النمو الاقتصادي (الكاذب) حيل الانقلاب تفضحها البطالة والفقر المتزايد

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي تعالت فيه صيحات عموم المصريين من الغلاء وقلة فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة وغياب الكثير من المستلزمات الحياتية عن البيوت المصرية إثر الغلاء الفاحش، وتزايد نسب البطالة والفقر في مصر، يخرج المنقلب السفيه السيسي ليواصل كذبه على المصريين، زاعما زيادة نسبة النمو الاقتصادي بالبلاد.

وهو إعلان على الرغم من ابتذاله، إلا أنه يعتمد على التحايل والخداع والتلاعب بالأرقام، من أجل إسباغ حالة من الروح المعنوية.

فقبل أيام، أعلنت حكومة الانقلاب عن خبر يبدو استثنائيا، وهو ارتفاع معدل النمو إلى أعلى مستوى له في 20 سنة على أساس  ربع سنوي، في الفترة من يوليو إلى سبتمبر من العام المالي الحالي 2022/2021. ورغم أن وزارة التخطيط قالت إن «الإصلاحات التي تتم ساهمت بشكل كبير في وصول مصر لما هي عليه حاليا»،  إلا أنها توضح الكثير مما يعنيه هذا الخبر وتأثيره على مستويات المعيشة.

الإعلان أثار استياء الخبراء والقيادات الاقتصادية، فترى  شيرين الشواربي أستاذة الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، أنه  لم يكن يجب أن تُعلن هذه البيانات حول النمو على هذا النحو،  موضحة أن النمو المرتفع على هذا النحو هو تعبير في المقام الأول عن النمو المنخفض جدا في الربع المقابل من العام المالي الماضي، ولا يعني بأي حال أن الاقتصاد قد انتقل إلى مستويات جديدة من النمو.

 

ارتفاعات استثنائية

إذ  أن الارتفاع الاستثنائي في معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام الحالي مرتبط في المقام الأول بالتراجع الاستثنائي في نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام المالي السابق "عام 2020/2021" الذي تجري المقارنة على أساسه. 

ووفقا لبيانات وزارة التخطيط المعلنة حتى الآن، يبدو النمو في هذا الربع مستندا في المقام الأول على قطاع السياحة، وأيضا الارتفاع في معدل النمو في قطاع المطاعم والفنادق السياحة، الذي بلغ 181% ، فالسياحة بالذات تفسر الجانب الأكبر من كيفية تحقق النمو في هذه الفترة، لأن قطاع السياحة في الفترة المقابلة التي تجري المقارنة على أساسها انكمش انكماشا كبيرا للغاية أي حقق معدلات نمو سلبية نتيجة سياسات الإغلاق التي انعكست أيضا على القطاعات المرتبطة بالقطاع من قبيل قطاع الطيران مثلا.

وعلى عكس معايير نظام  الانقلاب في القياس على أساس الخسائر السابقة والتي لا تُعد معيارا حقيقيا، إذ أن المعايير الاقتصادية العالمية المعتبرة، تؤكد أن ثمار النمو في الأساس تتمثل في انعكاسه على الرفاهة أو مستويات معيشة الغالبية من الناس، أو ما قد يُطلق عليه النمو الاحتوائي، الذي يمكن تقييمه في الأساس بناء على البيانات المرتبطة بالتوظيف.

ورغم أن بيان وزارة التخطيط الانقلابية أوضح أن النمو انعكس في ارتفاع عدد الوظائف بواقع 900 ألف وظيفة، إلا أن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن نفس الفترة من العام، أوضحت ارتفاع معدل البطالة بواقع 0.2% مقابل الربع نفسه من العام الماضي، ليصل إلى 7.5%، ما يعني أن الوظائف التي خلقها هذا النمو خلال تلك الفترة لم تكفِ أو تقابل عدد الباحثين عن العمل.

 

البطالة ومعدلات التوظيف 

بينما يوضح محمود الخفيف الاقتصادي في منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة، في تصريحات إعلامية، أن تراجع البطالة وتحسن معدلات التوظيف عموما على نحو يعكس انعكاس النمو على الرفاهة يستوجب عموما فترة طويلة وممتدة من النمو المعتدل، حتى ولو لم يكن مرتفعا دون تراجعات كبيرة وإلا انعكس كل تراجع في النمو في صورة تسريح وخفض في الأجور، مضيفا أن أي تراجع كبير في النمو يعني تراجعا في التوظيف.

كما أن من أوجه الخداع الذي يتبعه النظام العسكري الحاكم، أن اعتماد النمو في مصر خلال فترة تفشي فيروس كورونا على قطاع التشييد والبناء والبنية التحتية يعني أن الوظائف مؤقتة عموما، وفي المقابل فالوظائف في قطاع الاستخراجات الذي يعتمد عليه أيضا النمو في مصر هي وظائف دائمة عموما ولكنها قليلة لكونه قطاع غير تشغيلي.

وأمام تلك الحقائق يمكن التأكد من أن النمو  الاقتصادي الذي يتشدق به السفيه السيسي ونظامه مجرد نمو كاذب، كما الحمل الكاذب، إذ تتضخم الأرقام ولا تنعكس على الشارع ومعيشة المواطنين، إذ ما زالت أسواق المصريين تعج بأسوأ الأطعمة والسلع، وما زالت المواطنات المصريات في طوابيرهن أمام بائعي الطعام المستعمل وهياكل الطيور ، طلبا لسد الجوع وعجز ذات اليد عن توفير لقمة عيش مناسبة ، إثر غلاء فاحش وتعطل عن العمل وزيادة أعداد الفقراء والمعدمين .

 

الواقع المرير 

ورغم الواقع المرير ، يصر السيسي ونظامه على الخداع والظهور بمظهر البهرجة والرفاهة  كما في حوار لميس الحديدي مع رجل الأعمال ياسين منصور الذي بشّر الشباب بتوفير فيلل سكنية تبدأ من 4  مليون جنيه تتناسب مع الطبقة الوسطى، وهو ما قابله المصريون بغضب شديد ، إذ أن الحد الأدنى الذي يقره نظام السيسي هو 2400 جنيه، ب ويستثني منه آلاف  الشركات والمصانع بداعي الخسارة أو عدم الملائمة، وبعد ذلك يتحدث إعلام السيسي عن شقق سكنية قيمتها 4 مليون جنيه.

ومن ضمن البهرجة  والإنفاق السفيه للسيسي ما شهدته مصر قبل يومين بإطلاق طريق الكباش في الأقصر بعد التطوير، والحفل الساحر والمذهل الذي حضره السيسي، وتكلف الملايين، دون فائدة مرجوة تعود على الشعب، وهو ما يمثله الإنفاق الأسطوري في القصور الرئاسية والطائرات الرئاسية ومشاريع الترفيه في العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة والجلالة والقطار الكهربائي وغيره من المشاريع غير المتناسبة مع ما يقرب من 99% كم المصريين، تلك الإنفاقات والمشاهد المتناقضة لا تتلائم نهائيا مع قرارات السيسي التقشفية ضد عموم الشعب بتخفيض الدعم التمويني وزيادة الرسوم والضرائب ورفع أسعار الخدمات الحكومية، وإصرار السيسي على تمويل مشاريع البنية التحتية والمياه والصرف عبر القروض ليفاقم فوق رؤوس المواطنين الهموم والديون والقروض التي يدفعها الشعب من ميزانيته التي تئن بالعجز.