خبير دولي: الديمقراطية هي الحل لأزمات مصر وكاتب ناصري: ستأتي بالإخوان!

- ‎فيتقارير

في الندوة التي نظمها  المركز المصري للدراسات الاقتصادية مؤخرا (يناير23م) والتي استضاف فيها الدكتور (جيمس أروبنسون)، الأستاذ بكلية هاريسون للسياسات العامة بجامعة شيكاغو الأمريكية، والخبير في تحليل الأزمات والعلاقة بين الفقر والمؤسسات السياسية، لبحث التحولات التي يمكنها أن تدفع  مصر إلى إصلاح يمكنه أن يوفر للشعب السلع وجودة الحياة والرفاهية؛ حيث أكد المحاضر أن الديمقراطية هي الحل لأزمات مصر؛ لكن الأكاديمي الناصري الدكتور مصطفى كامل السيد فاجأ المشاركين بقوله: إن الديمقراطية سوف تأتي بالإخوان من جديد! وعبر السيد عن خشيته من الديمقراطية في مصر وخوفه من أن تؤدي ممارسة الشعب المصري للديمقراطية إلى إعادة" الإخوان المسلمين" للحكم، مدعيا أن المصريين يبحثون عن الأمن والأمان، قبل الديمقراطية، على أن يأتي الإخوان المسلمون للحكم.[ ]

الرد الغريب من كامل السيد يؤكد في مضمونه على أن الإخوان لا تزال هي القوة الشعبية الأولى في مصر رغم الاضطهاد الذي تتعرض له الجماعة منذ انقلاب يوليو 2013م، لكن الضيف البريطاني الجنسية، استنكر هذا التفكير الذي ينحاز إلى الدكتاتورية والاستبداد، مؤكدا أنه من خلال خبرته كرائد في علم الاجتماع السياسي فإن الديمقراطية وإن كان لها عيوب فهي أفضل من نظام ديكتاتوري سيؤدي في نهاية المطاف إلى خسائر، كما يحدث في الصين، ووقع من قبل في الاتحاد السوفيتي وانهار في ألمانيا النازية لأنه يفتقد إلى آليات الاستمرار.

وقال روبنسون: «علينا أن نبحث عن الديمقراطية لأنها جزء من طبيعتنا الإنسانية، حتى في ظل أيديولوجيات لا تريد العيش في ظل نظم ديمقراطية يوجد من بينها من يرغب في ممارسة هذه الحياة، وعلينا أن نجرب هذا الشيء الذي يدفعنا إلى العيش في مجتمعات متقدمة، منذ آلاف السنين، بينما لم تكن هناك مؤسسات ديمقراطية». واستشهد روبنسون بدراسة علماء الاجتماع للشمبانزي، الذي يعيش في ظل العائلة والقبيلة، ولكنه لا يتطور لأن "الإنسان هو الوحيد الذي يملك سلطة التغيير بقدرته على التواصل والتغيير عبر اللغة، والتحول من مجتمعي بدائي إلى متحضر". وقال روبنسون: "إذا كان الإخوان المسلمون لديهم تفكير مختلف، فإنه سيكون فيهم شخص ما لديه الرغبة في العيش في ديمقراطية". 

وبرهنت السنوات الماضية وتجربة مصر بين الثورة والانقلاب أن الإخوان هم الفصيل الذي يؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة بحسب صحيفة التليجراف البريطانية في تقرير لها في ديسمبر 2013م؛ حيث يؤكد برندان أونيل في صحيفة الديلى تليجراف، على أ الإخوان هم أكثر من حافظ  على قيم الديمقراطية في 2013؛ وطرح الكاتب في بداية تحليله عدة تساؤلات عن من هو الشخص أو المنظمة التي تستحق قيم الديمقراطية و الحرية بما أنجزته خلال عام 2013 ، ومن يستحق جائزة مناصرة القيم الديمقراطية في مواجهة قوى السلطة المستبدة القامعة للحريات الشخصية. ووقع اختياره على جماعة الاخوان المسلمين وأنصارها في مصر قائلًا " لا أصدق أنني أقول ذلك و لكنني أظن أنهم الإخوان المسلمين أو على الأقل أنصارهم في مصر». انتهى.

فالإخوان هم الوحيدون في مصر الذين وصلوا إلى السلطة بإرادة الشعب الحرة بينما وصل العلمانيون إلى السلطة بدعم انقلاب عسكري على المسار الديمقراطي، حيث كوفئ العلمانيون في مصر بانحيازهم للانقلاب العسكري بتشكيل حكومة الدكتور حازم الببلاوي التي تكونت من قيادات جبهة الإنقاذ العلمانية، وهي الحكومة التي ارتكبت عشرات المذابح واعتقلت عشرات الآلاف من الإسلاميين أنصار الديمقراطية حتى تم إقالتها لفشلها على كافة الملفات والأصعدة.

