11 عاما والعدالة غائبة .. مذبحة بورسعيد واحدة من الذكريات الحمراء للعسكر

- ‎فيتقارير

 

تحل اليوم الأربعاء 1 فبراير ذكرى مذبحة بورسعيد والتي راح ضحيتها 74 شهيدا من شباب ألتراس أهلاوي والذين قتلوا بدم بارد، نتيجة إذكاء التعصب الدامي ليكون الخلفية التي تخفي وراءها بيادة الفريق طنطاوي والمجلس العسكري الذي وقف خلف المذبحة ومذابح أخرى مستغلا المقولة الشهيرة “رصيدنا يسمح”.
 

ووقعت مذبحة بورسعيد بعد 5 أيام من الذكرى الأولى لثورة يناير في ظل مطالبات للمجلس العسكري من الشارع بالإسراع بإجراء الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة.

وأدار المجلس العسكري فترة ما بعد ثورة يناير بإشعال حالة صراع بين القوى السياسية ونشر الدماء على كافة الأصعدة لاسيما مع أنصار الثورة وأبرزهم الألتراس الفاعلين منذ موقعة الجملة وفي بقية المليونيات والاحتجاجات ضد المجلس العسكري.

ولا يستبعد العقلاء المؤامرة على الألتراس، بل إن الأحداث المتكررة تثبت المحاولات المستمرة من الدولة لحل الروابط وإبعادها عن السياسة، كاعتقال أحدهم رفع علم فلسطين في 2018 بالتزامن مع حل قضاء الانقلاب الروابط فعليا بعد القبض على أعضاء منها ومحاكمتهم والحكم عليهم بأحكام قاسية بعد تركهم رهن الحبس الاحتياطي لفترات بالمخالفة للقانون ثم تكرار المذبحة مع ألتراس زملكاوي في الدفاع الجوي لجمهور الزمالك ومنع ارتداء تيشرت الأهلي المطبوع عليه رقم (74) ومنعه من دخول المباريات وتقليل أعداد دخول الاستادات.

الأبشع كرويا
وانضم تاريخ كرة القدم المصرية، إلى تاريخ المذابح الكروية كما حدث بأندونيسيا قبل نحو عام، وبالرغم من مرور 11 عاما على المذبحة، يغادر الإعلام الرياضي الحدث إلى من نعي سريع من قليل من المعلقين.

يؤكد المراقبون أن التعصب الكروي موجود في الكرة المصرية منذ أربعينيات القرن الماضي، وظهور الأندية منذ العهد الملكي، وعليه لم يكن تفجر أحداث بورسعيد نتيجة التعصب الأعمى المقيت وفقط، بل إن أنات الأمهات الثكالى الماثلة تؤكد أن إخلاء الساحة السياسية من الفاعلين ثوريا شارك فيه الإعلام الذي يعمل لأجندات الانقلاب.

أثناء قيام لاعبي الأهلي بعمليات الإحماء قبل اللقاء، نزلت جماهير المصري أرضية الملعب وأطلقت كما من الألعاب النارية بشكل كبير وصريح على لاعبي الأهلي قبل المباراة، ثم اقتحم عشرات المشجعين أرضية الملعب في الفترة ما بين شوطي المباراة.

في مدرجات مشجعي الأهلي رفع مشجعون لافتة ليست بالضخامة كتب عليها “بلد البالة ماجبتش رجالة” فزادت الشحنة التي تلقاها المدمنون بتوجيهات العسكر.

وأحرز المصري هدف التعادل ثم هدفي الفوز التاليين، فاقتحم أرضية الملعب الآلاف، بغياب متعمد من الشرطة وقوات الأمن المركزي بعضهم يحمل أسلحة بيضاء وعصيا من جانب فريق المصري الفائز 3-1 بعد إعلان الحكم انتهاء المباراة، وقاموا بالاعتداء على جماهير الأهلي، ما أوقع العدد الكبير من القتلى والجرحى.

وكيل وزارة الصحة المصرية هشام شيحة قال إن “الإصابات كلها إصابات مباشرة في الرأس، كما أن هناك إصابات خطيرة بآلات حادة تتراوح بين ارتجاج في المخ وجروح قطعية”.

وقالت أطباء في مستشفيات قريبة أن بعضهم قتل بطعنات من سلاح أبيض، كما أكدت تقارير صادرة عن الطب الشرعي المبدئية وجود وفيات نتيجة طلقات نارية وطعنات بالأسلحة البيضاء، وسببت قنابل الغاز حالات اختناق إضافية من ضمن الشهداء.

وقالت شهود عيان في المباراة إن “المباراة خلت من الإجراءات الأمنية والتفتيش أثناء دخول المباراة، فضلا عن قيام قوات الأمن بقفل البوابات لحام حديد في اتجاه جماهير الأهلي، وعدم ترك سوى باب صغير للغاية لخروجهم، مما أدى إلى تدافع الجماهير ووفاة عدد كبير منهم”.

