السيسي و”كامل”.. فساد ومناقصات مليارية بالأمر المباشر والجنيه أصبح “ورق كوتشينة”!

- ‎فيتقارير

كان أول أمس يوما لافتا في مسيرة الفساد المستشري داخل نظام المنقلب السفيه السيسي، حيث كشفت كلمات السيسي وحواراته على الهواء حجم الفساد الضارب بأعماق نظامه العسكري القائم على الفهلوة وعدم الشفافية أو احترام قواعد العمل المنظم، وهو ما يُعدّه خبراء وعلماء بابا كبيرا للخراب والانهيار، لما يمثله من فرص للفساد وإهدار المال العام لصالح ثلة من المنتفعين على حساب المواطنين والفقراء.

ويدير المنقلب السيسي أموال مصر بالأمر المباشر، وبلا تخطيط أو رقابة، ويجري ترسية المناقصات والمشاريع الكبرى بالأمر المباشر، علاوة على التقديرات الجزافية لتكلفة المشروعات، وهو ما بدا من حوار السيسي ووزير نقله، حينما طالبه بتخفيض تكلفة أحد المشاريع من  9 مليار جنيه، ليرد "الوزير" تمام يافندم بقت 7 ونص مليار، وهو ما لا يمكن مشاهدته إلا بعزبة العسكر مصر.

فيما كشف طلب السيسي من "الحاج سعيد" أحد المقاولين الذين حضروا مسرحية السيسي في الصعيد، بأن يحصل على 25% من قيمة أحد المشاريع التي سينفذها والباقي بعد عام، بعد تسليم المشروع، وهو ما يكشف عن عجز مالي كبير يخفيه نظام السيسي المأزوم ماليا، لدرجة أن يلجأ لتنفيذ المشاريع بالآجل وبالتقسيط، وهو أسلوب جديد للتخريب الاقتصادي بعد تفاقم أزمات القروض والديون المتراكمة على رؤوس المصريين.

 

مليارات في الهواء

كان لافتا مشهد كامل الوزير، وزير النقل في حكومة الانقلاب ، حينما طالبه السيسي بتخفيض التكاليف للمشاريع، مؤكدا الاتهامات بالفساد التي تلاحق وزارات وأجهزة السيسي، تتعلق بتنفيذ الهيئة الهندسية للجيش، مشروعات الطرق والجسور بـ"الأمر المباشر"، حيث أعلن كامل الوزير، عن خفض كلفة إنشاء 3 محاور جديدة في محافظات الصعيد من 9 مليارات جنيه إلى 7.5 مليارات، بمجرد مطالبته من السيسي بخفض التكلفة على الهواء مباشرة.

وقال السيسي مخاطبا الوزير، في افتتاح بعض المشروعات بصعيد مصر، السبت: "ليه يا كامل 9 مليارات جنيه؟"، ليرد الوزير "سعر الحديد مرتفع يا أفندم، بس ممكن ننزل التكلفة إلى 7.5 مليارات جنيه"، ليعقب السيسي: "7 مليار إيه بس؟ هل الشركات اللي شغالة موجودة؟ فين الحاج سعيد؟" في إشارة إلى سعيد محمود، مالك شركة "السعداء للمقاولات" العاملة مع الجيش من الباطن.

واستفسر السيسي من "الحاج سعيد" عن إمكانية تنفيذ أحد المحاور الجديدة على النيل خلال مدة أقصاها 12 شهرا، مقابل الحصول على نسبة 25% فقط من تكلفة المشروع، وإرجاء الحصول على نسبة 75% إلى حين الانتهاء من تسليمه، وهو ما وافق عليه مالك الشركة بالقول "تعليماتك يا فندم".

وقال السيسي: "مشروعات وزارة النقل حجمها كبير في مصر، والمشروعات التي تنفذها الهيئة الهندسية للجيش أو وزارة النقل أو هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان تبلغ 1.6 تريليون جنيه"، مستطردا بأن "حجم العمل في جميع القطاعات داخل الدولة المصرية يصل إلى 6.2 تريليونات جنيه"، حسب زعمه.

