عقود الاستعانة لا تضمن لهم أي حقوق…عمال النظافة يعانون نظام السخرة بعهد السيسي

- ‎فيتقارير

 

عمال النظافة رغم الدور الحيوي الذي يقومون به، إلا أن حكومة الانقلاب ترفض منحهم حقوقهم وتعاملهم كالعبيد يقومون بأعمال وجهود كبيرة، وفي المقابل لا يحصلون على مرتبات تكفي احتياجاتهم الأساسية، وترفض تعيينهم رسميا والتأمين عليهم اجتماعيا وصحيا.

حكومة الانقلاب لجأت إلى عصابات تتولى توريد عمال النظافة بمقتضى ما تسميه عقود الاستعانة وليس عقود تعيين، وعلى أساس هذه العقود يتم استنزاف العمال الغلابة والإستيلاء على أكثر من نصف أجورهم، وأي عامل يعترض يتم الاستغناء عنه على الفور.

هكذا فى زمن الانقلاب يواجه عمال النظافة حياة من التهميش، يتجرعون الفقر، ويعيشون تحت ضغط الديون، لا تأمين صحي يحميهم من المخاطر، ولا أجر يكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية، ولا ضمانات تضمن لهم مستقبلاً أفضل.

 

عقود استعانة

 

في هذا السياق قال أ.ع، موظف بهيئة النظافة، بعقد استعانة : “نعيش في حالة من القلق المستمر، لا نعلم ماذا سيحدث في العقد القادم أو الأيام القادمة، لا يوجد ضمانات بالنسبة لنا كمجموعة من الموظفين بعقود استعانة، رغم أننا أمضينا سنوات طويلة في العمل في الهيئة، لكن ما زلنا نواجه ظروفا قاسية”.

وأضاف : أنا حاصل على بكالوريوس تجارة، وأعمل في الأعمال الإدارية، ورغم ذلك فإن الراتب الذي أتقاضاه بعد الخصومات لا يتجاوز 2634 جنيهًا فقط.

وأوضح أ.ع، أن  المشكلة ليست فقط في الراتب المنخفض، بل في أن العقود تتجدد كل 11 شهرًا، وهذا يجعلنا في حالة خوف دائم من التسريح، سمعنا أن التجديد القادم قد يتضمن تسريح جميع العقود المؤقتة، وهذا يعني أننا أمام مستقبل غير واضح، رغم ضعف الرواتب، ونحن نعمل في الهيئة منذ أكثر من خمس سنوات، لكننا نعامل كأننا مجرد أدوات قابلة للاستبدال في أي لحظة.

وتابع : نحن لا نطلب الكثير، فقط حقوقنا الأساسية، رغم أنني أعمل منذ سنوات، لا نحصل على أي ضمانات اجتماعية أو تأمين صحي إلا بالتجديد الشخصي كل 11 شهر، وإذا أصبت أثناء العمل، لا يوجد أي تعويض أو رعاية صحية، وهذا يعرضنا لمخاطر كبيرة، خاصة وأننا نعمل في بيئة غير آمنة، حيث نقوم بأعمال إدارية وفنية في أماكن متعددة، مؤكدا أن بعض الزملاء تعرضوا لحوادث مميتة مؤخرًا أثناء العمل، ورغم ذلك لم يحصلوا على أي دعم من الهيئة.

 

 

سماسرة العمالة

 

وكشف “ع.م”، مشرف نظافة في هيئة النظافة والتجميل بالقاهرة، عن أوضاع مأساوية يعيشها عمال النظافة، بسبب استغلال موردي العمالة الذين يجلبونهم من المحافظات البعيدة للعمل في القاهرة، موضحاً أن الشركات المسؤولة عن جمع العمال من خلال الموردين تحصل على مبلغ 185 جنيهًا يوميًا مقابل كل عامل، بينما لا يتجاوز ما يحصل عليه العامل 40 جنيهًا يوميًا.

وأكد “ع.م”، أن العمال يتم نقلهم يوميًا عبر حافلات خاصة بسماسرة العمال من المحافظات النائية للعمل في مناطق مثل طرة والبساتين والمعادى، في ظروف قاسية وغير إنسانية

وأشار إلى أن الأجر الشهري للعامل يبلغ حوالي 1200 جنيه فقط إذا حصل العامل علي 40 جنيها، بدون أي إجازات على مدار الشهر، مما يجعلهم غير قادرين على توفير أدنى متطلبات الحياة.

وأوضح “ع.م” أن عمال النظافة يواجهون استغلالًا شديدًا من سماسرة العمالة الذين يجنون أرباحًا كبيرة على حساب العمال، حيث يتقاضون مبالغ كبيرة من الشركات، بينما يبقى العامل تحت رحمة أجر يومي زهيد لا يكفي لتغطية احتياجاته الأساسية، مؤكداً أن الظروف الحالية تدفع العمال إلى القبول بأي أجر مهما كان ضئيلًا، خوفًا من فقدان مصدر رزقهم الوحيد.

