تواجه حكومة الانقلاب أزمة كارثية خلال العام 2025 تهدد بانهيار الاقتصاد المصري وإعلان إفلاس البلاد الأزمة، تتمثل في تزايد الديون ولجوء عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب إلى القروض الخارجية والداخلية “على الفاضي وعلى المليان”
حكومة الانقلاب مطالبة بسداد أقساط وفوائد ديون تقدر بنحو 22.4 مليار دولار خلال عام 2025، بالإضافة إلى الاحتياجات الداخلية والتي تتمثل في الواردات، بما يرفع الرقم إلى أكثر من 50 مليار دولار في ظل تراجع عائدات قناة السويس، والسياحة وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، وهو ما دفع خبراء اقتصاد إلى التأكيد أن حكومة الانقلاب ستلجأ إلى صفقة جديدة شبيهة بصفقة رأس الحكمة التي باعها السيسي لعيال زايد في الإمارات من أجل تأجيل الانهيار الاقتصادي وإفلاس البلاد.
فجوة تمويلية
لمواجهة هذه الأزمة توقع أستاذ اقتصاديات التمويل، الدكتور حسن الصادي أن يلجأ نظام الانقلاب إلى بيع أصول جديدة وإبرام صفقة كبرى، تتخطى قيمتها صفقة رأس الحكمة، لتأجيل إفلاس البلاد وانهيار الاقتصاد المصري، مؤكدا أن العام 2025، يُمثل اختباراً صعباً لأن نظام الانقلاب لا يسدد الديون بشكل فعلي، وإنما يقترض ليسدد، وبالتالي أعباء الديون مستمرة، خاصة وأننا نقترض بفائدة مرتفعة .
وقال الصادي في تصريحات صحفية: “ليس أمام الانقلاب سوى اللجوء لصفقة بيع أصول كبرى لوجود فجوة تمويلية تُقدر بنحو 30 مليار دولار في موازنة دولة العسكر بجانب أن المؤسسات المالية الدولية لا ترغب حالياً في إقراض الانقلاب مع زيادة مخاطر الائتمان، مشيرا إلى أن القدرة على إصدار سندات في الأسواق الخارجية باتت شديدة الصعوبة، لا سيما مع حجم المخاطر التي تواجه الاقتصاد المصري، وفي مقدمتها ضعف قدرة السداد من المصادر الذاتية، وتراجع إيرادات قناة السويس”.
وانتقد استمرار حكومة الانقلاب في نهج رفع سعر الفائدة على سندات الاستثمار في الديون، لأن من شأن ذلك أن يزيد من فاتورة الديون وبالتالي زيادة الأقساط والفوائد والأعباء على الميزانية، مستشهداً بحديث رئيس وزراء الانقلاب بأنه سُدّد نحو 39 مليار دولار من أقساط الديون والفوائد خلال العام الماضي، مع أن الدين لم يهبط سوى 18 مليار دولار فقط، في حين سُدد 21 مليار دولار فوائد ديون فقط خلال 2024، وهو رقم كارثي يكشف عن دفع فائدة تُقدر بنحو 12.5% على القروض، وهو رقم غير مسبوق بالنسبة للقروض الدولارية ولا يجب الاستمرار في هذا الاتجاه .
وكشف الصادي، أن هناك تحدياً مرتبطاً بالديون وفوائدها في 2025، يتمثل في سعر صرف الدولار أمام الجنيه، معتبراً أن سعر الصرف لا يعبر عن آلية العرض والطلب، وإنما هو قرار سياسي، ولذلك يجب توخي الحذر في إصدار أي قرار يتعلق بمستقبل سعر الصرف الفترة المقبلة.
رقم خطير
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي، أن سعر الصرف يُشكل تحدياً رئيسياً للاقتصاد المصري في 2025، محذرا من أن إجراء أي تخفيض في قيمة الجنيه، من شأنه أن يزيد الأعباء على الموازنة والمواطن الذي يعاني من ارتفاع الأسعار والتضخم بمستويات كبيرة.