من جهته، قال وزير نقل الانقلاب إنه "تم تخصيص 600 مليار جنيه لإنجاز مشروعات النقل في صعيد مصر، خلال الفترة من يونيو 2014 وحتى يونيو 2024، مضيفا أنه جار إنشاء وتطوير 17 ألف كيلومتر طرقا رئيسية، بخلاف 22 محورا على النيل، وقرابة ألف جسر ونفق، بالإضافة إلى 28 ألف كيلومتر كطرق محلية في جميع المحافظات بتكلفة 474 مليار جنيه، ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، وفقا لقوله.

 

الجنيه المصري كورق الكوتشينة

وفي اعتراف بانهيار قيمة الجنيه المصري وفقدان قوته الشرائية، واحتمالات انهياره بالفترة المقبلة بنسب كبيرة، قال السيسي"لازم نعمل خدمات للطرق الجديدة زي محطات الوقود كل 20 كيلو، والناس متصورة أني بقول كده  عشان تحصيل الفلوس ، آه عشان تحصيل الفلوس، لأن المليارات أصبحت زي ورق الكوتشينة، وبقول للناس في القطاع الخاص اللي عاوزة تشغل محطة وقود على الطريق، البعض منها ليس له عائد اقتصادي، وعشان كده الدولة والجيش هم أصحاب المسؤولية عن هذه المحطات"، على حد قوله.

 

بذخ على الأغنياء وتقتير على الغلابة

ولعل الغريب في حديث السيسي، هو ضنه على الفقراء والغلابة في المنح أو تذليل عقباتهم المعيشية، حيث رفض السيسي منح العاملين بالمشاريع في الصعيد زيادة مالية تتراوح بين 150 إلى 200 جنيه، مراعاة لظروفهم المعيشية وانتقالهم للعمل من الوجة البحري إلى الصعيد.

فرغم تطاير المليارات والإنفاق البذخي وإهدار المليارات وتوزيع المناقصات بالأمر المباشر وعلى الهواء مباشرة، رفض السيسي طلب مالك إحدى شركات المقاولات منح العاملين من متوسطي الدخل مكافأة تتراوح قيمتها بين 150 و200 جنيه، نظرا لقدومهم من محافظات الوجه البحري إلى العمل في الصعيد، قائلا "أنا لا أهادي أو أمنح أحدا أموالا، وماليش دعوة بالكلام ده، روحوا كلموا رئيس الوزراء، لأني مابديش فلوس لأي حد".

ومنذ انقلاب السيسي في 2013، لم تفِ أي من الحكومات المتعاقبة بنسبة الـ 10% من الناتج القومي الإجمالي المخصصة لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي، والواردة في المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور، مقابل إهدار المئات من مليارات الجنيهات على مشروعات الطرق والجسور غير المطابقة للمواصفات القياسية، والمنفذة بواسطة شركات مقاولات من الباطن تحت إشراف الهيئة الهندسية للجيش.

ويرى خبراء اقتصاد أن اتساع رقعة الفقر في مصر يعود إلى سياسات السيسي الاقتصادية، الذي لم يضع محدودي الدخل ضمن أولوياته، ورضخ إلى تعليمات صندوق النقد بشأن تقليص الدعم، وتحرير أسعار الوقود والكهرباء نهائيا، وخفض أعداد الموظفين الحكوميين، ما أدى إلى إنتاج مزيد من الفقراء، بينما اتجه نحو مشروعات عملاقة ليس لها أي مردود على المواطن، مثل مشروعات العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وغيرها.

وتبقى الرسالة الأبرز من مسرحية السيسي بمحافظة قنا، خلال افتتاح المشاريع، أن المصريين باتوا شعبين، شعب له المناقصات والفساد الملياري بالأمر المباشر، وشعب عليه دفع  الفواتير وتحمل التقشف وسوء الإدارة، بل ودفع تكلفة الفساد من جيبه، بالضرائب والرسوم والأسعار المرتفعة بعد أن حول السيسي الجنيه المصري إلى "ورق كوتشينة".