خرج الأهلي وجماهيره من بورسعيد داخل عربات مدرعة وعادوا للقاهرة بطائرات عسكرية، ودخلت وحدات من القوات المسلحة المدينة، وانتشرت على طريق الإسماعيلية  بورسعيد لمنع الاحتكاكات بين جماهير النادي الأهلي والمصري.

كما أمنت قوات الأمن قطار المشجعين العائد إلى القاهرة الذي وصل إلى محطة مصر، وكان آلاف من الأهالي والشباب المنتمين لروابط تشجيع الأهلي والزمالك في انتظارهم، حيث رددوا هتافات غاضبة تندد بالمجزرة وتطالب بالقصاص والثأر للقتلى.

المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسؤول الأول عن المذبحة أعلن الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام في كل المصالح والهيئات الحكومية في جميع أنحاء البلاد، بدءا من الخميس 2 فبراير وحتى غروب شمس السبت 4 فبراير حدادا على الضحايا، كما أصدر نائب عام مبارك وأحمد الزند وعبد المجيد محمود قرارا بفتح تحقيق فوري في الأحداث.

وأعلن كمال الجنزوري رئيس وزراء الحكومة الانتقالية المصرية حينها، خلال الجلسة الطارئة لمجلس الشعب التي عُقدت بعد الحادث قبوله استقالة أحمد عبد الله محافظ بورسعيد، كما تقرر إيقاف كل من مديري الأمن والمباحث في المحافظة، وكذلك إقالة مجلس إدارة اتحاد الكرة برئاسة سمير زاهر وإحالتهم جميعا إلى التحقيق.

وقال المشير محمد حسين طنطاوي «لن نترك أولئك الذين كانوا وراء هذه الأعمال، إذا كان هناك أي أحد يخطط لعدم الاستقرار في مصر فلن ينجح، كل واحد سينال جزاءه» ووعد بمعالجة المصابين في مستشفيات القوات المسلحة، وأكد التزامه بجدول تسليم السلطة.

وطالبت إدارة النادي الأهلي عدم الاكتفاء بإقالة محافظ بورسعيد ومدير أمنها والمطالبة بضرورة التحقيق معهما في مسئوليتهما السياسية والجنائية عما حدث لجماهير الأهلي، وأسفر عن موت الشهداء وزيادة أعداد الجرحى والمصابين.

وقرر رئيس اتحاد الكرة حينها الراحل سمير زاهر، إيقاف الدوري المحلي لأجل غير مسمى وإجراء التحقيق ، فيما تم وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق من اتحاد الكرة.

وجمد مجلس إدارة النادي الأهلي في اجتماعه الطارئ نشاطات النادي الرياضية، وأعلن الحداد على ضحايا الأحداث، كما جاء رد فعل النادي سريعا من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس النادي حسن حمدي يوم الخميس 2 فبراير، الذي اتخذت فيه إدارة النادي مجموعة قرارات أبرزها مقاطعة أنشطة رياضية تقام بمدينة بورسعيد لمدة خمس سنوات، والاستمرار في تعليق جميع الأنشطة الرياضية للنادي الأهلي، ومطالبة النادي الأهلي المجلس الأعلى للقوات المسلحة معاملة شهداء ومصابي النادي والرياضة المصرية في الأحداث الأخيرة نفس معاملة شهداء ومصابي الثورة، والحداد الرسمي أربعين يوما على أرواح شهداء الأهلي، واستقبال وفود الجهات الرسمية والأهلية الراغبة في تقديم واجب العزاء في شهداء النادي الأهلي والرياضة المصرية في مقر النادي بالجزيرة لمدة ثلاثة أيام.

وكلفت إدارة الأهلي اللجنة القانونية بالنادي برئاسة المستشار محمود فهمي وعضوية المستشار رجائي عطية والمستشار أسامة قنديل والمستشار أكثم بغدادي لمتابعة بلاغ النادي الأهلي للنائب العام والتحقيقات التي تقوم بها النيابة العامة، فضلا عن إقامة نصب تذكاري بمقر النادي الأهلي بالجزيرة لشهداء الأهلي، واعتبار اليوم الأول من فبراير كل عام يومًا لشهداء الأهلي.

الأمن مسؤول
ومن جانبه، حمل النادي المصري الأمن المسئولية، وتقدم مجلس إدارة النادي برئاسة كامل أبو علي باستقالته، وأصدر النادي المصري بيانًا رسميًا، أكد فيه “مسئولية الأمن الكاملة عن تأمين مباريات الدوري، والتي كانت شرطا من جانب أندية الدوري للموافقة على عودة مسابقة الدوري بعد الثورة، حيث تعهد وزير الداخلية بالتأمين الكامل لكل عناصر اللعبة داخل وخارج الملاعب من قبل أجهزة الأمن، ورفضت كل الأندية في ذلك الوقت عودة النشاط دون ذلك”.

وذكر البيان أن النادي سبق و”رفض كتابة عودة النشاط دون قيام الأجهزة الأمنية بتفتيش الجماهير وتحمل كافة المسئوليات خارج وداخل الملاعب وأثناء انتقال الفرق”.