وحذر من أن الوضع يزداد صعوبة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية من الغذاء، مما يجعل الحياة شبه مستحيلة بالنسبة لهم.

وطالب ع.م، مسؤولي الانقلاب بالتدخل الفوري لإعادة هيكلة أجور عمال النظافة وتحسين أوضاعهم المعيشية، مشددا على ضرورة وضع حد لاستغلال الموردين والسماسرة وفرض رقابة مشددة على الشركات التي تعمل في هذا المجال، لضمان حصول العمال على حقوقهم المشروعة والقانونية.

وأكد أهمية منح العمال إجازات مدفوعة الأجر لتحسين ظروفهم النفسية والاجتماعية، مشيرًا إلى أن استمرارهم في العمل تحت هذه الظروف القاسية يؤثر سلبًا على كفاءتهم وإنتاجيتهم.

وشدد على ضرورة توفير سكن لائق للعمال الذين يأتون من محافظات بعيدة، بدلًا من تركهم يواجهون معاناة التنقل اليومي لمسافات طويلة موضحا أن تحسين أوضاع عمال النظافة لا يصب فقط في مصلحة العمال أنفسهم، بل ينعكس إيجابيًا على المجتمع بأسره.

 

فصل تعسفي

 

وكشف “ط.ا”، عامل نظافة بالمنطقة الجنوبية بالقاهرة، عن معاناة مريرة يعيشها هو وزملاؤه، بسبب الظروف غير الإنسانية التي يتعرضون لها في عملهم في تنظيف شوارع القاهرة .

وأوضح أنه لم يتقاض راتبه من شركة توريد العمالة منذ شهر أكتوبر 2024 وحتى شهر يناير 2025 ، مشيرا الى أن اليومية تحسب لهم بمبلغ 70 جنيهًا فقط مقابل العمل من الساعة السابعة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا، دون توفير بدل انتقالات .

وأشار إلى أن طبيعة العمل تعرضهم لمخاطر كبيرة، حيث يعملون في الشوارع الرئيسية وعلى المحاور السريعة، مؤكدا أن العديد من زملائه تعرضوا لحوادث مميتة في الفترة الأخيرة، ورغم تلك المخاطر، يظل جميع العمال بلا تأمينات اجتماعية، مما يجعلهم بدون أي حماية في حال تعرضهم لأي إصابة أثناء العمل.

وأكد “ط.ا” أن سماسرة العمال يتعاملون معهم بطريقة مهينة وغير مفهومة، قائلاً: “على سبيل المثال، إذا طالب أحد العمال براتبه أو الذهاب إلي هيئة النظافة لعرض شكوى، يتم  تسريحه فوراً، وكأننا مجرد أدوات قابلة للاستبدال ، وأضاف لدي خمسة أطفال وزوجة، من أين أُطعمهم وأوفر لهم احتياجاتهم؟ أعيش على مساعدات أهل الخير، وأضطر للتسول الطعام من المارة والسيارات، أما زوجتي، فتقوم بكتابة طلبات إعانة في المساجد على أمل أن نحصل على بعض المساعدات مثل الملابس أو الأرز أو الزيت”.

وأوضح”ط.ا” أن العمال يخشون الحديث أو الاعتراض على سلوك السماسرة خوفًا من الفصل التعسفي، والعديد من زملائه اضطروا لترك منازلهم بسبب عجزهم عن دفع الإيجار، متسائلاً: كيف يمكننا دفع ألف جنيه إيجار اوضه علي السطح في ظل هذه الظروف؟ تكاليف الحياة أصبحت باهظة، والمواصلات وحدها تستهلك 40 جنيهًا يوميًا، وأنا أعيش في التبين، إذا لم أحصل على أي مساعدة أو إحسان، أضطر للنوم في الشارع لأني لا أملك المال للعودة إلى أطفالي وزوجتي .

وأضاف أن راتبه الشهري يبلغ 2100 جنيه فقط، دون أي إجازات أسبوعية، بينما تصل تكلفة المواصلات الشهرية إلى 1200 جنيه،  متسائلا : كيف يمكنني أن أُطعم سبعة أفراد وأغطي احتياجاتهم بألف جنيه فقط في الشهر؟ نعيش في ظروف قاسية، ونلجأ إلى أهل الخير لتوفير الطعام والاحتياجات الأساسية .

وأشار “ط.ا”  إلى أن السماسرة يؤجلون صرف الرواتب بشكل مستمر، مما يضع العمال في مأزق حقيقي، قائلاَ: العمال الذين يتعرضون للإصابة أثناء العمل لا يحصلون على أي تعويض أو رعاية، وأحيانًا يجبرون على ترك العمل تمامًا .

وأكد أن الأوضاع الحالية لا تليق بكرامة الإنسان، مطالبًا بتحسين أوضاع عمال النظافة وضمان حصولهم على حقوقهم الأساسية والمالية.