مخاطر النظم الاستبدادية
روبنسون مؤلف كتاب «كيف تسقط الأمم»، فاجأ الحاضرين في الندوة من كبار رجال الأعمال والاقتصاديين من الأكاديميين والمجتمع المدني والبرلمان، بالتأكيد على أن النظم الاستبدادية، لا تبني اقتصادا سليما، وأن الاستبداديين لا يمكن أن يتجهوا بالأوطان إلى نظم ديمقراطية. وتعتمد نظرية الخبير البريطاني، على رصد التزاوج بين الديمقراطية المستدامة، المبنية على مؤسسات مستقرة ومستقلة وتحقيق الرفاهية، والعلاقة السببية بين الاستبداد والاضطراب الاجتماعي والثورات، مركزة على أن الرئيس الذي يمتلك نظرة اقتصادية يستطيع أن يتخذ قرارات مؤثرة تخدم المجتمع وتدفع الأفراد للعمل معا، بدلا من التحدث عن الأسلحة والحشد.
وحسب التغطية التي نشرتها صحيفة "العربي الجديد" اللندنية، يستشهد روبنسون بتوجيه النظم الاستبدادية اقتصاد الدولة لصالح بعض الأشخاص، وعدم قدرتها على مواجهة الفساد، بتجربة الصين التي تسخر نظامها لخدمة المنتمين للحزب الشيوعي الحاكم، وتحكم النخبة الحاكمة، في بريطانيا في إدارة الاقتصاد، عام 1832، التي لم تتنازل عن مكاسبها إلا بعد خسارتها الحرب وانهيار قوتها العسكرية.
ويؤكد روبنسون" أن الديكتاتورية تميل إلى التحكم في إدارة كل شيء، لصالح حزب واحد أو طبقة عسكرية، لتحقيق مزايا خاصة، مشيرا إلى خشية الاستبداديين من تجربة الديمقراطية، كي لا يتعرضوا لخسارة، لذلك يفضلون بقاء الوضع على ما هو عليه، هربا من المحاسبة، أو التشكيك في ثقة المواطنين بالنظام الاستبدادي.

وحسب الخبير البريطاني فإن الأفراد في النظم الاستبدادية، ربما يكونوا غير قادرين على الوصول إلى السلع والخدمات الجيدة، بينما يستطيع النظام الديمقراطي أن يوفر المناخ للنظم السياسية التي تعمل على تعميق فكرة المحاسبة، والمسئولية أمام الدولة، ويضمن تحقيق مصلحة المجتمع، بما يحول دون سيطرة فئة على السلع، وقصر توفير السلع على الطبقة الحاكمة أو النخبة المستفيدة من وجودها. وتحدث روبنسون عن أهمية التوازن بين القوى في النظم المختلفة، وكيف تؤدي الديمقراطية إلى تحقيق هذا التوازن، مستشهدا بتغيير آليات جمع القطن بالولايات المتحدة، بعد الثورة الصناعية، ما بين عام 1940 و1950، حيث استبدل الملاك عمال الجمع من الطبقة السوداء، بالآلات الحديثة، بما فجر صحوة للمطالبة بحقوق السود، لتوزيعهم على العمل بمؤسسات بديلة، والحصول على حقوقهم المدنية.

 

التحذير من الثورات!
ورغم انحيازه للديمقراطية والتحذير من مخاطر الاستبداد على استقرار البلاد، إلا ان روبنسون الذي عمل في أفريقيا لمدة 12 عاما،  يرفض الدعوة إلى " ثورات لا تحمد عواقبها" مشددا على أن يكون التغيير عبر مسارات ديمقراطية واضحة، لتكون مثمرة، وإن جاءت غير مكتملة، " فلا شيء كاملا على إطلاقه".

هذه المضامين التي أكدها الخبير البريطاني، لاقت استحسان الكثيرين في  الندوة بينما تحفظ آخرون إما لأسباب تتعلق بقربهم من السلطة أو لعدائهم الإيديولوجي من الإخوان كما ظهر في تعليق مصطفى كامل السيد. وفي حوار مفتوح أدارته الدكتورة عبلة عبد اللطيف مديرة المركز، قال أحمد جلال وزير المالية الأسبق: "لن نشهد تقدما اقتصاديا مستداما من دون أن يكون لدينا إصلاح سياسي حقيقي". واعتبر جلال المكلف بالملف الاقتصادي في الحوار الوطني المعطل، أن الوسائل البديلة للإصلاح السياسي عبر الثورات، لم تعد جيدة، لأن أرباح الإصلاح إيجابية وتفيد الجميع، بينما الثورات لا تصب في مصلحة الشعوب، بل تخطفها الأنظمة التي ساندتها أو انقضت عليها، مستشهدا بما حدث في إيران عام 1979م.

واستدعى جلال البرنامج الرئاسي الذي وضعه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون تحت عنوان" إنه الاقتصاد يا غبي" بما مكنه من هزيمة الرئيس جورج بوش الأب، بما أدركه من أهمية تحسين الاقتصاد، وتوفير فرص العمل، بينما اهتم بوش الخاسر، بحشد مواطنيه خلف معارك عسكرية، في أنحاء العالم.

اقترح جلال تشكيل مجلس اقتصادي يتبع رئيس الجمهورية، أسوة بالبيت الأبيض، يضم نخبة من خبراء الاقتصاد وعلماء سياسة، من أصحاب النظريات السياسية وإدارة الدولة، ورجال أعمال من المستقلين، يساعدون الرئيس في اتخاذ القرار وتفويضهم في ممارسة دورهم بحرية. مؤكدا رفضه  طريقة إدارة الحكومة للأزمة الاقتصادية المتصاعدة، خاصة المتعلقة بخفض قيمة العملة والمفاوضات مع جهات التمويل الدولية وبيع الملكيات العامة، لغير المختصين، الذين يهدرون المال العام، ويدفعون الجنيه إلى مزيد من التراجع والضغط على المستثمرين والمواطنين، مؤكدا: هناك توزيع أداور على من لا يفهم ومن لا يستحق.