة السجون، وفي التسامح تجاه إرهاب اليهود، وبالتسليم بالعنف الجماهيري المنظم في مجتمع الحريديم، وبالعقاب السخيف الذي يفرضه قضاة رحماء"، مما يشجع الجريمة في المجتمع الإسرائيلي". ويرى أن الحكومة الحالية عندما تخشى المواجهة فإنها تعزز العنف وتسهم في انتشاره.