عادل الأنصارى يكتب /القمة العربية وإجهاض المسار البديل

- ‎فيمقالات

 

أحدثت التصريحات الأخيرة للقيادي في حركة حماس، أسامة حمدان، حول موقف المقاومة الراسخ من أي محاولة للالتفاف على سلاح المقاومة، ارتباكًا في الموقف العربي الرسمي تجاه مخرجات القمة العربية، التي كان من المتوقع عقدها في 27 فبراير 2025.

فقد أجهضت هذه التصريحات خطة المسار البديل ، والتي كانت تسعى سلطة الانقلاب في مصر إلى صياغتها بالتعاون مع الأردن والسعودية، في محاولة لطرح بديل عن خطة ترامب لتهجير الشعب الفلسطيني.

والحقيقة أن المسار الأول الذي طرحه ترامب لم يكن جديدًا يعود إلى ولايته الأخيرة، بل كان مطروحًا بقوة منذ سنوات طويلة، تعود إلى ما قبل ولايته الأولى، بل وإلى خمسينيات القرن الماضي.

ورغم الموافقة المبدئية التي سبق أن أعلنها السيسي في اجتماعه مع الرئيس ترامب خلال ولايته الأولى، والتي وعد فيها بالانخراط في “صفقة القرن” – التي لا تعني سوى القبول بفكرة التهجير – إلا أن هناك صعوبات بالغة أحاطت بإنجاز هذا الأمر على الأرض. فقد ظهرت خطوط حمراء رسمتها عدد من الأجهزة الأمنية، وفي مقدمتها مكونات رئيسة في الجيش ، لرفض الفكرة جملة وتفصيلًا، باعتبارها متعارضة مع الأمن القومي المصري. إضافة إلى ذلك، كان هناك رفض شعبي حاسم لفكرة التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.

وبسبب هذه الاعتراضات الحاسمة، سعى السيسي، بالتوافق مع عدد من الدول العربية، إلى صناعة مسار بديل يمكن أن يحقق مستهدفات الإدارة الأمريكية الجديدة، وفي الوقت ذاته يتفادى الأزمات المحتملة داخل المؤسسات الأمنية، وكذلك تأثيرات الرفض الشعبي الواسع.

وكان المسار البديل يتمثل في استبعاد المقاومة من معادلة إدارة الشأن الداخلي في قطاع غزة، من خلال نزع سلاحها ونفي قيادات الفصائل إلى الخارج، بما يسمح – وفقًا لهذا الاقتراح – لقوات عربية مشتركة بفرض واقع جديد في القطاع، يتيح القضاء على المقاومة.

وقد بدت إرهاصات هذا المسار واضحة في تصريحات السيسي حول قبوله بتهجير أهل غزة إلى صحراء النقب، لحين نجاح الاحتلال الصهيوني في القضاء على حركات المقاومة، ثم عودة السكان إلى أماكنهم مجددًا. ويحمل هذا التصريح دلالات واضحة على أن رفضه للتهجير لم يكن رفضًا مبدئيًا، وإنما كان يهدف إلى تجنب معارضة الأجهزة الأمنية والرفض الشعبي لخطط التهجير، مع إفساح المجال لتصورات بديلة تحقق الأهداف نفسها. كما يعكس التصريح اتساقًا كاملًا مع مستهدفات الاحتلال الصهيوني في تصفية المقاومة والقضاء عليها.

وبذلك، فإن الحديث عن مسار بديل يتم طرحه في القمة العربية لتصفية المقاومة وتنحيتها جانبًا عن إدارة القطاع، والسعي لإخراج قياداتها منه كمسار بديل للتهجير، مع محاولة إيجاد قوى عربية بديلة، لم يكن أمرًا منفصلًا أو مختلفًا، بل كان متناغمًا تمامًا مع الرؤية التي أعلنها السيسي في لقائه  الصحفي رفقة المستشار الألماني أولاف شولتس.

إلا أن التصريحات الأخيرة التي أطلقها أسامة حمدان بشأن رفض المقاومة أي تصور يتعلق بتنحية سلاحها، أجهضت محاولة الوصول إلى اتفاق عربي عبر القمة المؤجلة، والتي جاء تأجيلها كنتيجة مباشرة للموقف الصلب للمقاومة. وقد أحدث ذلك ارتباكًا واسعًا في المقررات التي كانت تسعى القمة المؤجلة إلى فرضها على الواقع الفلسطيني، مما طرح مزيدًا من التساؤلات حول البديل المحتمل عند استئناف أعمال القمة : فهل ستعود الأنظمة العربية إلى مربع التهجير بصيغ مختلفة ومبتكرة، أم ستسعى إلى مسار جديد للتعاطي مع مطالب ترامب ؟