وطالب الإدريسي البنك المركزي بأن يضع استقرار سعر الصرف على رأس أولوياته العام الجاري، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب ليس أمامها إلا أن تواصل الاعتماد على أذون الخزانة والسندات لتمويل الفجوة التمويلية في ميزانيتها، خاصة وأنها تمنح المستثمرين فائدة مرتفعة، وبالتالي تمتلك فرصة كبيرة لجذب أموال ساخنة جديدة في 2025.
وقال: إن “تَحول المركزي المصري لمسار تخفيض سعر الفائدة لن يكون له تأثير على تدفقات الأموال الساخنة، موضحا أن البنك المركزي سبق أن رفع سعر الفائدة بمقدار 8% في 2024، ولذلك فإن أي تخفيض مُحتمل في سعر الفائدة بـ 2025، لن يؤثر على جذب استثمارات خارجية، كون الفائدة مرتفعة للغاية، ورؤوس الأموال تذهب باتجاه الفائدة الأعلى، لافتا إلى أن الفترة الماضية شهدت تخفيضات البنوك المركزية لأسعار الفائدة وعلى رأسها الفيدرالي الأمريكي الذي خفض الفائدة بنحو 75 نقطة أساس، ما يجعل أي تخفيض محتمل من جانب المركزي المصري ، غير مؤثر بالنسبة للتدفقات الخارجية”.
أخطاء كثيرة
وشدد الإدريسي على ضرورة الاستمرار في مسار خفض الدين، خاصة وأن موازنة العام المالي الحالي 2024/2025 تشهد تخصيص 48% لخدمة الديون وفوائدها، وهو رقم خطير يؤثر على الإنفاق على التعليم والصحة والأساسيات المُقدمة للمواطن.
وأشار إلى ضرورة أن تتبنى حكومة الانقلاب سياسة مختلفة تتعلق بالمشروعات القومية، مطالبا حكومة الانقلاب بانتهاج سياسة تقوم على إعطاء الأولوية للمشروعات ذات العائد في الأجل القصير، وعدم الانخراط في أي مشروعات ذات عائد طويل الأجل، خاصة وأن الاقتصاد المصري مُنهك بسبب كثرة المشروعات التي انخرطت حكومة الانقلاب فيها في السنوات الأخيرة دون عائد أو جدوى اقتصادية.
وأعرب الإدريسي عن أسفه لأن العامين الماضيين شهدا ارتكاب الكثير من الأخطاء على مستوى السياسات النقدية، وتحديداً فيما يتعلق بتدبير الدولار وطرق صرفه.
الجنيه والدولار
وحذر الخبير الاقتصادي، مدحت نافع من استمرار حكومة الانقلاب فيما تسميه سياسة سعر الصرف المرن والتي تسببت في تراجع الجنيه أمام الدولار بمعدلات كبيرة جدا في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على السوق المصري.
وقال نافع في تصريحات صحفية: إن “السيناريو المتفائل يشير لوصول الدولار لمستويات 55 جنيهاً، إلا أن ذلك يتطلب دعماً من السياسات النقدية والمالية وترشيد إنفاق، أما السيناريو المعتدل فسيكون بوصول العملة الأمريكية لمستوى يتراوح بين 59 و61.5 جنيهاً بحلول نهاية العام الجاري، مشيرا إلى أن السيناريو الثالث وهو الأصعب، سيكون بالذهاب لمستويات تتخطى تلك الأرقام، مما يُدخل البلاد في مشكلات اقتصادية كبرى، ويُعيد ظهور السوق الموازي من جديد”.
واعتبر أن تصريحات رئيس وزراء الانقلاب بأن سعر الدولار أمام الجنيه سيتحرك في حدود مستوى 5%، صعوداً وهبوطاً، لا يمكن الاعتداد بها، ولا تُعتبر أرقاماً حقيقية لما هو قادم على مدار العام الجاري، داعياً حكومة الانقلاب لاتّباع سياسة التقشف في 2025، وخفض الإنفاق غير الضروري، خاصة المشروعات التي تستهلك فاتورة نقد أجنبي مرتفعة، مع اتخاذ خطوات جادة وإيجابية فيما يتعلق بملف الصادرات، والبحث عن مصادر نقد أجنبي مستدامة، وليس مجرد صفقات على غرار صفقة رأس الحكمة.