ترفض التسعيرة الجبرية.. عصابة العسكر تتحالف مع شركات الأدوية على حساب المرضى

- ‎فيتقارير

 

بسبب رفض حكومة الانقلاب فرض تسعيرة جبرية تشهد سوق الدواء حالة من انفلات الأسعار وأصبح المرضى غير قادرين على الحصول على الأدوية لعلاج أمراضهم ، ومع موجة التضخم التي يشهدها العالم ارتفعت اسعار الأدوية في مصر بشكل كبير، وجاء تحرير سعر الصرف ليزيد «الطين بلة» لتزيد أسعار تلك السلعة التي لا يمكن الاستغناء عنها، وكأن المرضى لا يكفيهم ألم المرض فجاءت أسعار الأدوية لتزيد من معاناتهم.

كانت هيئة الدواء المصرية قد اعتمدت خلال شهر أكتوبر الماضي زيادات جديدة على أسعار عدد من الأصناف الدوائية، بنسب وصلت إلى 25%، بعدما تقدمت الشركات بطلبات رسمية لمراجعتها في خضم الأزمة الاقتصادية الراهنة والسعي لضمان توفيرها بالسوق المصري، لذا شهد سوق الدواء ارتفاعا في أسعار عدد من الأصناف منها مكملات غذائية ومضادات حيوية وأدوية لعلاج أمراض الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي وأدوية للأطفال .

الخبراء أكدوا أن ارتفاع أسعار الأدوية يرجع إلى استيراد معظمها من الخارج، مشددين على ضرورة توطين صناعة الدواء محليا، لتحقيق الاكتفاء الذاتي .

وطالبوا حكومة الانقلاب بوضع سياسة لمنع الزيادة المتواصلة في الأسعار من قبل شركات الأدوية ، مشددين على ضرورة طلب ترخيص من الشركات الأوروبية المصنعة للمواد الخام، وتصنيعها في مصر .

وقال الخبراء إن "المستفيد الوحيد من زيادة الأسعار هي الشركات المصنعة، مؤكدين أن هناك أدوية أسعارها أغلى من الدول الأوروبية أضعافا مضاعفة، فهناك بعض الأدوية محلية الصنع تصل مكاسبها إلى 400% ".

 

الدولار

من جانبه أكد علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، أن ارتفاع الدولار سيكون له تأثير سلبي على الأسعار خلال الفترة المقبلة لأنه سيرفع تكلفة الإنتاج على الشركات، مشيرا إلى أن جزءاً كبيرا من مدخلات الإنتاج والمواد الخام يتم استيرادها من الخارج بالدولار.

وكشف عوف في تصريحات صحفية أن شعبة الأدوية ستدرس تأثير ارتفاع الدولار ورفع أسعار الفائدة على شركات الأدوية، على أن يتم تقديم المقترحات والدراسات لهيئة الأدوية.

 

أسعار مرتفعة

وقال الدكتور إبراهيم محمد صيدلي إن "معظم الأدوية أصبحت أسعارها مرتفعة جدا، لافتا إلى أن الشركات عادة ما تضع خطط زيادة أسعار منتجاتها بغض النظر عن التكلفة".

وأكد «محمد» في تصريحات صحفية أنه لا يوجد دواء واحد لم يزد سعره خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أن هناك أنواعا زادت مرتين في نفس العام، مثل oplex شراب الكحة والسعال الذى زاد في أواخر عام ٢٠٢١ ثم زاد مرة أخرى منذ ٣ أشهر.

وأوضح أن الزيادة في بعض الأصناف تصل إلى 50% من ثمن الدواء الأصلي، مؤكدًا أن أحد أسباب ارتفاع الأسعار هو المصانع نفسها، رغم أنها لا تخسر ولا يوجد مصنع أدوية يخسر حتى عند زيادة أسعار الدولار، ولكن أرباحه قد تنخفض .

وأضاف «محمد»  أن الأسعار زادت في 2016 مرة واحدة، ولكن خلال الأعوام الأخيرة، زادت الشركات الأسعار أكثر من مرة، والمواطن هو المظلوم أمام ما يحدث، موضحا أن بعض أصحاب الشركات يرون أن المشكلة ليست في استيراد المواد الخام فقط، وإنما في مستلزمات الإنتاج الأخرى مثل مواد التعبئة والتغليف ورواتب العاملين والتي تؤثر مجتمعة في سعر الدواء

وطالب حكومة الانقلاب بوضع سياسة لمنع الزيادة المتواصلة في الأسعار من قبل شركات الأدوية ، مشددا على ضرورة البحث عن حلول من خلال الاهتمام بالتكنولوجيا والمراكز البحثية، بالإضافة إلى طلب حكومة الانقلاب ترخيص من الشركات الأوروبية المصنعة للمواد الخام، وتصنيعها في مصر تحت إشراف تلك الشركات .

 

المواد الخام

وقال الدكتور كريم كرم عضو نقابة الصيادلة، إن "مدخلات صناعة الدواء أغلبها مستورد من الخارج، سواء أشرطة التغليف أوعلب الأدوية أوعبوات الكبسول والأمبولات، بالإضافة إلى المادة الخام للأدوية، لافتا إلى أننا متأخرون جداً في صناعة المواد الخام، لذلك تقزم دور مصر في هذا المجال وأصبحنا نعتمد على الاستيراد، وبالتالي فالأسعار ستزيد خلال الفترة المقبلة.

وشدد «كرم» في تصريحات صحفية على ضرورة إنشاء مراكز بحثية حكومية متطورة وأخرى تابعة للشركات والمصانع الكبرى، لإنتاج أدوية جديدة بدلًا من الاستيراد من الخارج، بالإضافة إلى إلزام الشركات الكبرى التي لها مصانع في مصر بتقديم الدعم المالي للبحث العلمي في مجال الدواء، حتى نستطيع إنتاج أدوية جديدة وتصديرها للخارج وبالتالي توفير عملة صعبة.

وأشار إلى أن هناك حلا آخر وهو دعم شركات قطاع الأعمال، التي تنتج بدائل محلية لأصناف مستوردة والتي تكون مرتفعة السعر غالباً، لافتا إلى أن توطين صناعة الدواء يؤدي إلى تنشيط اقتصاد الدولة ككل، وتشغيل الأيدي العاملة، بالإضافة إلى تحسين صناعة الأدوية وتوفير الدواء بأسعار مناسبة للمواطنين.

وكشف «كرم» أن مصر تستورد نحو 16% من الأدوية، بينما يغطي إنتاج الشركات المحلية
الـ84% الباقية، وهناك أدوية مستوردة ضرورية لإنقاذ حياة إنسان وليس لها بدائل، وسعرها مرتفع جدا، لكن لا يمكن الاستغناء عن استيرادها، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بتصنيع المواد الخام في أقرب وقت ممكن.

 

الشركات المصنعة

وقال محمود فؤاد، المدير التنفيذي لمركز الحق في الدواء، إن "نحو 92% من الأدوية يتم تصنيعها في مصر، والباقي يتم استيراده من الخارج، مؤكدا أن المستفيد الوحيد من زيادة الأسعار هي الشركات المصنعة، لذا يجب على حكومة الانقلاب تشديد الرقابة على تلك الشركات ونظام تسعيرها ".

وكشف «فؤاد» في تصريحات صحفية أن هناك أدوية أسعارها أغلى من الدول الأوروبية أضعافاً مضاعفة، فهناك بعض الأدوية محلية الصنع تصل مكاسبها إلى 400%، موضحاً أنه في عام 2021 كانت مبيعات الأدوية نحو 63 مليار جنيه، وهذا العام الذي لم ينته بعد وصلت لأكثر من 75 مليار جنيه.

وأرجع ارتفاع أسعار الدواء خلال الفترة الماضية إلى امتناع حكومة الانقلاب عن تفعيل التسعيرة الجبرية للأدوية، ففي عام 2017 حينما كان سعر الدولار 16 جنيها كانت وزارة صحة الانقلاب تفرض على شركات الأدوية تسعيرة معينة، لكن حينما زاد سعر الدولار إلى 22 جنيها امتنعت عن هذا التسعير وهو ما ساهم في رفع أسعار الأدوية، بل هناك بعض الشركات باعت الأدوية القديمة بسعر الدواء الجديد، محذرا من أن هذه الزيادة في الأسعار ستؤدي إلى زعزعة السلم العام في المجتمع.

وطالب «فؤاد» بتوطين صناعة الدواء في مصر موضحا أن هذا يتطلب ميزانية دولة وعمل استثمارات طويلة الأجل ، بالإضافة إلى تنشيط البحث العلمي، وهذا الأمر يحتاج وقتا وجهدا وأموالا كثيرة، موضحا أننا يمكننا أن نسير على غرار الدول الصغيرة كبنجلاديش بمواد خام بسيطة، وبعد تصنيعها أصبحت ثروة كبيرة للدولة.